حجم النص
بقلم:واثق الجابري . لا يمكننا الإستمرار بالبكاء على الأطلال، وندب حظنا العاثر وعض أصابع الندم، وما حصل حصل، وعلينا التفكير بعلاج الواقع والتخطيط للقادم وتدارك ما تبقى؛ قبل أن تنهار الدولة وموقف الحساب بلا عمل، وأول الخاسرين؛ ذاك الفقير الذي نبكي عليه؟! أي منطق جعل كل شيء مجاني أو مدعوم؛ بين فقير لا يملك أنبوب ماء ويصرف نزراً من الكهرباء ولا يملك سيارة؛ مع مُن ينهش الدولة بذريعة البلد النفطي؟! من حق أيّ مواطن؛ التوجس وهو يدفع الفاتورة، وبعينه يرى السراق ما يزالوا يطرحون أنفسهم قادة ضرورة، ويُجابهون الإصلاحات بموجة إعتراضات، وتترك الدولة بعشوائية، ويضيع الفاسدين بين موجة تقصير يلتف جسد الدولة؛ بشكل سرقات ورشاوى، وتُضعف الخدمة، والدولة راعية إجتماعية؛ توزع رواتب بلا إنتاج، وتعطي خدمة بلا إجور؛ لمن يأخذ قيراط، أو يتجاوزه بأضعاف؟! يعتقد كثيرون أن واجب الدولة تقديم كل شيء مجاني؛ لأن النفط والغاز ملك الشعب؛ لذا تكون الكهرباء والمستشفيات والمدارس والماء مجاناً، وعلى الدولة حراسة المواطن ودعم المستورد، وتمليك المتجاوز، وتسمح لسيارات الأجرة والجنابر بالوقوف العشوائي؛ بذريعة السكوت عن الفقراء؟! لا ننكر تدني مستويات الخدمة، والترهل الإداري والروتين والمحسوبية وغياب الإختصاص، ولكن لا ننسى طعام يلقى بالنفايات يكفي لإطعام ربع سكان العاصمة؟! ويُهدر ماء يفوق أنقرة بأضعاف، والأدوية الحكومية يرميها المواطن بالنفايات، وتترك ملايين الفحوصات بعد نتائجها، وتدفع العوائل أموال للدروس الخصوصية والملازم، ومليارات الدنانير لشراء الكهرباء من المولدات الأهلية والمنزلية، بينما تترك المحلات الكبيرة بعشرات المكيفات ومئات المصابيح؛ تعمل ليل نهار دون حاجة عمل، ويُدعم البنزين لسيارات خاصة؛ تساوي أسعارها عدة منازل للفقراء؟! شاهدت ورقة ماء مبلغها 2700 دينار لستة أشهر، وقدر الماء يساوي 5 سيارات حوضية؟! بينما يقطع باص المستشفى 500 دينار؛ لفحص الطبيب والتحاليل والأشعة والرنين والمفراس، وأخيراً يستلم به المريض العلاج مجاناً؟! فيما بعض الأمراض المزمنة سعرها يكلف الدولة 3 آلاف دولار؟! قد لا تتمكن الحكومة شراءها. إن شبه مجانية الخدمات؛ زاد من زخم فوق طاقتها، وفقدت نتائجها المرجوة، والمستفيد هو الأكثر إستهلاكاً وربحاً؛ إذْ ليس من العدالة دعم البنزين ومواطن لا يملك سيارة أو يتخذها مصدر لعيشه؛ بينما غيره يملك 5 سيارات، ولا كهرباء شبه مجانية؛ بين مواطن لا يملك مبردة، وآخر عشرات المكيفات ووسائل إستهلاك الطاقة؟! فيما نرى السعودية التي تصدر 11 مليون برميل نفط يومياً وموازنة 600 مليار سنويا، عجزت موازنتها 80 مليار هذا العام؛ بسبب إشتراكها المباشر في حرب اليمن؛ رفعت من الضرائب وأسعار الطاقة؛ فما بالك في بلد 40% بحرب مع داعش، وما تبقى يلتهمه أخطبوط الفساد؟! مُن يستهلك أكثر أما أن يربح منه، أو له القدرة على دفع الأجور، ومن حق الدولة إستقطاع ضريبة الفوائد لخدمة الفقراء. الماضي مات، وما هو آتٍ آتْ، لذا لا نندب الحظ ونترك الواقع بعشوائية، والمفترض حساب أجور الخدمات تصاعدياً، ويستقطع أجور خدمات الفقراء أقل من الأثرياء، ولكن السؤال هل نملك أيادي أمينة لإيصالها، وهل نقبل نظرية دعم البنزين لسيارات الأجرة، ونضاعف الماء والكهرباء لمن يستهلك أكثر من إحتياج العائلة، وبذلك توفر من تلك الأموال مشاريع تنموية وإستثمارات ودعم الرعاية الإجتماعية والإحتياجات الخاصة، ويقنن الصرف، وهنا العدالة أن تدفع ما تستهلك؛ مقابل إرتفاع في معدل دخل الفرد المتوسط الدخل؟!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته "البيئية - المناخية" الخانقة ؟