- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الـتـسـويـة الـسّـيـسـتـانـيّـة
حجم النص
بـقـلـم: نـجـاح بـيـعـي " كفانا في العراق.. ما عشناه من صراعات ومآسٍ، ولنبدأ صفحةً جديدةً.. يحترم بعضنا البعض الآخر ويفي له بحقوقه , ويُراعي مقتضيات التعايش السلمي معه، ويبتعد عن الحقد والبغضاء والكراهية ". https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=300 ليس فقط من السابق لأوانه أن نجزم , بأن الذي ورد في خطبة صلاة جمعة 16/12/2016م (كالفقرات أعلاه) يضفي الشرعية لمبادرة التسوية الوطنيّة المطروحة على الساحة السياسية الآن أو يدعمها. وإنما المبادرة ذاتها ودعاتها من القادة والزعماء السياسيين , لم يكونوا بالحسبان أصلا ً بما ورد في الخطبة!. وإذا ما حسبنا الذي ورد في خطبة الجمعة على أنها(تسوية سيستانيّة)وجاءت متوافقة مع مبادرة التسوية الوطنية) السياسيّة , نكون قد خلطنا الأوراق والرؤى والمنطلقات المُحدِّدة لأسسِ الصراع والمستوجبة للتسوية الشاملة. ونكون بنفس الوقت قد غمطنا حق المرجعيّة , واتهمناها بعدم التواصل , بل باللامبالاة فيما يخص الشأن العراقي حتى جاءت مبادرتها متأخرة , وأمدنا القوى السياسيّة غيّا َ يضاف الى غيّها , واعترافنا بمبادرة تسوية جاءت ,وكأنها مواكبة للشأن العراقي , ومتقدمة على أية مبادرة وطنيّة أخرى بما في ذلك مبادرة المرجعيّة!. ــ هل للمرجعيّة العليا مبادرة تسوية وطنيّة شاملة ؟. متى كانت وأين هي الآن ؟. نعم للمرجعيّة العليا مبادرة (بل مبادرات) تسوية وطنيّة شاملة , كانت قد أطلقتها منذ بواكير انطلاق العمليّة السياسيّة بعد عام 2003م. فبعد تحديدها لطبيعة الصراع الدائر في العراقي , وأكدت على أنّه مجرد أزمة سياسية , دفعت الفرقاء السياسيين لأن يمارسوا العنف الطائفي جرّياً وراء المكاسب السياسية!. ــ " لا يوجد صراع ديني بين الشيعة والسنة في العراق، بل هناك أزمة سياسية. ومن الفرقاء من يمارس العنف الطائفي للحصول على مكاسب سياسية , وخلق واقع جديد بتوازنات مختلفة عما هي عليها الآن.. "!. www.sistani.org/arabic/archive/250/ إنّ وضوح رؤية المرجعيّة العليا , وتحديدها لطبيعة الصراع الدائر في العراق , وبيانها لسبب العنف الطائفي الذي هو السياسيين ولا شيء غير السياسيين , الأمر الذي سهل لأن تقدّم المرجعيّة مشروع الحل السلمي في العراق. وممكن أن نسمّيه (تسوية) لدرء مخاطر تنامي العنف السياسي المُتمترس بالطائفة , الى احتراب طائفي في المستقبل , وهذا ما نراه في مجمل وصاياها ونداءاتها المبثوثة على شكل بيانات أو استفتاءات أو رسائل أو خطب جمعة أو غيرها. ففي عام 2006م وفي رسالة جوابية إلى الدكتور (أكمل الدين إحسان أوغلي) الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي , كان المرجع الأعلى (السيد السيستاني) وبعد أن رحّب بمشروع (وثيقة مكة ــ وهو بين علماء الدين العراقيين), ودعوته الجميع إلى الالتزام ببنودها!. كان قد قدّم رؤيّة متكاملة للخروج من المأزق الذي يعيشه العراق , وكانت تتطلب لإنجاحها: (1)ــ قراراً واضحاً وصادقاً , من كل الفرقاء برعاية حرمة الدم العراقي أيّاً كان!.(2)ــ وقف العنف المتقابل بكافة أشكاله!. (3)ــ ويستبدل (بالتعاون مع الحكومة الوطنية المنتخبة) بالحوار البنّاء لحل الأزمات والخلافات العالقة. على أساس القسط ـ والعدل ـ والمساواة , بين جميع أبناء هذا الوطن في الحقوق والواجبات، بعيداً عن النزعات التسلطية والتحكم الطائفي والعرقي!. (4)ــ على أمل أن يكون ذلك مدخلاً يمهّد لغدٍ أفضل ينعمون فيه , بالأمن والاستقرار والرقيّ والتقدم!. www.sistani.org/arabic/in-news/1006/ ــ وللاستزادة في ذات السياق يراجع رسالة سماحة السيد السيستاني للشعب العراقي حول الفتنة الطائفية الآخرة في عام 2006م. وعلى الرابط التالي: www.sistani.org/arabic/statement/ ــ وكذلك بيان مكتب سماحة السيد السيستاني , حول الوحدة الاسلامية ونبذ الفتنة الطائفية في عام 2007م , وعلى الرابط التالي: www.sistani.org/arabic/statement/1504/ ولكن ورغم كل تلك الجهود التي بذلتها ولاتزال تبذلها المرجعيّة , لم نلمس أو نرى أدنى أمل لغدٍ أفضل على ما يبدو , بسبب عناد وإصرار السياسي العراقي , في المضيّ بالخلافات وفي خلق الأزمات المدمرة المُسبّبة للفتنة الطائفيّة , وللفلتان الأمني ,ولتمزيق السلم الأهلي, وللتدخل الأجنبي ولتكريس الفساد ,ولتنامي المجاميع المسلحة من الإرهابيين والتكفيرين , وكان آخر صورهما المِسخ المسمّى (داعش)!. وما طرح المرجعيّة الأخير ما هو ألا ّ نداء لكافة مكونات واطياف الشعب العراقي , يضاف الى سلسلة النداءات السابقة , إيمانا ً منها بأن الحل الناجع يكمن ويبدأ ــ من القاعدة الشعبية ــ لكل مكون وطيف من الأطياف العراقيّة , لأنهم هم الذين مُحّصوا بالمآسي وغُربلوا بالصّراع , واكتووا بنار الفتنة الطائفية , وبنار الصراعات والمصالح وبنار الفساد والإفساد ,الذي جلبه السياسيين ونهجهم الخاطئ , المتسم بالاستحواذ على السلطة والمال والنفوذ على مدى أكثر من ثلاثة عشرة سنة. كما أنّ دعوة المرجعيّة تلك هي إلزام , ما ألزم به الشعب العراقي نفسه , باعتباره ذا أغلبيّة مسلمة وينتمي للنبيّ محمد (ص وآله) وينبغي أن يتوفر الصدق في إحياء مناسبة ميلاده الميمون من قبل الجميع , وأن يستشعروا خصال الرحمة والعطف والشفقة في النفوس قبل الألسن. وأن تتلاقى القلوب قبل اجتماع الأجسام , وأن تتطابق العواطف الصادقة والمشاعر النبيلة , قبل أن تتصافح الأيادي وتتعانق الأبدان. تمثلا ً بخصال نبيّ الرحمة الجامع للجميع!. ــ وبكلمة أخيرة.. إذا كان سماحة السيد السيستاني (حفظه الله) سبّاقا ً الى رفع شعار (السُنّة أنفسنا) التي حفظت الدماء والأعراض , في وقت كان فيه الأمن غائبا ً , والسلم الأهلي ممزقاً وعلى وشك الانفجار , والفتنة الطائفيّة في أوجها. فما على الآخر إلا أن يتشجّع الآن ويرفع شعار (الشيعة أنفسنا) ,وهذا يفضي الى طيّ صفحة الصراعات الدمويّة والمآسي , وفتح صفحة جديدة من التعايش السلمي المفعم باحترام البعض للبعض الآخر , ويفي بحقوقه ويبتعد عن الحقد والبغضاء والكراهية!. .