حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ كثُر اللغط مؤخرا حول مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل الفاصلة والمرتقبة، وصارت من القضايا الساخنة والخلافية التي سببت احتقان المشهد السياسي العراقي برمته، وانقسم السياسيون حولها الى فريقين؛ مؤيد ورافض وقبل انطلاق ساعة الصفر ووضع اللمسات الأخيرة للشروع بهذه المعركة التي يترقبها العالم اجمع والتي من المفترض أن تسارع في إنهاء ملف التواجد الداعشي الذي بدئ بهذه المدينة الإستراتيجية ومنها تمدد الى مناطق اخرى وبما يساوي ثلث مساحة العراق وحُركت مع هذا اللغط التبريرات الكيدية الخاطئة والفبركات الإعلامية / السياسية المطبوخة مخابراتيا لمنع دخول فصائل الحشد الشعبي لحسم هذه المعركة بحجج واهية أُلبست كالمعتاد جلباب الطائفية المقيتة والتخوف المفتعل من تكرار "سيناريوهات" مزعومة سابقة أثيرت مسبقا في كل معركة اشترك فيها الحشد وانتصر، من "تصرفات" بعض عناصره وخشية "الاحتكاك" السلبي المزعوم بين الحشد الشعبي الذي مافتئت وسائل الإعلام المغرضة ودواعش السياسة عن تقديمه بجلباب طائفي ومليشياوي كونه ينحدر من خلفية طائفة مغايرة ـ في حالة مساهمته في معركة الموصل ـ وبين الأهالي الذين ينتمون الى أغلبية سُنية والخشية مما سينتج عن هذا الاحتكاك من أعمال قد تكون ثأرية واصطدامية وفي الحقيقة لاتوجد مثل هكذا تصرفات إلا في مخيلة مطلقيها المريضة، ومع هذا فقد أكد الحشد الشعبي انه سيتعامل مع أبناء الموصل ممن لديه استعداد لتحرير مدينته مثلما تعامل مع أبناء جميع المناطق الأخرى التي تم تحريرها. والملفت لاستغراب المتابع لسير عمليات التحرير التي ساهم بها الحشد الشعبي ان جميع السيناريوهات ـ التي تكررت مع كل عملية تحرير ـ التي حيكت وفُبركت حول الحشد باحتراف ابتداءً من معارك جرف "الصخر " ومرورا بآمرلي وتكريت وبيجي والانبار وجبال حمرين ومكحول وليس انتهاء بالموصل أنها كانت جميعها تعقب انتهاء المعارك وحين تمسك القوات الأمنية الأرض بعد التحرير والتطهير ولإظهار الحشد الشعبي بمظهر لايليق به تبدأ وسائل الإعلام المغرضة ومعهم السياسيون المرتبطون بأجندات إقليمية سيا/ طائفية مشبوهة بتلفيق سيناريوهات مفبركة حول "انتهاكات " و"تصرفات" يقوم بها الحشد وتسويقه على انه عبارة عن مليشيات شيعية منفلتة تابعة إما للحكومة الشيعية الموالية لإيران او هو عبارة عن جناح عسكري مليشياوي تابع لطهران مباشرة ينفذ مخططا طائفيا تدميريا مشبوها لضرب المكون السُني في العراق ويكون الحشد الشعبي إحدى أدوات هذا المخطط بحسب ما تفبركه وسائل الإعلام الإقليمي (وبعض امتداداته المحلية) المتواشج مع داعش وأخواته. الحشد الشعبي وان كان قد تأسس بموجب فتوى الجهاد الكفائي التي صدرت من أعلى مرجعية شيعية في العالم وانضوى فيه آلاف المتطوعين ومن مناطق ذات أغلبية شيعية إلا انه لم يقتصر على الشيعة فقط بل انضوت فيه جميع الوان الطيف المكوناتي العراقي، الأمر الذي عكس بوضوح متانة الُلحمة الوطنية العراقية وصلابة التكاتف المجتمعي العراقي فاختلطت على أديم المعارك دماء الشهداء من جميع مكونات الفيسفساء الوطنية العراقية، وفيما يبدو ان جميع تلك السيناريوهات التي فُبركت للإساءة الى سمعة الحشد كانت تمهيدا لسيناريو اكبر لمعركة اكبر (الموصل) وغدا في الفلوجة، ولما تم تفنيد جميع تلك السيناريوهات وبالأدلة الدامغة وتفكيك جميع الشبهات التي رافقت عمليات تحرير المناطق التي كانت مغتصبة من قبل داعش وتخليص أهاليها من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم، وإلحاق فصائل الحشد الشعبي بكل فصائله بالقائد العام للقوات المسلحة، المسؤول الميداني المباشر عن تحركاته وعملياته كمؤسسة عسكرية مساندة للجيش النظامي وبعد أن تم كل ذلك شرعت الدوائر الداعشية الإقليمية والمحلية بتلفيق سيناريو آخر يكون بحجم معركة الموصل وتمهيدا لها وذلك بتضليل الرأي العام، بان أهالي الموصل ذوي الغالبية السُنية لن "يرحبوا " بمشاركة الحشد الشعبي في حال مشاركته في المعركة والاكتفاء بالجيش النظامي ومتطوعي العشائر والبيشمركه فضلا عن استعداد أهالي الموصل لمعركة التحرير وهذه هي المرة الاولى التي يسمع فيها الرأي العام عن هذا "الاستعداد" غير المسبوق لأهالي الموصل طيلة فترة اجتياحها المريب منذ حزيران عام 2014 وان كانت قد وردت في الآونة الأخيرة أخبار غير مسبوقة ايضا عن "انتفاضة" لبعض أهالي الموصل ضد الاحتلال الداعشي، ولكن هل تكفي ردود أفعال قد تكون مجرد انفعالات آنية على تصرفات داعش الوحشية، لوضع خارطة طريق للاستعداد لمعركة تحرير كبرى لمدينة إستراتيجية كبيرة كالموصل؟ ولماذا تسويق هكذا أنباء عن هذا الاستعداد التلقائي والانتفاضة غير المسبوقة الان وبالتحديد وماهي الرسالة التي يريد ان يقدمها مروجو هذه الأنباء وان صدقت ؟ في وقت يؤكد الحشد الشعبي جهوزيته التامة لمعركة الموصل وانه يضع نفسه تحت تصرف القائد العام للقوات المسلحة الذي أكد بدوره ومن تحت قبة البرلمان مؤخرا: (ستشارك كل القطعات الأمنية والحشد الشعبي والعشائر بالتعاون مع إقليم كردستان في تحرير نينوى وسيُرفع العلم العراقي فيها قريبا) ليقطع دابر التخرصات الرخيصة والافتراءات الفارغة والتخوفات غير المبررة حول مشاركة الحشد الشعبي من عدمه والمحاولات الكيدية التي تريد الالتفاف على منجزات الحشد وسرقة تضحياته الجسام والمزايدة عليها مقابل ثمن سياسي زهيد . كاتب عراقي [email protected]