- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"الحشد الشعبي" عند الحدود العراقية السورية.. نراه مكسباً، ويرونه تهديداً
حجم النص
بقلم:عادل عبد المهدي يعتبر وصول او اقتراب قوات من الحشد الشعبي الى الحدود العراقية السورية في عدة محاور بدءاً من جبال سنجار وباتجاه القائم المقابلة لـ "البوكمال" السورية، اضافة لسيطرة قوات البيشمركة والقوات العشائرية والايزدية على مساحات مهمة من الحدود، ووصول القوات السورية النظامية الى الحدود السورية العراقية شمال شرق التنف في عمق البادية السورية، لتعزز تواجداتها القريبة من الحدود في الرقة ودير الزور وميادين، اضافة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" لمساحات غير قليلة من الحدود شمالاً، وقوات المعارضة السورية المدعومة امريكياً في منطقة البادية في المثلث السوري الاردني العراقي والتي تحارب كلها "داعش" تحولاً استراتيجياً مهماً في معطيات الحرب ضد الارهاب. فللمرة الاولى تقف قوات على جانبي الحدود تتصدى لـ"داعش" وتهدد تواجداتها وتقطع عليها طرق امداداتها وعملياتها. ولعل هذا التحول، ان اديم وتوسع وتواصلت وتعاونت القوات المعادية لـ"داعش" داخل كل بلد، او على طرفي الحدود، فانه سيساعد يقيناً ليس بالاسراع في تحرير المتبقي من المناطق تحت سيطرة "داعش" وحلفاءها في البلدين، بتضحيات اقل وسهولة اكبر، بل في تحسين الحالة الامنية والسياسية في العراق وسوريا والمنطقة عموماً. لهذا نرى في ذلك تقدماً كبيراً لان هدفنا الاول هو "داعش" وحلفاءها، بينما ترى قوى اخرى اشياء ثانية. فـ"اسرائيل" ترى في ذلك انتكاسة لان عدوها الاول هو ايران و"حزب الله" وليس "داعش". فلا ترى انجاز "الحشد الشعبي" كانجاز للقوات المسلحة، باعتباره جزءاً منها، بل تراه كانجاز ايراني يربط بين ايران والعراق وسوريا وحزب الله. كذلك لن ترى قوى عراقية واقليمية ودولية هذا الانجاز بذات الحماس الذي نراه، رغم مقاتلتها "داعش" ايضاً، لانها تخلط هذا الهدف باهداف اخرى، مما يشوش حساباتها عراقياً وسورياً، فيما يتعلق بالتوازنات العربية/الكردية/التركمانية/الازدية/المسيحية، او الشيعية/السنية، دون ان ننسى ثقل تركيا ايضاً وما تراه من توازنات خصوصاً ما يتعلق بقوات "سوريا الديمقراطية" المصنفة لديها كمنظمة ارهابية. يعتبر هذا الانجاز من اهم انجازات معارك الانبار والموصل.. اذ لم نشهد سيطرة على الحدود منذ 2003 وليومنا هذا.. وكلنا يتذكر كيف كانت المنظمات الارهابية تتمتع بحرية حركة وتواجد في سوريا، او في تركيا، حتى اكتوى البلدان بنار الارهاب و"داعش". فمعظم الهجمات الارهابية عندنا كانت تستخدم اراضي الجوار بحجة محاربة الاحتلال الامريكي.. وهو ما ساعد لا على تقوية الارهاب و"داعش" داخل العراق فحسب، بل على تقويتها في سوريا وتركيا وبقية البلدان المحيطة والبعيدة. ليأتي اعلان "الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام" كنتيجة طبيعية لذلك كله.. لهذا نشدد على اهمية التركيز على اولوية محاربة الارهاب و"داعش" وعدم خلطها بملفات واولويات وحساسيات اخرى لن تقود في النهاية سوى الى تقوية الارهاب. هذا التطور الميداني الاستراتيجي يجب ان يدعمه موقف استراتيجي واضح بمستواه في العلاقات، والا سرعان ما سنغرق في اشكالات تفصيلية وتصادمات ليرتد علينا المشهد مجدداً. فلادامة هذه الانجاز والزخم لابد من التشديد ان المعركة ضد "داعش" يجب ان لا تكون غطاءاً لتحقيق مكاسب على غير قوى "داعش"، وحلفاءها. فلابد من تطمين كافة الاطراف بكافة توازناتها وحساسياتها بهذه الحقيقة والبرهان عليها بمواقف عملية، وليس البقاء عند الجانب الخطابي فقط. فالهدف ليس مد طريق بري لايران الى لبنان.. وليس لاقامة هلال شيعي.. او تأسيس دولة كردية.. او تطهير مناطق ايزدية او شيعية او سنية او عربية او كردية او تركمانية او مسيحية، بل الهدف محاربة "داعش" وتحقيق الانتصار. فلابد من وضوح حدود كل طرف، حتى ولو بتفاهمات ضمنية، دون ان يعني ذلك القبول بتجزأة المنطقة وقواها، والتضحية ببناء اللوجستيكيات المطلوبة للنجاح ضد الارهاب. فاذا كان الاخرون يرفضون المحاصرة والابتزاز وهذا حق لهم، فالقوى المقابلة ترفض ايضاً ان تحاصر وتبتز، وان تبقى دماؤها تهدر بمجازر بشرية جماعية يومية، بسبب خلط الملفات وتقديم اولويات اخرى على اولوية محاربة الارهاب و"داعش".
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- دور الاسرة في تعزيز الوعي بالقانون عند افرادها
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة