- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المقامرة بالعراقيين في سوريا!
بقلم:علي وجيه
بصراحة، هذه ليست المرّة الأولى التي يخيّب فيها بشّار الأسد ظنّ الجاليات غير العراقية في العراق، وذلك بشُكره مَن وقف مع سوريا: وهُم إيران، روسيا، وحزب الله في لبنان.
ليس جديداً على بشّار الأسد هذا الموقف، وليس جديداً علينا، الجديد هو صورُ الشهداء التي تتزايد يومياً في الطريق بين منزلي وعملي، كلّهم شبابٌ لم يبلغوا الخامسة والعشرين، وسقطوا بالدفاع عن "المقدسات" في سوريا.
يوم لم يركّز رئيس الوزراء العبادي على شُكر الحشد الشعبي، في بيانه الذي أعلن فيه تحرير الموصل، خرجت الجيوش الألكترونية، وأنواع الشتائم ضدّ العبادي، ومَن يقف مع العبادي، ومَن لا يشتم العبادي، ووُصف الرجل بأقذع الأوصاف، رغم أنه قام بتحيّة فتوى الجهاد الكفائي، مرّتين، التي أنتجت الحشد الشعبي، وذات الذين شتموا العبادي، قالوا: بشّار الأسد هنا سياسي، حتى لا يُحرج العراق سياسياً، "لا بشرفكم؟!".
سنوات طويلة، وأبناؤنا يذهبون للدفاع عن آخر نظامٍ بعثيّ بالمنطقة، النظام الذي صنع الثلاثاء الأسود، والخميس الدامي، والأربعاء الدامي، صهاريج مفخخة وانتحاريون كانوا يتدربون باللاذقية، ولم ينقضِ الوقت حتى خرج لنا معممٌ من الذين يقاتلون هناك وقال بالحرف الواحد "الدفاع عن بشار الأسد هو دفاعٌ عن الإمام الحسين"!
لماذا لم يشكر الأسد العراق؟! العراق يقول: ليس لدينا حشدٌ خارج العراق، ما هو خارج العراق ليس حشداً، والسيستاني لم يُصدر فتوى ليجيز القتال هناك، يتحدثون: هذا عمقُنا الستراتيجي، أيّ عمق ستراتيجي؟! ومَن الأولى؟ القتال في حلب؟ أم تأديب العشائر المنفلتة في البصرة؟! القتال في مناطق سوريا، أم غلق الحدود أمام المخدرات والكريستال؟! تحرير المناطق خارج العراق؟ أم إنقاذ الشرقاط، والزاب، والحويجة، وغيرها؟!
ما لكم تقامرون بأبنائنا؟! ولماذا تمزجون المقدسات بطموحاتكم السياسية وطموحات إيران؟ ولماذا تتباكون حين يظهر ابن الشهيد أمام بيت من "تنك" ليس فيه رغيف؟! ألستم مَن زوّقتم موته، لأسباب لا يفهمها، ولماذا أحرقتم الدنيا علينا حين فرحنا بدعوات ضمّ الحشد الشعبي للقوات الأمنية؟ أليس ذلك ما يحفظ مستقبلهم ومستقبل أسرهم؟!
لم يشكركم بشار الأسد، نعم، لكنه شكر إيران، وذلك واضح جداً لكلّ ذي لب، ضريحُ زينب الكبرى (عليها السلام) يبعدُ عن المناطق التي يُقتل فيها أبناؤنا أكثر من 400 كم، وهنا في العراق نحن أحوج لهم، محرّرين، وموظّفين، وعمّالاً وغيرها!
هل كُتب على هذه البقعة الملعونة التي اسمُها العراق أن "تطشّر" أبناءها على الدول؟ ليأتي بشّار الأسد ويشكر الجميع إلاّ هؤلاء الأبناء؟ وهل كُتب علينا إرسال أبنائنا وأخوتنا لمآرب ليس للعراق فيها ناقةٌ ولا جمل؟
لن يشكركم بشّار الأسد، كعراقيين، وستبقى الفيديوهات التي يظهر فيها أسرانا لدى تنظيم النصرة الإرهابي، وصمة عارٍ علينا، رغم أننا لم نصمت على تضييع دم الشباب من أجل هذه المعركة، التي لا تديم إلاّ مصالح "ماما إيران"، تلك المصالح التي لا تنمو بعراقٍ قوي!
يولد الشاب، تنمّيه أمّه وأبوه بدمعٍ وسهرٍ وتعب، وما أن يكبر، حتى يذهب هناك، ليعود ويكون مجرّد فلكس في الشارع، تدريجياً تغادره ألوانه، ويملّ أبوه من الوقوف أمام الصورة وقراءة صورة الفاتحة، بينما تقرع الدول المحيطة كؤوسها بصحّة أبناء الملحة، أولئك الذين كلّ شيء لديهم غال: إلاّ دماؤهم!
لن يشكرنا بشّار الأسد، ولن نحتاج شكره، نحتاج فقط إلى غلق أبوابنا على أبنائنا، كما تفعل إيران، شاهدوا شبابهم وتسريحاتهم ورقصهم في طهران، وشاهدوا النسخة التي أُرسلت إليكم من إيران.
يعيش بشّار الأسد ومحور المقاومة والممانعة! يعيش السيّد نوري المالكي، يعيش الكل، ونموت نحن!