- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
(قبل 14 عاماً.. العودة الى بغداد بعد 34 عاماً)
حجم النص
بقلم:عادل عبد المهدي انتهى مؤتمر صلاح الدين (شباط 2003). اتخذنا دوكان/السليمانية مقاماً، وكثرت الاجتماعات التي كان يحضرها عادة (مع حفظ الالقاب) المرحومين عبد العزيز الحكيم واحمد الجلبي، والبرزاني والطالباني، وعلاوي كلما حضر الى المنطقة. وشكلنا لجنة تنسيق ثلاثية من عادل مراد وسعدون الفيلي (الاتحاد)، و"جوهر نامق" (الديمقراطي)، والداعي والمرحوم نوري جعفر الصافي (السيد ابو لقاء) وابو فراس (المجلس). كنا نراقب التطورات اليومية، خصوصاً بعد التأكد من حتمية الحرب. وكان هدفنا –كمعارضة- تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة، وعدم ترك اي فراغ امني او اداري، حسب اتفاقات مؤتمر لندن نهاية 2002، وهو ما رفضه الامريكان. تمركزت فرقة الامام علي (ع) لقوات "بدر" (1850 عنصراً) بقيادة محمد نعمة الحسن (ابو ذو الفقار) في منطقة ميدان/السليمانية. وكانت قد وردت معلومات مؤكدة ان امريكا تنوي قصف هذه القوات، كما ستقصف قواعد "انصار الاسلام" القريبة من الحدود الايرانية. قررنا القيام باستعراض عسكري ودعوة الاعلام العالمي الموجود بكثافة في المنطقة. لم يكن هدفنا عسكرياً بل اعلامياً، للبرهان، ان هذه قوات عراقية في قيادتها وعناصرها وشعاراتها وخططها. واتفقنا مع طالباني الذي طلب من قائمقام دربندخان ان يهيء لنا قطعة ارض لائقة. ونظمنا الاستعراض بحضور المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم والسيد الحيدري والسيد عبد الكريم النقيب والمرحوم السيد ابو لقاء نائب القائد لقوات "بدر" وبعض المدعوين، وبالطبع بدعم كبير من طالباني. وبعد انتهاء الاستعراض اختلط الاعلاميون برجالنا ونقلوا صوراً للعالم الخارجي، أهمها "ريبورتاج" بثته الـ"بي بي سي" البريطانية بشكل واسع. ولعل هذه الخطوة منعت الضربة العسكرية، التي وجهت بالفعل ضد قواعد "انصار الاسلام" بطائرات ب 52، مع بدء العمليات (19/3/2003). وكان الاخ برهم صالح قد اكد قبل التغيير النية بضرب قواتنا، واكده لي كذلك مسؤولون امريكيون لاحقاً. وللتاريخ لم ننسق كـ"مجلس اعلى" اطلاقاً مع الامريكان في اي تحرك عسكري او ميداني. في اللقاءات السياسية، كانت شكوكهم عالية من ارتباطات "المجلس" بايران، مما جعل معظم اللقاءات متوترة ويشوبها الشك والتشكيك. اما من ناحيتنا فكان تقديرنا ان الحرب واقعة لا محالة. وهدفها اسقاط صدام حسين، وان فوضى عارمة ستعقب الحرب.. وانه يجب ان نكون في الميدان للمساهمة بتوجيه سياقات الامور واخذ المبادرة وعدم تركها للغير. كان شهيد المحراب قد اصدر فتوى بالعفو عن جمهور "البعثيين" عدا القلة الملطخة ايديها بالدماء. كانت استطلاعاتنا قد سبقتنا، وكنا على اطلاع جيد بمجريات الامور، ومدى نضجها لننزل للميدان بكياننا السياسي والعسكري. وتقرر ان نتحرك نحن من كردستان والشمال، وان يتحرك السيد عبد العزيز من الكوت. تحركت قواتنا في مثل هذه الايام نحو خانقين وبعقوبة وسيطرت على كافة مرافقها.. وتقرر ان نسبق –كقيادة سياسية- هذه القوات. فاتفقنا السفر لبغداد يوم 12/4 بسيارتين ترافقنا عوائل مدنية للتغطية وبدون اي سلاح.. ورافق السيد محمد الحيدري الشهيد سلام شافي (ابو حوراء)، ورافقني السيد رعد الحيدري، وتبعنا في اليوم التالي بقية الفريق ومنهم السيدين قصي وعدي الحيدري. كنا نخشى 3 اطراف.. 1- الطرف الامريكي الذي لم نجرب سلوكه معنا.. 2- قوى النظام، حيث كان صدام ما زال في بغداد.. 3- "مجاهدي خلق" الذين انتشرت عناصرهم في منطقة ديالى والقريبة من معسكر "اشرف". تجنبنا طريق "العظيم"/"الخالص" لتلافي الاحتكاك بـ"مجاهدي خلق"، وسلكنا طريق خانقين/بعقوبة/بغداد. كانت معسكرات الجيش خالية تماماً لانسحاب العسكريين، و"الفرهود" الذي تركها ارضاً صفصفا.. فلم نواجه احداً من النظام.. ودخلنا بغداد بعد الغروب بقليل. كانت بغداد تعيش ظلاماً دامساً، عدا الحرائق في بعض البنايات ومنها بناية وزارة المالية، التي سانتقل اليها وزيراً –بعد ترميمها- بعد عام ونصف تقريباً. رأينا بعض الدبابات الامريكية وجنود امريكيين عند ساحة الفردوس (الجندي المجهول سابقاً) قبال فندق فلسطين. عدت الى بغداد بعد 34 عاماً، رغم انني لم انقطع عن التردد على بلدي العراق، بطرق مختلفة. (للبحث صلة).