بقلم:عباس الصباغ
يوصف المشهد العراقي بانه مشهد مأزوم ومنتج للازمات الصارخة، وعادة ماتتزامن اكثر من ازمة طاحنة في وقت واحد، كأن تتزامن ازمة سياسية مع اقتصادية او اقتصادية مع بيئية او سياسية مع عسكرية.. الخ، والازمة في ابسط تعريفاتها هي: صدمة مفاجئة تكون في اغلب الاحيان غير سارة، وتتطّلب قيادة محنّكة وذات رؤية استراتيجية للأمور ومعزّزة بفريق محترف وكفوء ويمتلك القدرة على التنبؤ بالأزمات قبل وقوعها واعداد الخطط المناسبة والبرامج الناجعة لها لاحتوائها واستيعاب الصدمات التي تتركها، والتقليل من آثارها السلبية بعد وضع خارطة طريق للمعالجة لاحتوائها او تفكيكها باقلّ الخسائر، ففي السنوات الاخيرة تعرّض العراق لأخطر ثلاث ازمات كبرى في تاريخه الحديث، فقد كان الامن القومي والسيادة الوطنية والاقتصاد الوطني في خطر محدق، تطلّب كل ذلك قيادة شجاعة وشعبا واعيا وفريقا مهنيا محترفا يتواشج كل ذلك في مستوى الانعطافات الحادة في حالة وقوعها، فليست هنالك ازمة اخطر على الامن القومي كالتي شهدها في حزيران 2014 حين احتل تنظيم داعش مامقداره ثلث مساحة العراق ووصل التهديد الى العاصمة بغداد نفسها، ولكنْ الفريق الامني والقتالي والاستخباري الكفوء نجح في استيعاب صدمة داعش وامتصاص آثاره المروّعة في ظرف ثلاث سنوات شهدت ملاحم بطولية ساهمت فيها جميع الوان الطيف الاثني العراقي عاضدهم فيها الحشدان الشعبي والعشائري وفي كافة مفاصل العمليات القتالية والاستخبارية ولكافة الصنوف المقاتلة في الميدان، لاسيما فصائل الحشد الشعبي والتي كانت جميعها بإمرة القائد العام للقوات المسلحة د. العبادي. وبتضافر جميع هذه العوامل تم تفكيك ازمة طاحنة كادت تودي بالعراق دولة وشعبا ومرتكزات، وبالنهاية تم تحرير التراب الوطني المقدس من رجس الدواعش.
وفي ذات الوقت كان فريق العبادي المهني يقاتل في جبهة اخرى هي جبهة الاقتصاد العراقي الريعي والذي وصل الى حافة الافلاس جراء التذبذب المستمر هبوطا مستمرا في اسعار النفط ممّا اثّر على جميع القطاعات الحياتية والمعيشية والخدماتية وقد نجح هذا الفريق الاقتصادي بقيادة العبادي في الحيلولة في عدم انهيار الاقتصاد العراقي مع ادامة عاجلة ويومية لمتطلبات الحرب ضد داعش، وحالت الاجراءات المالية والنقدية لهذا الفريق دون حدوث ازمة اقتصادية حادة وفي زمن الحرب، وفي هذه الازمة كان الاقتصاد العراقي مهددا بالانهيار وضياع العملة الصعبة وتلاشي البنية التحتية الاقتصادية والاستثمارية للبلد والتي ترفد التنمية المستدامة المطلوبة له، فكانت مسالة تذبذب اسعار النفط ازمة كبيرة جدا كادت تعصف بالاقتصاد الوطني وتجعله تحت رحمة الاملاءات المالية الخارجية وترهن مستقبل البلاد لأجيال قادمة.
ولمّا لم تضع الحرب على داعش اوزارها بعدُ جاء الاستفتاء الممهّد لانفصال اقليم كردستان عن العراق الام كأقسى ازمة كادت تصيب وحدة العراق وتراصّ النسيج المجتمعي والاثني العراقي في الصميم وكانت السيادة الوطنية محل اختبار عسير في هذه الازمة، ولكن التدابير القانونية الحازمة التي اتخذها العبادي وفريقه السياسي وفق الدستور تجاه هذه الازمة الحرجة حالت دون تنفيذ هذا المخطط التقسيمي ووأده في مهده، وحالت تلك الإجراءات الحازمة دون وقوع حرب اهلية لاسمح الله.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثالث والاخير
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثاني