- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من وراء لف جثمان طالباني بالعلم الكوردستاني ؟
الكاتب والمحلل السياسي محمود الهاشمي
لم تكن عملية لف جثمان المرحوم طالباني بعلم شمال العراق وتشيعه في محافظة السليمانية اليوم الجمعة , بالقضية العابرة , بل هو جزء من المخطط الذي سعى له مسعود في خلق اجواء من التوتر بين بغداد واهالي الشمال, وجزء من مسلسل الاستفتاء , الذي يريد له ان يذهب الى الاستقلال.!!
الذين يعنون بشأن شمال العراق وطبيعة الثقافة التي يتلقاها المواطن هناك , يدرك -تماما -ان ما حدث من استفتاء ومن تمزيق العلم العراقي ورفع العلم الاسرائيلي , وكتابة (وداعا ياعراق) على واجهات السيارات وهي تجوب شوارع الشمال , وما سمعناه من شتيمة ولعنة وجفوة مع البلد , هي حقائق صنعتها عملية ترسيخ قيم الكراهية والحقد على العرب خاصة وعلى العراق والانتماء له بشكل عام. تلك مشكلة , لم نفكر ان نعالجها قط , فقد تركنا أمر الشمال بيد ثلة حاقدة , ترى في الكراهية (للعرب وللقوميات الاخرى) وسيلة للحصول على المناصب , بل أفضل طريق في كسب المواطن الكوردي في الانتخابات. ربما لايعلم كثيرون ان جيل التسعينات في الشمال ليس فيهم من يتكلم العربية , وهؤلاء يتعرضون الى ثقافة باللغة الكوردية قاسية ضد الاخرين , وحين تطالع الصحف الكوردية صباحا تجد , ان فيها ماليس عند السياسيين الاكراد , حيث يبدو ان لديهم ثقافتان , واحدة لمواطنيهم واخرى في التعامل مع الاخرين!!
الاحزاب الكوردية كانت في حرج شديد امام مواطنيها في السليمانية وبقية المحافظات عند تشييع جثمان جلال طالباني , فقد ثقفوا الناس على كراهية العلم العراقي , وأقنعوهم في الذهاب الى الاستفتاء يعني الذهاب الى الاستقلال , والى الحرية , وان معاناتهم سببها (بغداد)!!
ماحدث من استفتاء ومن تشيع جثمان طالباني ملفوفا بعلم الاقليم , كان أمرا سياسيا بامتياز قام به مسعود وزمرته وهي أمور تستدعي المراجعة, فلايجوز أن يترك الشعب هناك يتربى على هذا النوع من الكراهية للاخرين , علما أن مسعود كان يمقت جلال طالباني , حيث لم يزره في مرضه , ولم يحضر القمة العربية التي انعقدت في بغداد لانها برئاسة جلال طالباني , وبينهم تأريخ من الدماء لكنه الان يسوّق نفسه على انه الاسم الاول في الاقليم , ويتولى مراسيم التشييع ويضع اكليل الزهور على القبر قبل رئيس الجمهورية معصوم وقبل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري!! بالقدر الذي نطالب فيه الدولة العراقية ان تتخذ كل الاجراءات التي من شانها ابطال كل مخططات مسعود ومن يقف معه عبر سلسلة العقوبات التي تمت المصادقة عليها , ندعو كذلك الجهات ذات الاختصاص لتأخذ دورها في متابعة النقاط التي اسلفنا الحديث عنها , وان تتوقف عند البروتوكولات واهمية تطبيقها فأن الرئيس المرحوم جلال طالباني , ربما كان قد كتب وصية بلف جثمانه بعلم الاقليم وليس بالعلم العراقي , وهنا لابد من اتخاذ اجراءات ادارية تخص امتيازاته كرئيس وقطعها , لان الحكومة العراقية تعاملت معه كرئيس دولة تعرض لمرض ثم للوفاة , كما تصدر فيه قرارا بذلك, يتم فيه التعامل معه من تاريخ الوصية على انه مستقيل من منصبه.
من خلال تصريحات القيادات السياسية للاتحاد الوطني الكوردستاني الذي ينتمي له المرحوم طالباني يثبت ان هناك حالة من التخبط في الراي , حيث ان العلم العراقي كان موجودا في السيارة التي اقلت جثمان طالباني , وان السلام الجمهوري العرقي قد عزف في المطار , ولكن يبدو ان تدخلا وتعليمات اخرى صدرت غيرت العلم , وغيرت طريق المراسيم , والبعض يحمل مسعود بارزاني المسؤولية , فيما كتلة الاتحاد الوطني في مجلس النواب العراقي طالبت المكتب السياسي للاتحاد بالتحقيق في ملابسات تشييع الطالباني واعتبروا ما حصل قد قلل من شان الاتحاد عراقيا وعربيا. بعض المقربين من اسرة طالباني أكدوا ان اسرة طالباني هي من أصرت على لف جثمان الرئيس طالباني بعلم الاقليم , وهذا الكلام مردود لان عملية المراسيم يتم الاتفاق عليها بالتفاصيل من البدء بنقل الجثمان , حتى ادخاله في القبر , ولو كانت الحكومة العراقية تعرف اصرار اسرة طالباني على قضية العلم لما شاركت في المراسيم , لان الامر تحول من قضية عامة الى خاصة , فيما تعلن الحكومة عن هذه المداخلات وتعرضها للشعب حتى لا يلتبس الامر عليه.
بشكل عام هناك تقصيران الاول يقع على الحكومة العراقية لانها لم تمسك بتفاصيل المراسيم , وتعاملت معها وكأنه أمر لايخصها , والتقصير الثاني يقع على حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني والذي يبدو انه فيه اكثر من قرار.
لكن خاتمة القول يجب ان نورد فيها ما اكدته النائبة ئالا طالباني بأنها رافقت جثمان المرحوم جلال طالباني من ألمانيا الى العراق واشارت في بيان لها ان العلم العراقي كان مع الجثمان لحين حطت الطائرة بالسليمانية ولكن أفراد التشريفات التابعين لحكومة الاقليم هم من غيروا العلم وخلقوا الأزمة!! وهناًيبدو ان السيد مسعود بارزاني قد استكثر على مام ان يلف جثمانه بعلم العراق،انتقاما منه وهو ميت،حيث انه كان يعتبره غريمه الاول وبينهم تاريخ من الدماء،ويعتبره انشق عن آبيه عام ١٩٦٥م.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد