حجم النص
هادي جلو مرعي لو كان الفقر رجلا لقتلته.. ماذا لو قلنا،لو كان الفساد رجلا لقتلته؟ وماذا لو تأكد لنا أن الفساد ليس رجلا واحدا فنحبسه، أو نقتله، بل هو دولة وأمة قائمة.هو مال بكم الرمال والحصى في بلد سايبه عايبه، وأهلها خايبه. هل سننجح في ملاحقة بلد بأكمله بناسه الأربعين مليونا، بسياسييه الفاسدين المتواطئين، برجال الدين الذين لااجد وصفا لدورهم، بأعداد لاتحصى من الموظفين والمنتسبين والشرطة والجيش والضباط والأطباء والمهندسين والمعلمين والفلاحين والشحاتين والللصوص ومحرفي النصوص والناس العاطلين والباطلين والمبطلين والمطبلين والمثبطين. هولاء كلهم شركاء في صناعة الفوضى.فكم وكم من ناس فيه يحلمون بمال وجاه وسلطة حتى لو كانت على حساب شرفهم وضمائرهم، وكم من ناس أكلوا السحت الحرام ونهبوا المال العام وحرفوا المسار وجاءوا بأشكال من البلاء الذي لم نكن نتوقعه ولم نتحسب له.. فعقولنا الساذجة كانت توسوس لنفوسنا أن الملائكة آتية. والملائكة لانتوقع منها غير الصلاح. آه من الملائكة كم كانوا بعيدين حتى إذا إقتربوا صعقونا كالشهب والنيازك التي تهوي من السماء فتسقط على الرؤوس والبيوت والسيارات والمزارع والشوارع وتتركها بندوب وحروق ومشاعر يأس تكاد تتحول الى ركام من نار في الوجدان الجمعي للأمة.. لاوجود لمشروع دولة ومن أردناهم بناة جاءوا حفاة وإنتعلوا أحذيتنا وتركونا حفاة بدلا منهم، بينما هم ينتعلون ماركات فاخرة وعيونهم تنظر إلينا ساخرة متهكمة لاتعبأ بنا، ولاتفهم مانعانيه ونعيشه بعذاب وألم ولاننتظر علاجا أو مواساة.. يتصدر المشهد في العراق سياسيون عاجزون منتفعون وطموحهم البقاء في السلطة لمزيد من الوقت وليست لهم القدرة على التغيير وفي الواقع هم مسؤولون أيضا عن تلك الكارثة التي نواجه ونعيش.هناك من يريد الوصول الى البرلمان والى مناصب في الحكومة ومؤسساتها بقصد الحصول على المزيد من المكاسب والمنافع دون النظر في حاجات الناس الذين يكابدون تحيط بهم الأمراض والنفايات والخراب.وهناك البلطجية بعناوين القوة والجبروت والتخويف والحصول على الأتاوات من المقاولين والتجار وسائقي الشاحنات الذين يقفون في طوابير طويلة بحثا عن منفذ مع دفع مبالغ كبيرة لعناصر من الشرطة ومجموعات من الأقوياء وصانعي الخوف والرهبة. مشهد مثير للشفقة والحزن والإستغراب والحسرة. مشهد يوحي بأن حلم الدولة قد تبدد..
أقرأ ايضاً
- القصف الذي أراح بايدن
- منْ الذي يُلجمُ نتنياهو ؟
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة