- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق والسعودية.. العلاقة المستحيلة
حجم النص
بقلم: سليم الحسني بعد يومين من تشكيل حكومة العبادي عام ٢٠١٤ خدعت السعودية حكومته بمؤتمرها لمكافحة الإرهاب، وقد حصلت من وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري ـ الذي سافر من دون استشارة العبادي ـ على تصريح ثمين بأن السعودية مستهدفة من قبل الإرهاب، ولم تكن السعودية تطمح بأكثر من تلك التزكية من الدولة الأولى المتضررة من الإرهاب السعودي والقطري، حيث كانت داعش تحتل ثلث مساحة العراق. ثم استغلت السعودية تشكيل إدارة أوباما للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، فانضمت اليه الى جانب قطر، من دون أن يتخذ العبادي قراراً بشأن تحديد طبيعة أعضائه، وبذلك منح السعودية تزكية لها ولقطر على انهما تحاربان الإرهاب، أي أنهما ليستا متورطتين فيه، وليس لهما دخل فيما لحق الشعب العراقي من مآس مفجعة على مدى السنوات الماضية من قتل وتفجيرات وتخريب واحتلال لأراضيه. تبع ذلك نشاط بالغ الاندفاع من قبل وزير الخارجية إبراهيم الجعفري مشفوعاً بتصريحات من العبادي، بفتح صفحة جديدة مع السعودية، وكأن العراق هو الذي أخطأ بحق السعودية، فقصدها يقدم اعتذاره بفتح صفحة جديدة. وكان من نتائج هذه الصفحة تعيين السفير السبهان الذي قاد ودعم ووجه الإرهاب في العراق، وحدثت التفجيرات الدموية المتكررة طوال فترة سفارته. في الصفحة الجديدة من العلاقات التي فتحها العبادي مع السعودية وقطر، كانت اجهزتهما الإعلامية الرسمية تشنان أبشع الهجمات ضد الحشد الشعبي، وتصفانه بالمليشيات الشيعية، وتختلقان له القصص حول جرائمه وتجاوزاته على المناطق السنية، في الوقت الذي كان أبطال الحشد الشعبي يقدمون التضحيات الجسيمة من أجل تحرير المناطق السنية من سيطرة تنظيمات داعش التي يسميها الخليجيون تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الصفحة الجديدة من العلاقات، كانت السعودية وقطر ومعهما تركيا، يعملون على مشروع تقسيم العراق، ودعم فكرة الإقليم السني وتشجيع الأكراد على خلق الأزمات مع الحكومة المركزية. السعودية الأكثر سوءً وشراً من بين دولة المنطقة بفعل فكرها الوهابي التكفيري، انحدرت درجات في السوء والشر في فترة الملك سلمان، فلقد انتهى جيل السياسيين المخضرمين على ما هم عليه من نزعات عدوانية، وانحصرت الأمور بيد بن سلمان، شاب يريد أن يكون زعيماً بطموحات منفلتة، يشجعه على ذلك عجز والده وانهيار قواه العقلية. أنهى محمد بن سلمان، حقبة طويلة من السلوك السياسي السعودي في التعامل مع الازمات الإقليمية، فبعد ان كانت السعودية تستخدم أسلوب الوكلاء، اعتمد بن سلمان أسلوب العمل السعودي المباشر، وكانت تجربته الأولى في العدوان على اليمن، قد اختار لها اسماً رمزياً (عاصفة الحزم) في دلالة على توجهاته لتقمص شخصية البطل الصارم. في لقاءاته التلفزيونية يتحدث بن سلمان عن مملكة خيالية تملأ رأسه، مملكة جديدة ستشهد قفزات اقتصادية عريضة، وتطورات تقنية مذهلة، وانفجار عمراني يأخذ بالأبصار. ويتحدث عن توقيتات زمنية وعن طموحات تفوق مخططات اليابان والصين طموحاً، واحياناً واثناء اللقاء يرتجل مشروعاً عملاقاً. فهذا الشاب مأخوذ ببريق القوة الخرافية، وبحلم خارق بأنه سيكون رجل المنطقة وصانع الأحداث والعقل الذي يديرها من قصره في الرياض. السعودية هذه ليست هي نفسها على عهد الملك عبد الله وما قبله، إنها مملكة جديدة أكثر سوءً، مملكة بن سلمان الذي يحمل صولجان الملك وختمه. وعليه فمن يريد أن يتعامل معها عليه أن يضع هذا المتغير الكبير الذي طرأ عليها. لن تنفع كل محاولات العراق الجديد في كف الشر السعودي عن العراق، فكيف سيستطيع العبادي فعل ذلك في سعودية بن سلمان؟ مهمة محكومة بالفشل مهما بذل العبادي من دبلوماسية وموضوعية، لأن محاوره شاب موقور الأذنين بالغرور والعناد.
أقرأ ايضاً
- التعدد السكاني أزمة السياسة العراقية القادمة
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى