- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رؤية المرجعية الدينية الى العشائر العراقية
حجم النص
بقلم | مجاهد منعثر منشد لا شك بأن رأي المرجعية الدينية العليا مسدد في القضايا الاجتماعية كما هو كذلك في المسائل الشرعية العامة والخاصة , والتسديد في سائر ما يتعلق بالحياة الانسانية , كون هذه الرؤيا مستنبطة من صلب النصوص الاسلامية الواردة في القران الكريم والاحاديث الشريف. انها الدعوة الصريحة نحو السير باتجاه الكمال الانساني الذي تدعو اليه سائر الاديان السماوية. أن الصوت الناطق والممثل الشرعي للمرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خصص الخطبة الثانية في يوم الجمعة المصادف(7/4/2017) من داخل الصحن الحسيني الشريف عن الكيان العشائري وعده جزء مهم من التركيبة الرئيسية في المجتمع العراقي. وأشار فضيلته الى ان للعشيرة ونظامها وتقاليدها واعرافها واحكامها دور مهم وفاعل في الحياة الاجتماعية في العراق. ونلخص ما اشاد به سماحته عن ذلك الكيان بما يلي: اولا: ان للعشائر الكثير من الصفات النبيلة والكريمة التي لابد من تدعيمها وترسيخها ونشرها بين مختلف العشائر والمجتمع. ثانيا: ان للأعراف والتقاليد والاحكام العشائرية دور مهم، واصبح لها دور اكبر حساسية وخطورة في المجتمع العراقي اكثر من السابق وذلك للجوء الكثير من الناس لها والاحتكام بتقاليدها واعرافها. اما النظام العشائري ودوره في المجتمع , فذكره سماحة الشيخ في محورين: المحور الاول السلبي ,أذ حذر فضيلته من بروز ظاهرة شيوع بعض الاعراف والتقاليد والاحكام والاعراف في الآونة الاخيرة التي تتنافى مع القواعد الشرعية والضوابط القانونية مما شكل خطورة على الحياة الاجتماعية، منوها ان احدى تلك المخاطر تتمثل بتهديد التعايش السلمي بين افراد المجتمع، داعيا الى اللجوء الى الحكمة والحوار والتفاهم والتصالح في حال حدوث النزاعات والخلافات والصراعات لان ذلك يؤدي الى افشاء السلام في المجتمع، محذرا من تغليب العنف واستعمال بعض الاحكام الجائرة التي تشكل تهديدا للتعايش السلمي بين افراد المجتمع. وتابع ان اللجوء الى الاحكام التي تتنافى مع القواعد الشرعية تؤدي الى وقوع الظلم والحيف والجور على بعض افراد المجتمع وازدياد حالات الهجران والتقاتل والتقاطع بين العشائر. واكد الشيخ الكربلائي على ضرورة الابتعاد عن الاحكام والاعراف والتقاليد الضارة التي تهدد المجتمع وتغلب الفوضى على القانون والشرع، داعيا الى رصد التقاليد والاعراف والاحكام الضارة والسلبية وتميزها عن التقاليد النافعة، موضحا انه في بعض الاحيان يتم اللجوء الى الاحكام الضارة نتيجة عدم وضوح الرؤيا والتوهم بان تلك الاحكام جيدة مما يسبب الضرر للفرد وعشيرته ومجتمعه. المحور الثاني الادوار الايجابية تتلخص بالتالي: 1. تعد العشائر في العراق مدرسة للقيم التربوية النبيلة ومحامد الصفات ومكارم الاخلاق، فنلاحظ فيها الكرم والجود والشجاعة والشهامة والدفاع عن المظلوم واسترداد حقه واطعام الطعام واكرام الضيف واحلال السلام بين المتنازعين، وهذه صفات حميدة وهي ليست وليدة اليوم بل ان ابناء العشائر توارثوها عن اباءهم واجدادهم عبر التاريخ، فشكل ذلك لهم ارثا حضاريا لابد من الحفاظ عليه. 2. ان اهم ما تميزت به العشائر الكريمة مساهمتها الفاعلة والمؤثرة والكبيرة في الدفاع عن الوطن والعرض والمقدسات، وتجلى ذلك واضحا في الاستجابة الكبيرة من قبل العشائر لفتوى وجوب الدفاع الكفائي للمرجعية الدينية العليا، فضلا عن ثوراتهم ضد الاحتلال الاجنبي ووقوفهم ضد الحكام والطواغيت، وهي امور يشهد لها التاريخ من الضروري الحفاظ عليها وعدم تعكيرها بالأعراف السلبية والضارة. المحور الثالث الدور الاصلاحي والايجابي للفرد والعشيرة ,فقال سماحته: انت ايها الفرد او العشيرة او اي كيان اجتماعي اذا اردت ان يكون هنالك دور ايجابي واصلاحي لك وللمجتمع لابد من الاعتماد على مبادئ ثلاث مهمة مستندة الى الضوابط والقواعد المُسلمة شرعا وعقلا ليكون للعشيرة او اي كيان اجتماعي دور بناء واصلاحي في المجتمع، فضلا عن الوضوح الكامل لدى شيوخ وافراد العشائر والمعرفة الدقيقة لما هو نافع وضار بالنسبة للعشائر والمجتمع. وهذه مبادئ المحور الثالث من الخطبة: ـ المبدأ الاول: يتمثل بعدم تجاوز الحدود الشرعية وثوابت احكام الاسلام، مؤكدا ان المسلم الصادق في اسلامه عليه ان لا يلتزم باداء الصلاة والصوم والحج والخمس فقط، بل عليه ان يلتزم بمبادئ الاسلام في جميع مجالات الحياة وفي النزاعات الاجتماعية داخل الاسرة وفي المجتمع، حتى تتحقق بذلك العدالة بين الناس وابعاد المجتمع عن الفوضى والتناحر والصراع والوقوع في الظلم، مستشهدا بقوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً). ـ المبد الثاني: يأتي برعاية الضوابط القانونية التي اقرت لتحقيق المصلحة العامة في المجتمع، مبينا ان المجتمعات لا يمكن لها ان تتطور الا بالالتزام بالضوابط القانونية التي شرعت واقرت لتحقيق المصلحة العامة، وان التخلف عنها يؤدي الى حصول الفوضى، كما ان من الضروري الالتزام بالقانون بعيدا عن تغليب المصلحة الشخصية ومصلحة الاسرة والعشيرة في حل النزاعات العشائرية. ـ المبدأ الثالث: ضرورة اعتماد منهج التسامح والعفو والتغاضي عن الاساءات وعدم الانقياد للأهواء العصبية والقبلية، موضحا لو تأملنا في الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة سنجد هنالك عدد كبير منها اكد وحث على التسامح والعفو والابتعاد عن العنف لأنها تؤدي الى تحقيق الاستقرار في المجتمع، مشيرا ان اساليب القتل والعنف والجراح والتهجير تعد اساليب نهى عن الاسلام كونها تغضب الله تعالى وتؤدي الى حالة من الظلم والجور والتقاطع. ان هذه الخطبة المهمة للامة الاسلامية بشكل عام ,وللعشائر العراقية بشكل خاص صورة واضحة لمن اراد أن يرتقي نحو الكمال الانساني في الكيان العشائري , ليكون العامل مثلا يحتذى به , ومعلما يغرس التربية الصحيحة في صدور ابناء عشيرته. وبنفس الوقت هي رؤيا مستقيمة عادلة يتبين من خلالها الدعوة الى الاصلاح المجتمعي بتفعيل الايجابي من التقاليد والاعراف ومعالجة السلبي منها عن طريق القواعد الشرعية والضوابط القانونية من اجل المصلحة العامة.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة