حجم النص
سامي جواد كاظم حتى الشقيقات الستة على ما يبدو اختلفن فيما بينهن واصبح لكل واحدة منهن رايها بالخبر، صناعة الخبر التي كانت بحرفية ووفق معايير تجمع سباكة الخبر مع قيمة المعلومة التي يتضمنها الخبر ليكون الهدف هو نقل المعلومة ليستفاد منها من يبحث عنها، اصبحت اليوم فوضوية ضوضائية افتراضية، وصانع الخبر كان يجتاز مراحل دراسية وتدريبية حتى يمكنه كتابة خبر الان اصبح حتى خريج الامية يكتب خبر. المتغيرات التي طرات على حياتنا بكل مجالاتها كان للخبر نصيب منها، اصبح من هب ودب يستطيع كتابة خبر وفق هواه ورغباته التشهيرية والشهرة على حساب الحقيقة والذوق، وكم اتالم عندما اقرا اخبار لو شاركت بمسابقة لاتفه خبر لتعسر على اللجنة اختيار الفائز لانها كلها تافهة، فماذا يعني خبر يتعلق بفنانة ارتدت ملابس فاضحة، وماذا يعني خبر اصطدام سيارتين ونجاة الركاب، وماذا يعني رعاية حقوق قطة، وماذا يعني اختطاف ابن دلال بيوت؟ وماذا يعني هروب ديك من حديقة الحيوانات، وماذا وماذا، بل طريقة صناعة عنوان الخبر اصبحت تختلف عن ابجدياتها السليمة ويكون على شكل هل تعلم او سؤال، هل تعلم من هو اطول رجل في العالم ؟ ثم ماذا؟ ماذا اجاب المسؤول الفلاني على كذا؟ هذه الاساليب لزيادة عدد الدخول على الموقع الذي يهتم للكم وليس للنوع. طامة اخرى الا وهي ان الاغلب لا يجيد اللغة العربية بحيث ان هنالك كلمات لا يمكن ان نخطأ فيها ـ انا لست ضليع باللغة ـ ولكن هنالك اخطاء حقيقة تدل على ان كاتبها لم يجتاز الثالث ابتدائي، نعم وكم من كتاب رسمي صادر من دوائر حكومية لها مكانتها فيها اخطاء املائية بحيث لو ظهر مصطفى جواد ثانية وقراها لاصر على العودة الى القبر. هنالك اخبار (همجية وقبيحة) مثلا تذكر تفاصيل جريمة بحق طفل تقزز النفس، وهناك اخبار تسلط الضوء على الشتائم والمشاكل، واخرى تبحث عن العاجل مهما كان قبيح، واما الكذب فاصبح في الاعلام كالملح في الطعام. والاغرب مافي الاخبار عندما تقرا خبرين متناقضين فاحدهما خطا، ووسائل الاعلام تعيدهما من غير الالتفات الى مهزلتهما، ولانه لا يوجد جهات حكومية تعاقب من يكذب فان الحبل على الجرار وليكتب من يشاء اي شيء يشاء عن من يشاء طالما ان لديه الامكانية على افتتاح وكالة او اصدار جريدة حتى يحصل على الشهرة او تنفيذ مارب خبيثة لاجندة اكبر منه. واما اخبار المسؤولين من حيث الزيارات والتنديدات والوعود فانها اصبحت مملة وسقيمة وغاية المسؤول منها الظهور امام الاعلام حتى لا ينسى اسمه لان شكله لا يعرفه احد. والامر المؤلم هو عدم التخصص في نوعية الخبر فهذا لديه موسوعة عن اخبار العراق ويغطي حفلات فنانات عاهرات من بلدان عربية، او يعرض صور خليعة لبلدان غربية لا علاقة لها بالعراق، وغايته هو تشتيت العقل العراقي وتمزيق نسيج الثقافة لدى القارئ الكريم، اضافة الى ذلك هنالك اخبار تخص رقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز حي سكني ولا يهتم لها غير ابناء هذا الحي تصنف ضمن الاخبار الدولية، ومن هذا المال حمل الجمال