بقلم: سليم الحسني
ليست تظاهرات الاحتجاج في إيران، صادرة من نقمة جماهيرية على الأوضاع الاقتصادية فقط، وفي المقابل لم تكن فورة سخط وهدأت بعد أن عبّر الغاضبون عن مطاليبهم وبعد أن ساند الشعب حكومته بتظاهرات مليونية. إنما القصة أبعد من هذا وذاك. إنها مشروع الحرب على إيران الذي تم اتخاذ قراره بعد بوادر الهزيمة النهائية لتنظيم داعش، وفشل السعودية في العراق ولبنان واليمن.
حشد من الأحداث والتوقيتات تجمعت في نقطة واحدة، ولم يكن ذلك مصادفة، فهذا ما لا يستقيم مع التنظيم الدقيق للوقائع التي تنتهي كلها باتجاه استهداف إيران، كهدف مرحلي نحو تدمير المنطقة، والعراق منها بطبيعة الحال.
السعودية رفعت شعار التهديد الإيراني للمنطقة بأعلى مستويات الضجيج، رافقه تنسيق مفتوح مع إسرائيل باتجاه التطبيع وتوجيه الجهود ضد إيران.
والرئيس الأميركي ترامب جعل سياسته الخارجية تضع في رأس اهتماماتها تصميم أكبر الأزمات مع طهران، ثم أقدم على مفاجأته بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، في عملية استفزازية موجهة بالدرجة الأولى ضد إيران وحزب الله، وكأنه كان واثقاً من ردة فعل حتمية منهما، ليتخذ من جانبه الخطوة المضادة. لكن إيران وحزب الله، تمسكا بالشكل العقلاني من ردة الفعل والمتمثل بالجهد الدبلوماسي، مع التأكيد على أن القرار بيد الفلسطينيين.
أما إسرائيل فآلاتها النافخة في نيران الفتن لا تتوقف، وهي مركز القيادة المتقدم في مشروع تخريب المنطقة وتفتيتها وتحويلها الى بركان من الأزمات.
عوامل التفجير متوفرة، فهناك عقول ومؤسسات تفكر وتخطط وتأمر وتنهي في واشنطن وتل أبيب، وهناك جهات وأشخاص وحكومات تنفذ، والمال السعودي والاماراتي متاح مبذول حتى لو أفرغتا خزائنهما من أجل التعويض عن هزيمة داعش، واستبدال مشروع التخريب بآخر.
مشروع التخريب الجديد سيكون أخطر وأوسع وأكبر، فمحور الشرّ يستفيد من أخطائه، ولا ينسى أهدافه.
بعيداً عن حماسة الثوريين، وبعيداً عن برود المنعزلين، فالمرحلة الجديدة فيها الكثير من المخاطر، ومما يزيد من خطورتها أن العراق صار من حيث يريد أو لا يريد جزءً من المخطط، وحتى لو أراد أن يعتمد سياسة النأي بالنفس بأحسن صورها وأدق تفاصيلها، فان المؤامرة الدولية لن تتركه وشأنه، لأنه جسر العبور الى إيران.
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة