حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال ليس فينا من لا يدرك أن شهر رمضان المبارك يمكن أن يكون بالنسبة للمرء مناسبة للوقوف في محطة التفكر وإعادة النظر في مسيرة الحياة الشخصية في تربية النفس وتهذيبها. وذلك عن طريق محاسبتها بالإمتناع عن الإنسياق السريع الأعمى لأوامر الغرائز وتلبية نداء الشهوات والملذات. وعادة إن الإنسان ميّال بل توّاق لامتلاك الخير طوال مسيرة حياته. والله سبحانه وتعالى أرأف بعباده من كل مخلوق سواه يفيض على العباد بالخير والبركة والسعادة وكل الفيوضات. وقد قال في محكم كتابه الكريم وخطابه العظيم (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) ـ البقرة 184/ وإخبار الباري عز وجل عباده بالخير الذي هو مصدره فلابد انه خير كثير وافر عام في شموليته فهو يشمل كل المجتمعات من ناحية والأشخاص من ناحية أخرى وعندما يختص بالأشخاص فسوف يشمل الأبدان والأرواح وحتى العقول والضمائر. وللصيام آثار كثيرة وكبيرة ومهمة. من هذه الآثار الإمتناع عن الأكل والشرب وهذا الإمتناع أو التقليل الذي يسبب الجوع يساعد الجسم على اكتسابه صحة وعافية ويمرن الأعضاء على العمل المنتظم المريح ويمنح المعدة فرصة لتستريح لفترة معينة. ويقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن المعدة بيت الداء. وبذاك يكون الجسم سليما صحيحا معافى لا علة فيه. وسلامة الجسم تجعل كل ما فيه محاطا بالسلامة والأمان، وأول ما يتمتع بهذه السلامة العقل الذي هو أشرف الخواص الإنسانية، عندها يسلم الشعور ويحسَن التصرف. وكذلك القلب ذلك الجهاز الفاعل العامل على مدار الساعة في قبول ورفض كل ما هو سيئ وما هو حسن. وهو أفضل وعاءٍ تستقر به التقوى عندما يصبح خاليا من كل زيغ وسُقم. وقد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا يصدر عن القلب السليم إلا المعنى السليم. وقال صلوات الله عليه الصحة بضاعة، والتواني إضاعة، إن من النعم سعة المال وأفضل من سعة المال صحة البدن وأفضل من صحة البدن تقوى القلب. وقد قال الشاعر: سلامة القلب نحتني عن الزلل وشعلة العلم دلتني على العمل إذن القلب السليم يكون وعاءً للخير خاليا من العقائد الفاسدة والميل السريع اللامدرك إلى الملذات والشهوات.وخلوِّه من صفة الإصرار على الذنب يجعله مُتَسَعا ومتَسِعا لذكر الله وحده حسب. ولا يجتمع في قلب واحد ذكر وحب الله وحب سواه. وتأثير سلامة القلب على الجوارح كبير جدا كون إن القلب إذا سلم سلمت سائر الجوارح من كل فساد. من أجل هذا المعنى إنبثق حديث رسول الله صلى الله عليه وآله (من صام صامت جوارحه). وصوم الجوارح يعني صونها من السيئات وارتكاب المعاصي. ومن جملة المحارم والمكاره والشبهات والآثام للسمع والبصر واللسان. مثلما للصوم محفزات وأسباب وفوائد فله نتائج وآثار إيجابية تنعكس على سلوك الفرد واستقامته. ومن تلك الآثار ملكة السمو على تفاهة الدنيا الفانية ورفض إغراءاتها، تلك الملكة يخلفها في النفس التحمل و التصبر والصبر الجميل، خصوصا عندما تكون غاية هذا الصبر هي الطاعة والطاعة حسب، التي اقترنت بالحياء من الله عز وجل وليس من مخلوق آخر.
أقرأ ايضاً
- شرح دعاء اليوم الثلاثين من شهر رمضان المبارك
- السيد السيستاني مدرسة وفكر واعتدال
- المدرسة الإنكليزية في الإستشراق