سامي جواد كاظم
لو قمنا باستعراض الثورات التي حدثت في العالم (اسلامي او غير اسلامي) سنجد ابطالها اما رجال دين او فقراء، ولا تجد اصلا لعلماني اي دور ثوري او وطني، ولكنه يجلس جانبا ويتربص الاحداث وبعد نجاح الثورة ومنحه الحرية في التعبير يبدا يتفلسف بعبارات طاعنة بمبادئ الثورة، ليس في كل الاحوال الثورات على حق ولكن دائما العلماني لا يريد ان يدفع الثمن للوصول الى السلطة، وكل طغاة العالم يتسلطون اما بمؤامرة وانقلاب او بمؤازرة قوى خارجية، والا الثورات الفعلية الجماهيرية الناجحة تجدها اسلامية بحتة ويقوم بها الفقراء.
اول ثورة في العهد الاسلامي كانت على الخليفة الثالث قامت باسم الدين ومن قبل رجال الدين، ومن ثم توالت بقية الثورات على الحكم الاموي ابتداء من ثورة سيد الشهداء عليه السلام وحتى سقوط الدولة الاموية وتبعها العباسية، وفي القرون الوسطى بالخصوص ثورات امريكا واوربا، قام بها الفقراء ورجال الدين، ولايوجد لمصطلح ليبرالي او علماني، لربما ينجح ثائر ما بثورته تحت مسميات اقتصادية او دينية او التعبير بحرية، ولكنه بعد ان ينجح ينقض على المبادئ التي نادى بها.
والا العلمانية هي اصلا جاء بها رجل دين (القسيس مارتن لوثر) ولم يكن في خلده مصطلح العلمانية او الليبرالية، ولكنه وجد ظلم القساوسة وفق المعايير الدينية للدين المسيحي، فنهض ثائرا باسم المسيحية ضد المستخدمين للمسيحية ظلما وبهتانا.
في العصر الحديث ثورة العشرين في العراق قام بها رجال دين، ثورات الربيع العربي بين الدينية والفقرائية، ثورة ايران قام بها رجال الدين، واليوم التي يقال عنها ثورات الربيع العربي لم يكن للعلماني اي دور فيها، وتجده بعد نجاح هذه الثورات يخرج لنا لسانه السليط لينظر وينتقد.
مشكلتهم في استخدام تعابير تنطلي على الطلي فقط، الاسلام السياسي والدولة للمواطن والدين لله وما الى ذلك، ولو انه يعلم حقا حقا مبادئه لنهض بثورة من اجلها، هم يقرون الشاه طاغوت ومبارك طاغوت وزين العابدين طاغوت، فلماذا لم يكن لكم دور في اسقاطهم ؟ ولكن بعدما يقوم الفقير او رجل الدين باسقاطهم ياتي دور العلماني ليتربع على السلطة مدعيا العدالة والحرية.
مسالة ولاية الفقيه الاكثر جدلا بين الناس، وانا لست ممن يدعو او يرفض هذا المصطلح، ولكن من يعتمد هذا المبدا فانه جاء به بدمائه ولم يكن بعطاء الناقدين ففي الوقت الذي قام وقاد السيد الخميني ثورته ناله ما ناله من ظلم الشاه من اعتقالات وتشريد ونفي واغتيال ذويه واصدقائه حتى سقط الشاه ليظهر لنا حكام الخليج الذين تسلطوا بمؤامرات انكليزية امريكية صهيونية ليتحدثوا عن الظلم ناعتين بها ولاية الفقيه، قد تكون هنالك مؤاخذات على من يتحدث باسم الدين والخلل فيه وليس في الدين، والمشكلة بالمسؤول عندما يكون مفتي.
الانسان مهما كان هو اما مقلد (بفتح اللام) او مقلد (بكسر اللام) او محتاط، وهذه الثلاثة تشمل كل مفردات حياته وليس الامور العبادية فقط، واما ان تكون له الحرية بالعبث بمصائر الناس اذا تسلط على رقابهم وفق اجتهاده فهذا هو الظلم بعينه.
الان الحكام الذين يفوزون انتخابيا لا يترشحون الا بموافقة كواليس المتسلطين خفية، فلا يمكن لاي رئيس امريكي ان يترشح ويفوز بالانتخابات مالم ينجح بالاختبار الذي يجريه الكونغرس خلف الكواليس، لا يمكن ان ياتي مرشح للرئاسة من غير ان يُرشح بفلترات سياسية خفية.