حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ لايختلفُ اي اثنين من "المحيط" الى "الخليج" على أن جميع مؤتمرات القمم العربية، الاستثنائية منها او العادية والتي تعقد تحت مظلة جامعة الدول العربية(تأسست سنة 46) ، لم تحقّق شيئا ملموسا يصبّ في خدمة الشعوب العربية سواء على المستوى الأمني ام الاقتصادي ام السياسي وغير ذلك باعتبار أن مؤتمرات القمة وكما متعارف دوليا عليه تتناول أهم القضايا الإستراتيجية للشعوب التي فوّضت حكوماتها وعلى اعلى مستوى للمشاركة في القمم التي تأمل منها الكثير من المنجزات وعلى كافة الأصعدة وتخرج بجملة توصيات مهمة إلا مؤتمرات القمة العربية ابتداء من (انشاص 64) وانتهاء بقمة ( البحر الميت 2017)، فهي مؤتمرات هشة تعقد بصورة روتينية وتكون مناسبة لمراسيم بروتوكولية شكلية تجمع رؤساء الوفود التي تحضر، وغالبا ماتغيب عن هذه المؤتمرات القضايا الإستراتيجية التي تهمّ الشعوب العربية فهي إن حدثت فستكون مجرد لقاءات تشاورية لاقيمة عملية لها وقد تأتي بالضد من مصالح هذه الشعوب وتطلعاتها، فهي مجرد مؤتمرات لسرد البيانات الإنشائية الركيكة والسطحية والحافلة ب(التأكيدات) و(التشديدات) والأماني المؤجلة والمقررات الوهمية والتي يحسبها الظمآن ماء وهي سراب ، فهي قمم مجازية بمستوى الحضور فقط وليس بمستوى الانجاز فلم تكن أية قمة عربية قمة انجاز لحد الآن رغم ضخامة وخطورة الملفات التي تتطرّق إليها والتي تكون مدار بحث ونقاش ومداولة الأعضاء فهي تبدأ بمراسيم بروتوكولية عادية وحسب المستوى التمثيلي وتنتهي بإجراء روتيني ايضا يُكلل ببيان ختامي لايختلف عن جملة البيانات الختامية السابقة له يكون ملف القضية الفلسطينية (المركزية سابقا) متصدرا نقاط هذا البيان ثم العروج على أهم القضايا المستجدة والإشارة إليها من باب (التأكيدات) و(التشديدات) ذاتها و(الأماني) الحارة وقد تُردف باستنكارات وإدانات شديدة اللهجة إن استدعى الموقف ذلك ومن ثم ينتهي مشهد القمة بالتقاط صور جماعية تذكارية لجميع من حضر لاستكمال ديكور القمة وإظهارها بمظهر (النجاح). إن تذبذب المستوى التمثيلي المستمر لأغلب حكومات الدخول العربية يعكس عدم قناعة هذه الحكومات ـ فضلا عن شعوبهم ـ بهذه المؤتمرات والتي تحوّلت الى مجرد لقاءات دورية عابرة ومؤتمرات فارغة المحتوى لم تكن لتخلو الكثير منها من فصول دراماتيكية بعضها حملت أجواء تشاحن ومهاترات سياسية عكست الواقع المأزوم بين بعض الدول بينما حملت بعضها أجواء للسخرية والاستهزاء و"تلطيف" الأجواء كما كانت تحصل عندما كان الرئيس القذافي يدلي بآرائه مثيرة الجدل!! وعراقيا... فان مؤتمرات القمة العربية وعلى طول الخط لم تكن مؤتمرات مصيرية وخاصة مايتعلّق منها بالشأن العراقي ورغم المنعطفات الخطيرة التي مرّ بها العراق فالشأن العراقي لم يكن يوما ما محورا جديا او مفصليا ورغم أهمية العراق كدولة محورية في المنطقة ورغم كونه بلدا مؤسسا وفاعلا في جامعة الدول العربية ـ 22 عضوا باستثناء سوريا التي علّقت جامعة الدول العربية عضويتها منذ العام 2011ـ وهي المنظمة الراعية لمؤتمرات القمة فكانت مؤتمرات القمة تتخذ موقف الممالأة للنظام السابق والتفرّج على كوارث الشعب العراقي ومآسيه إبان ذلك العهد، ولم تتخذ موقفا حازما او قرارا يصبّ في مصلحة الشعب العراقي ولو من بعيد وحتى بعد أن احتل تنظيم داعش أراضي شاسعة من العراق ومارس شذوذه التكفيري وإجرامه بحق العراقيين، فجميع (الأشقاء) يعلمون علم اليقين أن داعش انبثق من تنظيم القاعدة الذي مارس عمليات إرهابية بدعم وإسناد بعض دول الجوار ومنذ 2003 ولأسباب سيا/ طائفية ، فلم تتحرّك جامعة الدول العربية قيد أنملة لتطويق منابع تمويل داعش ومراكز الدعم له (وهي كلها مكشوفة ومعروفة للجميع) او حتى الإشارة اليها م باب إسقاط الفرض عدا مصفوفات لغوية ركيكة من بيانات التضامن والشجب والاستنكار او الإشادة وهي كلها بالعامية العراقية الدارجة أمور (متوكل خبز) في وقت كان العراق يطمح من(أشقائه) الكثير منهم، ولهذا لا أتوّقع أن يعود العراق من مؤتمر البحر الميت بسوى خفي حنين والعوض على الله . كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- قمة القاهرة لا جديد يذكر ولا قديم يعاد
- العراق والقمة العربية الصينية