- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
إنجازات رجالية لمتبنيات نسوية
حجم النص
بقلم: حسن كاظم الفتال بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) ـ النساء / 124 تداول بعض الإخوة الأعزاء موضوعا للحوار ودعيت أن اشترك فيه وأبدي رأيي بحيادية تامة. مبحث الحوار أن ثمة دعوات ومقترحات تنطلق من قبل بعض الإخوة شديدي الحرص على تعليم المرأة بالطريقة العصرية وبإلحاح شديد ومنها الرغبة في فتح معهد أو مركز نسوي لتعليم القرآن الكريم فضلا عن المؤسسات والدوائر النسوية المنتشرة في هذا الزمن هنا وهناك. مع إنفاق أموال طائلة لتحقيق مثل هذه الرغبة والتمني الذي يتمناه مقدم المقترح. . بداية نقول:إن رفض البعض أو عدم تأييده لمثل هذا المقترح لا يعني رفض أو معارضة أصل التعلم أو أصل العملية لتعليم المرأة.لا يمكن لأحد أن يقف ضد نشر الوعي والثقافة إنما يعني الطرق والوسائل والسبل والمقاصد والنوايا التي تستخدم للتعليم. وليس فينا من ينكر بأن المرأة هي النصف الأهم في تواجده داخل المجتمع المتحضر ولا يجرؤ أحد على أن يضعف أو ينقص من قدرها وشأنها أو يزيلها عن مكانتها ومنزلتها ومقامها الرفيع في المجتمعات الإسلامية فهي كيان محترم وقد أولاها الإسلام غاية الإحترام والتقدير (وقرن في بيوتكن) وجعلها سكنا للرجل ومصدرا من مصادر المودة والرحمة (وَمِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزوَاجاً لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ, يَتَفَكَّرُونَ) ـ الروم/21 وحين أمرها الله أن تتحجب أو تتجنب الإختلاط لأنها ريحانة تفوح بالطيب كما يفوح المسك ولا يستحق أن يشم هذا الطيب إلا المالك والمستحق لذا فقد أكد ذلك علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه حين قال: أنها ريحانة وليس بقهرمانة. فهي ريحانة تفوح بشذى الرحمة والمودة والعطف والحنان وبهذا العبق والعطر والأريج تمنح الأجيال تربية تنشئها خير نشأة. وإناطة مهمة تربية الأولاد وصناعة الأجيال الواعية للمرأة تعد من أعظم المصاديق على إيلاء الإهتمام بها. لذا فقد أولاها الإسلام عناية حين خصها بحقوق وأناط بها مهمات ولم يحرمها الإسلام من تعليم القرآن الذي يود البعض أن تتعلمه في هذا الزمن ولكن ضمن حدود معينة (وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ) ـ الأحزاب/34 الجهاد في سبيل اهِِي ركن مهم من أركان العقيد، نتيجته نيل مرتبة ومقام عالٍ لا يناله إلا ذو حظ عظيم.أشرك الإسلام المرأة في نيل هذه المرتبة ومنحها إياها ولكن حدد صيغة منحها ونيلها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (جهاد المرأة حسن التبعل .(وليس أشهر من محاورة أسماء بنت يزيد الأنصارية مع النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فقد جاء في المأثور: أخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وآله وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك، و أعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق و لا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا و هي على مثل رأيي. إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقسورات، قواعد بيوتكم، ومقضي شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال صلى الله عليه وآله: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء: أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كله، فأدبرت المرأة و هي تهلل و تكبر استبشارا. لذا يرى البعض أن الولوج في مثل هكذا مشاريع وبذل الأموال الطائلة عليها. لعله يخالف في ظاهره وليس باطنه قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) ووصية أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه لإبنه الإمام الحسن صلوات الله عليه توكيدا وطلبا للتطبيق العملي حين يقول: واكفف عليهن من إبصارهن بحجابك إياهن، فان شدة الحجاب أبقى عليهن، وليس خروجهن بأشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن. وان استطعت ألا يعرفن غيرك فافعل. ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانة . وقسم آخر من المشاركين بالحوار يرون أن الأموال التي تبذخ على مثل هذه المشاريع الثانوية من الممكن أن ننفقها على تعديل المنهج الدراسي الديني الأكاديمي في كل المراحل الدراسية خصوصا وأن هذه المرحلة تشهد افتتاحا لمدارس أهلية كثيرة ومنها ما هو ديني أو حوزوي ألا يمكن من خلال ذلك تحسين أداء درس التربية الدينية ؟ لتكون تربية دينية علمية معرفية حقيقية تؤهل المتخرجة طبيبة أو مهندسة كانت أو معلمة أو مدرسة تتخرج وهي مؤهلة أفضل تأهيل متعلمة للقرآن ليس قراءة أو حفظا فحسب إنما مفهوما ومضمونا يتساءل البعض:ترى ما المطلوب من المرأة أن تتعلم في المعهد أو المؤسسة أو المدرسة الخاصة بذلك سوى أنها تحفظ القرآن. ألا يمكن أن نيسر لها أن تتعلم وهي قاطنة في دارها وسط أسرتها مع رعايتها التامة لأولادها وخلال أدائها الواجب التربوي ؟. وقد أثبتت التجارب علميا وعمليا واجتماعيا أن عمل المرأة داخل منزلها وبين أسرتها من أهم الأعمال وأفضلها وأقرب إلى نفسها من أي شيء آخر. بل وأعد أنه من الأعمال الشاقة. ويتعذر على الرجل أن يؤدي ما تؤديه المرأة في هذا المجال فإن عملها هذا يتطلب مجهودا كبيرا وتفكيرا ووقتا طويلا. وهذا العمل قد جبلت عليه المرأة وصار يتوافق تماما مع فطرتها وطبيعتها لذا نجد النساء يبحثن عنه كثيرا ويفضلنه على أعمال وشؤون ومجالات أخرى: (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) ـ الطلاق / 1 فلنوفر للمرأة الأجواء المناسبة لتتفرغ لوظيفتها الإنسانية. ووسائل التعليم كثيرة تلك التي يمكن أن تمارسها داخل المنزل. ولننشغلْ بتأهيل النشء ونجهد في جعل درس التربية الدينية في المدارس فاعلا وفي كل المراحل ليغنينا عن فتح مدارس خاصة. وقد انتشر في الآونة الأخيرة والحمد لله القرآن الناطق الذي يتوفر في كل مكان ويتيسر الحصول عليه بسهولة وقد أدى دوره في تعليم الكثير من النساء المعتكفات في بيوتهن وللتذكير فإن السيدة زينب عليها السلام التي كثيرا ما نستشهد بمواقفها المشرفة كانت تعلم نساء الكوفة تفسير القرآن وجاء في الروايات والأحاديث المعتبرة أنّ جمعاً من رجال الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه وقالوا: ائذن لنسائنا كي يأتين إلى ابنتك ويتعلّمنَ منها معالم الدين وتفسير القرآن. فأذن الإمام لهم بذلك، فبدأت السيّدة زينب بتدريس النساء وكانت النساء يحضرن الدرس طيلة أربع سنوات أو أكثر. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ـ الحشر / 18