حجم النص
بقلم: نـــــــــزار حيدر إِشارَتان مُهمَّتان وردتا من مؤتمر السُّليمانيّة اليوم بشأن مرحلة ما بعد الارهاب؛ الأُولى من السَّيِّد رئيس مجلس الوزراء الدُّكتور حيدر العبادي الذي ذكر تفاصيل الخسائر التي مُني بها الْعِراقِ بسببِ الارهاب، وعلى الصَّعيدَين الخسائر بالأَرواح والخسائر المادِّيَّة. الثّانية من السَّيِّد رئيس مجلس النُّوّاب الدُّكتور سليم الجبوري الذي قال بأَنَّ الوقت قد حانَ ليتحمَّل القضاء مسؤوليَّة فتح الملَّفات المتعلِّقة بالارهاب الذي تسبَّب بازهاقِ الأَرواح وخسارة البلد لأَموالٍ طائلةٍ!. هذا يعني، حسب فهمي، أَنَّ السُّلطتَين التَّنفيذيَّة والتَّشريعيَّة متَّفقتان على وجوب مُحاسبة كلّ الذين تسبَّبوا بالمآسي التي تعرَّض لها العراقيُّونَ خلال السَّنوات الثَّلاث أَو الأَربع الماضية بسبب تمدُّد فُقاعة الارهابيِّين جرّاء الفساد والفشل الذي مُني بهِ [قادة] تلك الفترةِ لتحتلَّ نِصف الْعِراقِ! خاصَّةً القائد العام السّابق للقوّات المسلَّحة الذي انشغل [يناضلُ] من أَجْلِ ضمان [الثّالثة] تحت شعار [بعد ما ننطيها]!. قد يَكُونُ الوَقْتُ حانَ لذلك على اعتبار أَنَّنا الآن قابَ قوسَين أَو أَدنى من إِعلان النَّصر النَّهائي والنّاجز في الحَرْبِ على الارْهابِ والذي يسطِّرهُ المقاتلون الأَبطال والشُّجعان في قوّاتِنا المسلَّحة الباسِلة التي تُطهِّر الآن آخر شبرٍ من دَنَسِ الارهابيِّين!. وأَنا أَفهم هتَين الإشارتَين بمثابةِ الشَّرط النّاجز الذي ينبغي تحقُّيقهُ قبلَ الحديثِ عن أَيّة [تسوية تاريخيَّة] وهميَّة تعتمد بالأَساس على مبدأ تصفير المسؤوليَّة! المبدأ الأعوج الذي لا يستسيغهُ عاقل ولا يقبل به إِلّا المجانين المهووسين بالسُّلطة وحبّ الظُّهور وعشق الزَّعامة الوهمي والتَّنظير الفارغ!. لا تسويةَ والا مصالحةَ قبل تحديدِ المسؤول المباشر عن المأساة التي مرّ بها الْعِراقِ لينالَ الجَزاءَ العادل. هذا ما أَرادت الإشارتان قولهُ وتثبيتهُ. وبذلكَ تكون تسوية زعيم التَّيّار الصّدري أَكثر مقبوليَّة من غيرِها، حسب هذا المنطق، لأَنَّها هي الأُخرى كانت قد اشترطت فتح ملفّ الارهاب على مصراعَيهِ إِذا أَردنا أَن ننجحَ في تحقيقِ تسويةٍ حقيقيَّةٍ!. فإلى متى تظلّ الملفّات التي يحتفِظ بها رئيس الحكومة السّابق في الدُّرج؟! والتي ظلَّ يُهدِّد بها ويبتزَّ بها بِلا نتيجة الى أَن ترك السُّلطة؟! ليأت اليوم من يتبنّى مبدأ [تصفير المسؤوليَّة] ليفلت من العِقاب القتَلة والفاسدين والفاشلينَ وأَصحاب الملفّات الخطيرة؟!. هذا المنْهَجُ الفاشل لا يبني دولةً ولا يُساعدُ على الاستقرار المُجتمعي والسِّياسي أَبداً. لقد كلَّفنا الارْهابُ أَرواحاً طاهرةً ودماءً عزيزةً نزفت من نحور أَعزِّ شبابنا وأَبنائنا، وفيهم عددٌ كبيرٌ من أَساتذة وطلبة الحوزة العلميّة، وأَصابت الأُسر بأَلمٍ لن يهدأَ وأَموال طائلة قدَّرها السَّيِّد رئيس مجلس الوزراء بأكثر من (٣٥) مليار دولار فضلاً عن ملايين الدّولارات هي سعر الأَسلحة التي تركها الجيش في المَوصل ليستولي عليها الارهابيُّون!. وإِذا أَضفنا بعض تداعيات الحَرْبِ على الارهاب مثل جريمة سْبايْكَر التي راح ضحيَّتها ما لا يقل عن (٢٠٠٠) شاب بعُمرِ الورود، وحالات التَّهجير والنُّزوح القسري، وتأَخُّر الإعمار وتراجع إِعادة البناء والاستثمار! فضلاً عن العِرض والشّرف المُنتهك! فسنعرف كم هو مهمٌّ وضروريٌّ أَن نفتحَ هذا الملفّ اليوم قبل الحديث عن تسويات جوفاء! ليقفَ [عِجْلٌ سمينٌ] واحِدٌ على الأَقلّ خلفَ القُضبان ليواجهَ القضاء!. إِنَّ من الاستخفاف بعقولِ النّاسِ وبتضحياتِ العراقييِّن ومأساتهم بمكانٍ أَن يعودَ المُتسبِّبون المحتمَلون بكلِّ هذه المأساة الى الواجهةِ مرّةً أُخرى ليتزعَّموا قوائم إِنتخابيَّة في الانتخابات النِّيابيَّة الجديدة القادمة التي ستجري في ربيع السَّنة القادمة [٢٠١٨]!. على العراقييِّن أَن ينتبِهوا الى ذلك، فانَّ تكرار نَفْسِ الوجوهِ الكالِحةِ التي تسبَّبت بكلِّ هذه الخسائر والمُعاناة العظيمة التي مرَّت علينا في الانتخابات القادمة لهوَ دليلٌ على فشلِ المواطن في المطالبةِ بحقوقهِ قبل أَن تكون دليلٌ على فشلِ السياسيِّين! فاذا كانَ من طبيعةِ السِّياسي هو أَن يضحكَ على ذقنِ المواطن والنّاخب ليتكرَّر عندهُ نَفْسِ السّيناريو، فهل أَنَّها من طبيعة المواطن كذلك؟! فلماذا يقبل المواطن، إِذن، أَن يضحكَ على نَفْسهِ وهو المتضرِّر الاوَّل وَالأَخير والأَكبر من الارهاب والفساد والفشل والتي هي كلَّها وجوهٍ لعملةٍ واحدةٍ كما عبَّر عنها السَّيِّد رئيس مجلس الوزراء؟!. E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com