- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حديث يوم الأثنين: الحلقة 19. قاعدة التزاحم :
حجم النص
الدكتور:طلال فائق الكمالي قاعدة أصولية عقلية، يُراد منها تقديم الأهم على الأقل أهمية، وترتكز على مبنى (دوران المصالح والمفاسد الثابتة مع الحكم وجوداً وعدماً، سعةً وضيقاً) ومن أجل ذلك يُقدم الأمر الأهم على المهم لزوماً، في الوقت الذي يكلف الإنسان بالعقل تقدير ما تقدم بمعيارية المصالح والمفاسد المذكورة آنفاً، إذ نخلص إلى ضرورة تقديم أعلى المصالح حال تزاحم عددها، على حين تُرتكب المفاسد الأدنى ضرراً حال تزاحم عددها أيضاً. في ضوء ما تقدم يستدعي النظر بتأمل في تزاحم ملفاتنا المتهرئة وقضايانا الممزقة واهدافنا المتبعثرة للبحث على وفق العقل العملي عن أهم الملفات من بين تلك الملفات من جهة، وعن تشخيص أهم مفردة من بين مفردات الملف الواحد من جهة أخرى، فضلاً عن تعيين أهم الآليات التي يُختزل فيها المال والوقت والجهد. قد يمر علينا هذا الأمر من دون الالتفات إلى أهمية الموضوع، والحق أنه يُعد من أهم القضايا التي يبتلى بها الإنسان فضلاً عن مؤسساتنا، إذ يصل الأمر بالإنسان الى أنْ يتخبط جاهلاً حقيقة ما يقتضي فعله ليؤول الأمر به إلى الضياع، فقد نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا السياق قوله: (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعداً). اذاً يحق لنا أنْ نقلق متحفظين متسائلين: إلى إي جهة نحن سائرون؟ وما هي السُبل لتلك الخطوات؟ وما أولوياتنا وسط هذه الأولويات المتزاحمة؟ وهل يمكن لأصحاب القرار إدراك المفاسد من المصالح أصلاً؟ وإلى متى يُترك الحبل على الغارب لشخوص لا تتزاحم عندهم إلا أولوياتهم؟ لدرجة أن الجميع مستسلمون بتقديم قاعدة جديدة دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة بوصفها الحد الأدنى من القبول، في الوقت الذي نخشى قبول دفع المفاسد من دون النظر يوماً في اجتثاث كل ما هو فاسد أو تناسي جلب أي منفعة. هنا سيزداد السوء سوءاً والجهل جهلاً والفساد فساداً لأننا غفلنا من حيث نعلم أو لا نعلم أنَّ معيار قاعدة التزاحم هو الإنسان نفسه، والحاكم فيه العقل: لذا يلزم هنا بناء إنسان يكون الشروع فيه من الجوهر ليدرك ما يفكر ويعي ما يقرر، على حين انشغل الجميع في ترقيع شكل لباسه المتهرئ الممزق. أقول: الأمر يستوجب أن تتلاقح الأفكار والعقول لصناعة رأي يحدد الأولويات ويقدم أهمها على مهمها ويدفع المفاسد بالمنافع، ولعل من أهم وظيفة رجالاتنا تشخيص ما تقدم.
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة
- حديث المنجزات