حجم النص
عبد الجبارنوري- السويد توطئة لا بُدّ منها – أنشغل الفضاء الأعلامي في الأيام الماضية بوفاة الكاتب والصحفي " محمد حسنين هيكل " الذي غادر دنيانا بعد مكوث فيها جاوز التسعين عاماً، وفي الوقت الذي أختلف الناس عليه في حياته أختلافهم عليه في مماته، وأشار خطه الأنساني البياني بالهبوط، وعند اللحظة الأوكسيجينية الشحيحة وهو يحاول جاهداً أستنشاقها وهو يخاطب الأطباء لا تتعبوا أدواتكم، ولا تقفوا بأجهزتكم ومعداتكم في وجه الموت، فأدركتُ حينها أنهُ يريد أنْ يموت بكرامة، وبلا ألم، أذا ما حانت ساعة الحقيقة، وعلمتُ أنّ فلسفتهُ وصيرورتهُ في الحياة هي { المفهوم النوعي لا الكمي }. العرض – من ضياع الوقت أن أعرّف بهذا الطود الشامخ لكونه أشهر من نارٍ على علم - وللضرورة أحكام - فهو " محمد حسنين هيكل " 23 سبتمبر 1923 – 17 فبراير 2016، أحد أشهر الصحفيين العرب والمصريين، فهو روائي وصحفي وسياسي، واشتهر كناقد ومحلل سياسي في الشؤون العربية منذ أكثر من خمسين عاماً، وهو منظّر سياسي بارز، ومؤرخ للتأريخ العربي الحديث خاصة تأريخ الصراع العربي الأسرائيلي، فقدرته التحليلية والأستراتيجية للأحداث مع علاقاته القوية مع الرؤساء والزعماء العرب والدوليين مكنتهُ من الوصول إلى وثائق وأرشيفات توثيق غاية في الأهمية، فكان أنْ بدأ بأصدار أكثر من مئة كتاب من الكتب السياسية المتميزة باللغة العربية والأنكليزية، وترجمت كتبه إلى 32 لغة، فهو بحق عميد الصحفيين العرب، فقد شغل رئاسة تحرير جريدة الأهرام الواسعة الأنتشار لمدة 17 عام من 1957 حتى 1974، وترأس في مرحلة الستينات مجلس أدارة أخبار اليوم ومجلة روز اليوسف، وفي 1970 عيّن وزيراً للأعلام ثُم وزيرا للأرشاد القومي، ويلتقي هيكل مع الأديب الفرنسي الشهير" أندري مارلو" في عالم الفكر والفن، أنّهُ شراعٌ على النيل جاء من صعيد مصر مرحلاً إلى الشمال حاملاً معهُ خصب النهر العظيم. هيكل هو مجموعة من دروس لا يمكن لأي شخص أياً كان موقعهُ في الأسناد ألا أنْ يتأملها، فقد ظلّ الرجل حتى آخر لحظاتهِ حريصاً على أستكمال صورته من دون أن يترك الرتوش البسيطة، أنتهت الرحلة، وتوقف مشوار العمر وطويت صفحة أنسانية وفكرية وسياسية وصحفية من أهم صفحات التأريخ الحديث في مصر، مات الأستاذ محمد حسنين هيكل أحد أهم وأشهر الصحفيين المصريين، وكان آخر توصياته لأبناء شعب الكنانة: على المصريين أنْ لا يرتكبوا خطيئة أهالي بيزنطة.. عندما أنهمكوا في الجدل حول جنس الملائكة ونسوا أنّ الأعداء على الأسوار. وأذكروامحاسن موتاكم أناهنا لست بموقع مدافع عن الرجل لأنتماءه للجنس البشري الذي يختزن في أعماقه مجموعة أرهاصات متضاربة حول القضايا الساخنة منذ الخمسينات وحتى يوم وفاته في عصر 17 فبراير، لذا ظهر ضده رتلٌ من النقاد المختلفين معه، وبالمقابل حصل على جيوشٍ من المؤيدين والمحبين وخصوصاً من القادة المصريين كعبد الناصر الذي – حسب رأي – صنع نجوميته. -والذي أعجبني جرأته وصراحته الصحفية في لقاءه مع قناة CBCالمصرية ديسمبر 2015{وجه أنتقادا حاداًإلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وللرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لحرب عاصفة الحزم على اليمن، وأنتقد هيكل اللجوء الخليجي إلى خيار الحرب، كان المفروض أستخدام قوة المنطق لا منطق القوّة. - وأنّ القوّة العربية المشتركة لا تستهدف (داعش) بل تعمل على تقويته سرا وعلانيه بغطاء طائفي ومذهبي مقيت. - وصرح عن فشل حكام العراق الجدد بعد السقوط فقال بالحرف الواحد:{ أنهم مجموعة من لصوص المال،نهبوا ثرواته وزرعوا الفتنة الطائفية فيه }. - كان ضوءاًفي طريق يهتدي بها الحركات السياسية الطامحة نحو الأنعتاق من الظلم والأستبداد والتحرر من الأستعمار. - عمل بجد ونشاط على تسليط الضوء على عقلية الحكام العرب وفضحهم أمام الأمة. - كان شاهداً على على التحولات الدراماتيكية للعصر العربي. - كان ضد سياسة الأنفتاح ومعاهدة كامب ديفد.------ في 3-3-2016 -
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير
- هل المقاطعة هي الطريق إلى الإصلاحات الدستورية أم أنها الدَرس الأخير في الانتخابات؟