حجم النص
أجرى الحوار/ مروان الفتلاوي تكاد محكمة استئناف بابل تطوي صفحة الملفات الإرهابية بعد أن تنهي الدعاوى الخاصة بها، لاسيما بعد تحرير مدينة جرف النصر والهدوء النسبي في شمالي المحافظة الذي كان ساخناً خلال الأعوام الماضية. لكن ماذا عن الخروقات الكبيرة التي تحصل بين الفينة والأخرى في المدينة؟ يقول القاضي حيدر عبد الزهرة النائلي، رئيس محكمة استئناف بابل الاتحادية إن اندفاع القوات الأمنية إلى الرمادي لملاحقة الإرهاب ربما يخلف فراغاً أمنياً تستغله خلايا نائمة يدفعها يأسٌ حادّ إلى الانتحار بالناس. ويطالب القاضي النائلي في مقابلة موسعة مع "القضاء" الأجهزة الأمنية بتفعيل الجهد الاستخباري بالشكل المطلوب، فيما لا يتوقع رئيس الاستئناف حدوث أعمال انتقامية عند عودة النازحين إلى مناطقهم في شمالي المحافظة. وفيما أكد النائلي أن امتثال أهالي المحافظة للقضاء في استرجاع حقوقهم مثالي، تحدث عن ملفات قضائية أخرى في سياق هذه المقابلة. ■ شاهدنا اهتماماً بملف استحداث مكاتب التحقيق القضائي في المحافظة، ما هو السبب وراء ذلك، وإلى أي حد نجحت هذه التجربة في إيصال العدالة إلى المواطن؟ - تجربة مكاتب التحقيق القضائي حققت نجاحاً باهراً على مستوى البلاد، لا محافظة بابل فحسب، وأسهمت في حسم الكثير من الدعاوى بوقت قياسي مقارنة بما كان العمل سابقاً، ووفرت الوقت والجهد للمحاكم والمواطنين على حد سواء، وان الإحصائيات الخاصة بعمل هذه المكاتب ما هي إلا خير دليل على ذلك. ■ ما هي المكاتب التي افتتحت حديثاً في المحافظة، وهل هناك نية لاستحداث المزيد؟ - آخر المكاتب التي تم افتتاحها كانت في ناحية الإسكندرية وقضاء المحاويل شمالي بابل وقضاء المدحتية جنوبيها، وهناك نية جدية لاستحداث مكتب تحقيق قضائي في قضاء القاسم بعدما تمت تهيئة مستلزماته ومفاتحة مجلس القضاء بهذا الخصوص. ■ ما زال الحديث يجري عن ملف مدينة جرف النصر، ما هو دور القضاء على مستوى محاسبة المتهمين بالعمليات الإرهابية في تلك المنطقة، وما هو دوره أيضاً في موضوع إعادة النازحين إليها؟ - بخصوص مدينة جرف النصر المحرّرة من الزمر الإرهابية، فأن العديد من الإخبارات سجلت بخصوص الجرائم الإرهابية التي حصلت فيها، وهي منظورة من قبل محكمة تحقيق الحلة المختصة بقضايا الإرهاب وصدرت أوامر قبض بحق بعض المتهمين وهنالك موقوفون أيضاً عن هذه القضايا والإجراءات القانونية مستمرة فيها. أما في ما يتعلق بالنازحين وإعادتهم فان ذلك يخضع لتقديرات الأجهزة الأمنية والحكومة المحلية من حيث رفع العبوات الناسفة وإنهاء المشكلات التي قد تحصل بين النازحين أنفسهم عند إعادتهم للمنطقة وان دور القضاء ينحصر بالإجراءات القانونية ذات الصلة بهذا الموضوع ونحن على أتمّ الاستعداد لذلك. ■ بعد استقرار الأوضاع الأمنية لمناطق شمالي بابل إلى حدّ ما، هل يتوقع القضاء حصول أعمال انتقامية كما حدث بعد العام 2007، وكيف سيتعامل معها؟ - لا نتوقع حصول أعمال انتقامية على غرار ما حصل عام 2007 في هذه المناطق إذا ما تمّ وضع خطة من قبل الأجهزة الأمنية والجهات التنفيذية لإعادة النازحين بشكل تدريجي ومدروس. ■ تشكل بابل مركزا مهما لإدارة ما تسمى بولاية الجنوب لداعش، هل الأجهزة التحقيقية كافية لمواجهة أخطارها، كما هو الحال بالنسبة للطاقم القضائي على مستوى محاكم التحقيق أو الجنايات؟ - نعم الأجهزة الأمنية في بابل قادرة على مواجهة خطر الإرهاب داخل محافظة بابل حتى أن تشكيلات كثيرة منها تقوم الآن بملاحقة الزمر الإرهابية خارجها. ■ إلى أي الأسباب تعزو حدوث خروقات كبيرة للملف الأمني في بابل، حدثت انتكاسات في المدة الماضية راح ضحيتها العشرات من الأبرياء كما لاحظنا في تفجير سيطرة الآثار، وحادثة ملعب الإسكندرية؟ - نعزو ذلك إلى اندفاع الأجهزة الأمنية بملاحقة الزمر الإرهابية باتجاه مدينة الرمادي لإبعاد الخطر عن محافظة بابل، ما حدا ببعض الخلايا النائمة لاستغلال ذلك، كما ان العمليات التي حصلت هي عمليات انتحارية، فهي إن دلت على شيء فإنما تكشف عن وصول الزمر الإرهابية إلى حالة من اليأس، لكننا نرى أن الجانب الاستخباري بحاجة إلى تفعيل بشكل أكبر. ■ هل هناك تنسيق مع الجهات الاستخبارية والأمنية بخصوص تنقلات الإرهابيين بين الأنبار وبغداد وصولاً إلى كربلاء؟ - التنسيق موجود مع الجهات الأمنية والاستخبارية بخصوص تنقلات الإرهابيين وهنالك لقاءات تعقد من قبلنا مع قائد عمليات بابل وقائد شرطتها ومسؤولي الاجهزة الأمنية الأخرى كالاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن الوطني. ■ إلى أي مدى للقضاء له دور في مواجهة أي حالات قبض خلاف القانون بحق النازحين لاسيما وأن هناك أحاديث من قبل البعض عن أن بعض المراتب العسكرية تقوم بهذه العمليات لغرض ابتزاز المواطنين. - لا يسمح القضاء في بابل بأية حالات قبض خلاف القانون بحق النازحين أو أي شخص آخر ولا يتم إلقاء القبض على أي فرد، إلا بمذكرة قبض أصولية صادرة من قاضي التحقيق المختص وأبوابنا وأبواب السادة القضاة مفتوحة لذوي هؤلاء الأشخاص إذا ما كانت فعلا هنالك حالات مماثلة، وقد راجعنا العديد منهم وتم طلب الأوراق التحقيقية ووجد بأنهم موقوفون بناء على إخبارات أصولية ومذكرات قبض سليمة. ■ هل وضعت محكمة استئناف بابل خطة لتسريع حسم قضايا الموقوفين وفق القانون، وهل توجد إحصاءات تدل على حرص محكمتهم على انجاز هذا الملف؟ - نعم هناك متابعة دقيقة من قبل رئيس محكمة الاستئناف ونوابه لقضايا الموقوفين من خلال الزيارات الشهرية التي يقومون بها وقوائم الموقوفين التي ترد لهذه الرئاسة وترسل إلى مجلس القضاء الأعلى الذي يتابع ذلك أيضاً بالإضافة إلى زيارات الادعاء العام المستمرة للمواقف والسجون وان الجميع يؤكد على أن الأولوية في الحسم تكون لقضايا الموقوفين. وشعبة الإحصاء في الرئاسة أعدت إحصائية تشير إلى أن عدد الموقوفين في بابل حتى نهاية شهر نيسان الماضي من هذا العام بلغ (5497) من بينهم الموقوفون المدورة قضاياهم من عام 2015 وقد تم إطلاق سراح 3238 منهم. ■ ما هي أبرز الأحكام التي صدرت بحق مسؤولين محليين ومدراء عامين أدينوا بالفساد في المحافظة؟ - صدرت العديد من الأحكام بحق مسؤولين ومدراء بدرجات مختلفة تتعلق بالفساد وقد تفاوتت هذه الأحكام بين الحبس لمدد مختلفة والحبس والغرامة أيضاً وهنالك قضايا أخرى رهن التحقيق منظورة من قبل محكمة التحقيق المختصة بقضايا النزاهة بانتظار إكمال التحقيق فيها وإحالة المتهمين فيها للمحكمة المختصة لإجراء محاكمتهم. ■ لكن بعض هذه القرارات نقضت بعد وصولها إلى مرحلة التمييز، كيف تفسرون ذلك؟ - إن محكمة التمييز الاتحادية هي أعلى هيئة قضائية ولها سلطة تدقيق الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الموضوع ولها الكلمة الفصل في هذا المجال ومع ذلك فان العديد من هذه الأحكام قد تم تصديقها من قبل المحكمة المذكورة وان نقض بعض الأحكام هو أمر طبيعي. ■ آخر ما تداوله الإعلام بخصوص ملفات الفساد، أن الشبهات طالت بحسب تصريحات المسؤولين المحليين جامعة بابل، ودائرة التسجيل العقاري إلى أين وصل التحقيق في هذين الملفين؟ - أعلمتنا محكمة تحقيق النزاهة بان هناك (12) دعوى يجرى التحقيق فيها حاليا وقد وصلت الى مراحل متقدمة وان هذه الدعاوى تخص أساتذة وموظفي ولجان في الجامعة مع التأكيد على ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته بموجب محاكمة عادلة تتوفر فيها كافة الضمانات من قبل محكمة مختصة. ■ ما هو مدى التنسيق مع المحاكم الأخرى بخصوص تبادل الموقوفين، هل جرى ذلك مع محاكم استئنافية أخرى؟ - التنسيق جارٍ بشكل مستمر بين جميع محاكم الاستئناف بهذا الخصوص، فهناك إحضار للموقوفين والمحكومين لديها وفق الرقعة الجغرافية، كما أن مجلس القضاء الأعلى دأب على نقل دعاوى المحكومين بالإعدام وبعض من صدرت أحكام السجن بحقهم إلى المحاكم القريبة من السجون المودعين فيها اختصاراً للوقت ومراعاةً للوضع الأمني للبلد. ■ ماذا عن بقاء المحتجزين مدة طويلة دون عرضهم على القضاء، هل تمت متابعة القضية، ما هي الأسباب التي تعيق وصولهم إلى القضاء؟ - سبق أن ذكرت أن الأشخاص الذين لا تستطيع الجهات الأمنية تأمين وصولهم يتم نقل قضاياهم إلى المحاكم القريبة من جهة إيداعهم، ويتم حسم دعاواهم، وتم نقل العشرات من هذه الدعاوى لهذا الغرض إلى محاكم القادسية وبغداد، ومن الدعاوى التي أتذكرها هذا العام أن أحد المحكومين المنقوض قرار الحكم الصادر بحقه من قبل محكمة التمييز الاتحادية والمودع في أحد السجون ضمن إقليم كردستان كانت محاكمته متأخرة لعدم إحضاره، لكن تم إحضاره عبر طائرة بالتنسيق مع قيادة العمليات وبمتابعة شخصية من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى ومن قبلنا وتم إكمال التحقيق في القضايا المسجلة ضده وإحالتها على محكمة الجنايات وتم تحديد موعد محاكمته. ■ هل هناك نزاعات على المياه بين أصحاب الأراضي، ما هي إجراءات القضاء في متابعة مثل هذه القضايا؟ - لم تسجل محاكمنا مثل هذا النوع من القضايا، لكن هناك بعض التجاوزات التي تحصل من بعض أصحاب الأراضي على المياه، وقد تم تشكيل محكمتين واحدة للتحقيق وأخرى للجنح متخصصتين بالنظر في مثل هذه الدعاوى ومقرهما مركز مدينة الحلة. ■ بخصوص ملف البناء والإنشاءات، ما هي الأبنية القضائية التي تم تشييدها حديثاً، والأخرى التي شهدت ترميمات؟ - سعت السلطة القضائية في السنوات الماضية لإنشاء قصر القضاء في بابل بمساحة تقدر بحوالي (25) دونم كما أنشأت دورا جديدة للقضاء في ناحية الإسكندرية وقضاء المحاويل وناحية الهاشمية وقضاء المدحتية وناحية أبي غرق، وكانت بمساحات جيدة وتصاميم حديثة، اما في الوقت الحاضر فان الظرف المالي للبلد لا يسمح باستحداث أبنية جديدة واقتصر الأمر هذا العام على ترميم جميع المحاكم دون استثناء لإظهارها بمظهر لائق وبمبلغ بسيطة مراعاة للظرف المالي، كما أن السلطة القضائية سبق لها وان استملكت العديد من الأراضي في الأقضية والنواحي في بابل وتم تسجيلها باسم السلطة القضائية على أمل إنشاء دور للقضاء فيها عند تحسن الوضع المالي للبلد. ■ غالباً ما يؤكد القضاء على مشروع الضبط الالكتروني، أين تكمن أهميته في العمل القضائي، وأين وصلت استئناف بابل في مراحله؟ - الضبط الالكتروني في محاكم استئناف بابل كان بنسبة 100% لجميع المحاكم ما عدا محاكم التحقيق التي لم تصل لهذه النسبة، ونأمل ان تصل إليها عند نهاية هذا العام، ونبذل جهودا حثيثة من قبلنا ومن قبل السادة القضاة وشعبة الحاسبة في هذه الرئاسة والكادر الوظيفي في متابعة هذا المشروع المتميز. ■ تعتبر محاكم الأحوال الشخصية نافذة مهمة مطلّة على المجتمع والحياة الأسرية، هل تتصاعد نسب الطلاق، وما هي أبرز الأسباب؟ - نعم، تعتبر نسب الطلاق في تزايد مستمر، وهناك عوامل عديدة لهذه المشكلة أهمها الأسباب المالية ومشكلة السكن وعدم نضوج بعض الأزواج والزوجات وعدم أهليتهم لمثل هذه الرابطة المقدسة. ■ هل أن مثول أهالي بابل للقضاء مثالي، إلى أي مدى يعتمد المجتمع الحلي على المحاكم في حل مشكلاته، وما هي نسبة تدخل العشائر بفض النزاعات، بعبارة أخرى: المواطن الحلي يعود إلى المحكمة أم إلى العشيرة في حل مشكلاته؟ - نعم مثول أهالي بابل امام القضاء يعتبر مثاليا، ونرى ان المواطن في محافظة بابل يلجأ الى القضاء في حل المنازعات أكثر من لجوئه للعشائر، انطلاقاً من حضرية المدينة وتاريخها. ■ بعيدا عن الإرهاب، ما هي طبيعة الجرائم وأشكالها في محافظة بابل؟ - إذا ما استثنينا الإرهاب فأننا نرى بان جرائم المادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية هي الأكثر شيوعا وهي المشاجرات والسب والشتم وهي عادة جرائم بسيطة يتم غلق معظمها إذا ما حصل الصلح بين الطرفين. ■ ما هي الدعاوى والمشكلات التي تشغل محاكم البداءة في بابل؟ - لا توجد مشكلة بمعنى المشكلة الحقيقية تشغل محاكم البداءة في بابل لكن هنالك بعض الدعاوى التي قد يكون النزاع فيها معقدا بعض الشيء كالتجاوزات الحاصلة على عقارات الدولة والأفراد، وكذلك المطالبة ببعض المبالغ الكبيرة نوعاً ما والتي تكون عادة عن فوائد ربوية، إلا ان قضاة محكمة بداءة بابل قضاة متميزون وتشهد لهم القرارات التمييزية بذلك. ■ هل من كلمة أخيرة؟ - تحظى رئاسة محكمة استئناف بابل الاتحادية بدعم لا محدود من قبل السلطة القضائية وعلى رأسها القاضي مدحت المحمود رئيس السلطة القضائية، ويتمثل هذا بالدعم المعنوي والمادي الذي من خلاله تم صيانة جميع مباني المحاكم التابعة لهذه الرئاسة وكذلك شراء الأجهزة الضرورية لأعمال الضبط الالكتروني وأجهزة الاستنساخ والأثاث الأخرى وان محكمتنا تشكر جميع الجهود المبذولة لإنجاح المسيرة القضائية في محافظة بابل، كما نتقدم بالشكر الجزيل لجريدتكم على هذه الاستضافة.
أقرأ ايضاً
- مصور محترف يتحدث عن المشهد الفوتوغرافي في عاشوراء :روحية الصورة واحساسها يكون مختلفا(فيديو)
- للقضاء على البطالة :العتبة الحسينية تقرر انشاء مراكز للتاهيل المهني خلف مجمع الدرة بمساحة 20 دونما لتدريب الباحثين عن العمل
- كربلاء:العتبة الحسينية تطبع وتؤلف (160) كتابا عن حياة وتراث الامام الحسن