حجم النص
غسان الكاتب قد لا يوجد برلمان في العالم تعرض الى انتقادات لاذعة مثلما تعرض له البرلمان العراقي طيلة الفترة الماضية، رغم انه ليس وحده من يمثل منظومة الحكم في البلاد بل يتشارك بها مع السلطات الاخرى التنفيذية والقضائية والهيئات المستقلة.. لكن لماذا هو من يتصدر الانتقادات الدائمة؟ وهو من يصب عليه المواطن جام غضبه دائماً وفي كل مناسبة؟ أسئلة تحتاج الى البحث والتقصي بعد ان تمكنت السلطة التنفيذية ولأكثر من مرة تصدير أزماتها الخانقة الى البرلمان!!، بل اصبحت السلطة التشريعية العليا في البلاد مدعاة للتهكم والتندر في كل كبيرة وصغيرة بالاستجواب وبالنقاش وبالتصريحات والمؤتمرات والمواقف وإدارة الجلسات وفي طريقة الحضور والتصويت وحتى وصل الامر الى طريقة جلوس الاعضاء. من المستفيد من ذلك ؟ ومن يعمل على ترسيخه وتحويله الى ثقافة شعبية تنال من المؤسسات الدستورية ومن ممثلي الشعب انفسهم؟ وعلى ذكر ممثلي الشعب هل النائب يمثل كتلته السياسية ام يمثل نفسه ام هو مجرد وسيلة لنقل اصوات ومطالب ناخبيه وترجمتها باحترام داخل قبة البرلمان الى قوانين تخدم المصلحة العامة وتعزز هيبة الدولة وفرض سلطة القانون وتنفيذه!!؟؟. وبين هذا وذاك اصبح معظم النواب ممثلين واصوات للكتل السياسية داخل البرلمان واصبحت الجلسات ميدانا للخلاف والتسقيط وتبادل التهم وكشف الفضائح، بل كانت ولفترة طويلة في دورات سابقة سببا في إذكاء الطائفية بسبب تركيبة البرلمان الناتجة عن المحاصصة. واليوم نحن بحاجة الى اجراءات عاجلة للحد من مخاطر وتداعيات ازمات البرلمان وتأثيرها السلبي على الشارع ومجمل الأوضاع، ومنها: · تعطيل بث جلسات البرلمان لان المواطن بحاجة الى نتائج لا مهاترات وفضائح.. وان كان هذا يتعارض مع الشفافية المطلوبة في ممارسة المهام الدستورية، فيمكن تبادل المؤسسات الدستورية تسجيلات الجلسات بضمان عدم تمريرها الى المواطن لأنه انفعالي وهذه القضية اصبحت تؤثر سلبا على ولائه وانتماءه الوطني وممارسته الديمقراطية. · الغاء منبر الخطابة خارج مجلس النواب والذي كان وما زال سلبي في كل شيء، لان فكرته في الاصل إيصال صوت الأقلية المعارضة بينما نحن لم نسمع منه الا الكثير مما يدعو الى شق المجتمع وتفتيت اواصره وتشجيع الخلاف بين مكوناته، بل ان هذا المنبر اصبح لبعض النواب وسيلة للشهرة والظهور المتكرر دون رادع او ضابط او آلية تحاسب على التصريحات التي بعضها نارية وأخرى سياسية او قومية او طائفية او حتى مخلة بالأدب والنظام العام. · تفعيل رقابة البرلمان على عمل السلطة التنفيذية، فالقضية ليست بإصدار القوانين وركنها على الرف بل بإيجاد وسيلة لتطبيق تلك القوانين والرقابة بمساعدة الهيئات المستقلة ولجان البرلمان على تنفيذها وتقديم الفاسدين بهدوء ودون ضجيج الى المسائلة البرلمانية او إحالتهم الى القضاء دون النظر الى مناصبهم او تبعيتهم السياسية. وبعد كل ما تقدم.. ينبغي اقرار مدونة سلوك لأعضاء البرلمان يلتزمون بها باعتبار كل عضو منهم ممثل لمئة الف نسمة من سكان العراق لا ممثلين لأنفسهم او اتجاهاتهم السياسية، ولن نطلب منهم اكثر من إيصال النتائج الايجابية الى المواطن بدلا من الفضائح.