- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قيم الحق في النهضة الحسينية / الجزء الخامس
بقلم: عبود مزهر الكرخي
في بداية جزئي هذا من مقالي البحثي أود أن اشير إلى مسألة مهمة قد يتساءل عنها من يقرأ مقالي وهو أني لم اقم بعمل مقارنة أو موازنة ما بين الأمام الحسين(ع) وبين الطاغية يزيد(عليه لعائن الله)والتي تعمدت بذلك لأني أجد الكثير من الكتاب والمفكرين يقومون بهذه المقارنة ومنهم الكاتب المصري عباس محمود العقاد والتي اعتبرها مقارنة وموازنة لا تقوم على الحق والعدالة وليس لها أي بعد فكري أو موضوعي لأن الأمام أبي عبد الله هو لا يقاس بمستوى البشر وهو سبط رسول الله(ص) وخامس أصحاب الكساء فكيف يتم ذلك ومع أحط الناس وأخسسهم ومع من لعنهم الله ورسوله والتي اشار الله في محكم كتابه عندما ذكر إلى شجرة آل أبي سفيان وبنو أمية بأنها الشجرة الملعونة في محكم كتابه {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}(1)والتي تختص بهم وهناك الكثير من الآيات التي تشير الى ذلك أما نبينا الأكرم محمد(ص)، ومنه قول رسول الله (ص) وقد رأى أبو سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به وأبنه يزيد يسوق به: { لعن الله القائد والراكب والسائق }.(2)
وقد الف أبن الجوزي وهو من كبار علماء الحنابلة كتابا خاصا في وجوب لعن يزيد والبراءة منه، سماه (الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد).
و قد صح عن صالح بن أحمد بن حنبل رحمهما الله قال: قلت لأبي: إن قوما ينسبوننا إلى تولي يزيد! فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله، ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه ؟! فقلت: في أي آية ؟ قال: في قوله تعالى: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }(3)فهل يكون فساد أعظم من القتل ؟! قال ابن الجوزي: وصنف القاضي أبو يعلى كتابا ذكر فيه بيان من يستحق اللعن وذكر منهم يزيد، ثم ذكر حديث: (من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)(4).
وجاء لابن الجوزي: ما رأيكم في رجل حكم ثلاث سنين: قتل في الأولى الحسين بن علي، وفي الثانية أرعب المدينة وأباحها لجيشه، وفي السنة الثالثة ضرب بيت الله بالمنجنيق. قد أفتى كل من سبط ابن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنّة القدامى بكفر يزيد وجواز لعنه. قال اليافعي: (وأمّا حكم من قتل الحسين, أو أمر بقتله, ممّن استحلّ ذلك فهو كافر).(5)
"جاء في كتاب جواهر المطالب في مناقب الامام علي عليه السلام: وكان قد سئل عن يزيد بن معاوية ؟ فقدح فيه وشطح، وقال: لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل(5)، قال: فأما قول السلف فلأحمد ومالك وأبي حنيفة فيه قولان: تلويح وتصريح، ولنا قول واحد هو التصريح، وكيف لا وهو اللاعب بالنرد، والمتصيد بالفهود، ومدمن الخمر"(7).
"قال ابن كثير: وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف، وشرب الخمر، والغنا، والصيد، واتخاذ الغلمان، والقيان، والكلاب، والنطاح بين الكباش، والدباب، والقرود، وما من يوم إلاّ يصبح فيه مخموراً"(8).
و يقول المسعودي: (ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر، سيره سيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته، وأنصف منه لخاصّته وعامّته أخرج أهل المدينة عامله عليهم، وهو عثمان بن محمّد بن أبي سفيان)(9).
وروي أنّ عبد الله بن حنظلة الغسيل وهو من صغار الصحابة وأبن الصحابي غسيل الملائكة قال: (والله ما خرجنا على يزيد، حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، أنّه رجل ينكح امّهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة)(10).
وأيضاً صرّح به المؤرخ اليعقوبي، ويشهد له أيضاً ما تسامع به أهل بيت يزيد أنفسهم من أمره بقتل الحسين (عليه السلام) كما أفصح عنه ولده معاوية حين تولى الحكم وقال: ((إن من أعظم الأمور علينا بسوء مصرعه وبئس منقلبه, وقد قتل عترة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...)) فيما ذكره ابن حجر المكي في صواعقه, ويشهد له رضا يزيد بقتل الإمام (عليه السلام) كما عبّر عنه متكلّم أهل السنّة التفتازاني بقوله في (شرح العقائد النسفية): ((والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين, واستبشاره بذلك, وإهانته أهل بيت الرسول مما تواتر معناه, لعنة الله عليه, وعلى أنصاره وأعوانه))(11).وأيضاً في رواية أخرى عن المعصوم(عليه السلام) نجد أن يزيد قد استحق اللعن بقتله الحسين(عليه السلام)دون شيء آخر كما في الزيارة المعروفة والمروية بالسند الصحيح وهي زيارة عاشوراء عن الإمام الباقر(عليه السلام) فراجع(12).
فهذا هو يزيد فهل من العقل والمنطق أن عمل مقارنة بين سيد الشهداء وريحانة رسول الله(ص) وسيد شباب الجنة الأمام الحسين(ع)وبين هذا السكير الخمار اللعين يزيد والذي لايرعوي عن فعل أي شيء والذي حتى معاوية قد أعترف بحق ابي عبد الله بانه لا يجد فيه للعيب من شيء والتي ذكرناها في اجزائنا السابقة ولهذا فليس من الحكمة والمنطق وكل ذو عقل حصيف ولبيب أن يخلق المقارنة والتي هي باطلة جملة وتفصيلاً وحتى الكاتب والمفكر المصري العقاد يعترف بذلك فيقول" وإذا كانت المعركة كلّها هي معركة الأريحية والنفعية، فالمزية الأولى التي ينبغي توكيدها هُنا للحُسين بن عليّ رضي الله عنه، هي مزيّة نسبه الشّريف ومكانه من محبّة النّبي (عليه الصّلاة والسّلام). إنّ المؤرّخ الذي يكتب هذا الحادث قد يكون عربياً مُسلماً أو يكون من غير العرب والمسلمين، وقد يؤمن بمُحمّد أو ينكر مُحمّداً وغيره من الأنبياء، ولكنّه يخطئ دلالة الحوادث التاريخية إذا استخفّ بهذه المزيّة التي قُلنا إنّها أحقّ مزايا الحُسين بالتوكيد في الصّراع بينه وبين يزيد.
فليس المهمّ أن يؤمن المؤرّخون بقيمة ذلك النّسب الشّريف في نفوسهم أو قيمته في علوم العُلماء وأفكار المفكّرين، ولكنّما المهم أنّ أتباع يزيد كانوا يؤمنون بحقّ ذلك النّسب الشّريف في الرّعاية والمحبّة، وأنّهم مع هذا غلبتهم منافعهم على شعورهم فكانوا من حزب يزيد ولم يكونوا من حزب الحُسين"(13).
ويضيف الكاتب العقاد فيقول "كذلك ينبغي أنْ نذكر حقيقة اُخرى في هذا المقام، وهي أنّ معاوية لم يكن من كتّاب الوحي - كما أشاع خدّام دولته بعد صدر الإسلام -، ولكنّه كان يكتب للنبي عليه السلام في عامّة الحوائج وفي إثبات ما يُجبى من الصدقات وما يُقسّم في أربابها، ولم يُسمع عن ثقة قط أنّه كتب للنبي شيئاً من آيات القرآن الكريم". وحتى روي أنّ امرأة استشارت النّبي صلى الله عليه وآله في التزوّج بمعاوية، فقال لها:(إنّه صعلوك لا مال له)(14).
وهذا قول العقاد مع العلم نحن لا نعول على هذا الكلام ولا نأخذ به ولكن لنببن من هو يزيد وما هو نسبه وأصله ومن مصادرهم وكتابهم والذي هو من المعروف انه أبن زنا وفيه لوثة من في النسب حيث أن ميسون بنت بجدل الكلبية هي أم يزيد بن معاوية , كانت تأتي الفاحشة سرا مع عبد لأبيها ومنه حملت بيزيد، ويروى ان معاوية خاصم ميسون فأرسلها إلى أهلها بمكة وبعد فترة أرجعها إلى الشام وإذا هي حامل....!!!! قال يزيد للإمام الحسن(ر) (يا حسن إني أبغضك) فقال الإمام(ذلك لان الشيطان شارك اباك حينما ساور أمك فاختلط الماءان).
وقال محمد الباقر(ر) { قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقاتل الحسين ابن علي ولد زنا ولا يقتل الأنبياء والأوصياء الا أبناء البغايا }(16).
وهذا العهر والزنا واولاد الحرام موجود عن أغلبية بنو امية ولهذا يقول الكاتب أسامة أنور عكاشة في مقاله المشهور(لتعرفوا يا عرب من هم أولاد الزنا) فيقول "اشتهر الزنا عند العرب في الجاهلية والإسلام على حد سواء , يروى ان قبيلة لما أرادت الإسلام سألت الرسول الأعظم (ص) إن يحل لها الزنا لأنها تعيش على ما تكسبه نسائها". ويضيف ويقول" انه ليس من الصدفة ان يبدأ الصراع في الجاهلية بين أولي الشرف من العرب كبني هاشم ومخزوم وزهرة وغيرهم وبين من اشتهر بالعهر والزنا مثل بني عبد شمس وسلول وهذيل ,وامتد هذا الصراع إلى ما بعد دخول كل العرب الإسلام. ولم تكن من قبيل الصدفة إن اغلب من التحق بالركب الأموي كانوا ممن لهم سوابق بالزنا والبغاء, فهذه المهن تورثا الكراهية والحقد لكل من يتحلى بالعفة والطهارة, إضافة إلى أنها لا تبقي للحياء سبيلا وهي تذهب العفة وتفتح طريق الغدر والإثم.. "(17).
ومن هنا كانت الكتابة عن الامام الحسين(ع) هي تكتب بأحرف من نور وان الأمام قد ترفع عن كل مزايا البشر بل وصل إلى مرتبة الأنبياء والرسل وكان اسمه مكتوب وهذا ما قاله نبينا الأكرم محمد(ص) عندما اسري به ورجع فقال {... فإنّه لَمكتوب عن يمين عرش الله: مصباح هدى , وسفينة نجاة , وإمام خير ويمن , وعزّ وفخر , وبحر علم وذخر }(18).
وكان حديث الرسول الأعظم بأنه { حسين مني وانا من الحسين، أحب الله من أحب حسيناه } فكان الأمام أبي عبد الله يدور في قطب الأنبياء والرسل وكان برعاية سبحانه وتعالى وعينه ولهذا عندما ولد الأمام الحسين هي في المهد مهده الوحي جبرائيل الأمين(19)وهو يتشرف بهز مهد خامس أصحاب الكساء وسيد شباب اهل الجنة. والملك فطرس استشفع بالحسين فردت إليه جناحيه والذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتوسّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإمام أبي عبد الله عليه السلام أن يرد عليه جناحيه، فرجعت(20).
وفي الختام بالنسبة لي احب ان أشير إلى نقطة مهمة وهي اني لا أقلل من قيمة الكتاب والنخب المثقفة الذين كتبوا عن الأمام الحسين(ع) بل أقف لهم أكراماً واجلالاً وهم يستحقون وأشيد بكل جهودهم وكتاباتهم بل أن هذا هو رأي متواضع قدمته حول هذا الموضوع والاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية كما يرد ذلك عند النقاشات وهي وجهة نظر عسى ان تجد لها قبولاً حسناً لمن يقرأها ويتبناها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [الإسراء: 60].
2 ـ تاريخ الطبري 12: 228, وفي أحداث سنة 284. شرح نهج البلاغة 15: 174. وفد أورد كذلك ومنهم نصر بن مزاحم في وقعة صفين (ص118) والمسعودي في مروج الذهب (30: 21) وابن أبي الحديد في شرحه عن نصر بن مزاحم (3: 188).. وأورد هذا الكتاب من علمائنا المفيد في الاختصاص (ص125) والطبرسي في الاحتجاج (1: 269). البلاذري رواها بسنده في أنساب الأشراف (القسم الرابع, الجزء الأول) مع التصريح بأسمائهم.
3 ـ [محمد: 22].
4 ـ ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ـ ج5 ص322.
5 ـ تذكره الخواص لابن الجوزي ص 164.
6 ـ شذرات من ذهب/ ابن العماد الحنبلي: 1/68).
7 ـ كتاب كتاب جواهر المطالب في مناقب الامام علي عليه السلام لابن الدمشقي ج 2 ص 301.
8 ـ ابن كثير في البداية والنهاية ج 11 ص 659.
9 ـ مروج الذهب: 3 / 82.
10 ـ (الكامل: 3 / 310) و (تاريخ الخلفاء: 165).
11 ـ اليعقوبي في تاريخه (2/215).
12 ـ راجع زيارة عاشوراء المروية عن الأمام محمد الباقر(ع).
13 ـ الحُسَين عليه السلام أبو الشّهداء. عبّاس محمود العقّاد منشورات الشّريف الرّضي ص 51. الطبعة الثانية. برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام).
14 ـ نفس المصدر ص 63. شرح سنن النسائي - كتاب النكاح - (باب خطبة الرجل إذا ترك الخاطب أو أذن له) إلى (باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها). صحيح مسلم » كتاب الطلاق » باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها مسألة 1480.
15 ـ مقال تحت عنوان لتعرفوا يا عرب من هم أولاد الزنا كتب الكاتب المصري المعروف أسامة أنور عكاشة هذا المقال والذي نشرته جريدة البينة الجديدة العراقية ذي العدد (1005) في (1/3/2010). وفي العديد من المواقع الالكترونية والصحف والمجلات.
16 ـ نفس المصدر. كامل الزيارات لابن قولويه من صفحة161 ومابعدها إلى صفحة 164. بحار الأنوار | باب 15 قصص زكريا ويحيى عليهما السلام. بحار الأنوار ، المجلسي: 45/209 ـ 212. المجالس العاشورية في ألمآتم الحسينية ص 559. في البحار: «في الأمم الماضية».وكتاب سلمان الفارسي ص 80.
17 ـ نفس المصدر.
18 ـ بحار الأنوار ج 36 / ص 205 / ح 8، طبعة بيروت., الحديث 8. الإمام الحسين (عليه السّلام)مصباحُ هدىً وسفينةُ نجاةٍ المؤلّف: آية الله السيد محمّد تقي المدرسي.
19 ـ السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز ج4 ص46, البحار ج37 ص97, وورد في منتخب الطريحي.
20 ـ المصدر: المنتخب، للشيخ الطريحي، ص: 245ـ 246. دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري، ص190. تفسير نور الثقلين: الشيخ الحويزي، ج4/ص348. الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي، ص339. الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي، ج1/ ص252. مناقب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب، ج3/ص229. مدينة المعاجز: السيد هاشم البحراني، ج3/ص437. بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج26/ص341. العوالم، الإمام الحسين عليه السلام: الشيخ عبد الله البحراني، ص18. الأنوار البهية: الشيخ عباس القمي، ص99. شجرة طوبى: الشيخ محمد مهدي الحائري، ج2/ص260. جامع أحاديث الشيعة: السيد البروجردي، ج12/ص453. مسند الإمام الرضا عليه السلام: الشيخ عزيز الله العطاردي، ج1/ص145. معجم رجال الحديث: السيد الخوئي، ج17/ص167. بشارة المصطفى: محمد بن علي الطبري، ص338.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول