حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ المعركة..هو التوصيف الأقرب للواقع من خلال الوسائل المتاحة والنتائج المرجوة من الإصلاح لاسيما وان متواليات الاصلاح(المرجعية الدينية العليا ممثلة بآية الله السيستاني دام ظله ـ الشارع العراقي ـ د. العبادي) بدأت تضطرد باتجاه واحد لا رجعة عنه وهي معركة مستمرة لاهوادة فيها بحسب تأكيدات العبادي المستمرة، ولكن بوسائل مختلفة فمازالت المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف تواكب ببياناتها الأسبوعية ومن خلال خطب الجمعة في الحضرة الحسينية الشريفة ردود الأفعال التي تطلقها التظاهرات الجمعوية الغاضبة والصاخبة والتي حولت العراق كله الى ساحات تحرير تمد ساحة التحرير الكبرى في قلب بغداد بالمطالب المشروعة والزخم الجماهيري المتواصل الذي لم ينقطع او تهدأ فورته بل العكس، تطور الامر الى المطالبة بالاعتصامات المفتوحة وتحديد سقوف زمنية عاجلة للحزم الإصلاحية التي اطلقها بالتوالي رئيس الوزراء العبادي تماشيا مع تفويض المرجعية الدينية العليا ونبض الشارع الهادر. وهذا الحراك المتواشج والمتفاعل مابين المرجعية والشارع ورئيس السلطة التنفيذية والمعني الاول بملف الإصلاح يشي بان الاصلاح يتطلب معركة حامية الوطيس ذات رؤية إستراتيجية شاملة وسقوف زمنية معقولة وبُعد نظر مع الفساد والآليات والتشريعات التي أتاحت لهذا المناخ الموبوء بالفساد والمفسدين ان يتغول بهذا الشكل المرعب، معركة شرسة تواكب المعركة الوطنية والملحمية التي يخوضها العراق ضد داعش وتسير بالتوازي معها ولابديل عن خيار النصر لاسيما وان المرجعية الدينية اعطت الضوء الاخضر لاكثر من مرة بان على السيد العبادي ان يضرب بيد من حديد جميع مظهر الفساد وأشكاله ويلاحق مايسمى بـ"حيتان" الفساد لغرض معاقبتهم واسترداد ماتم سرقته وبأثر رجعي في الداخل والخارج. ولكن ومن الطبيعي ان الفساد المستشري والمتغلغل في كل مفاصل السلطات الحكومية الثلاث ليس من السهولة اجتثاثه بمجرد مطالبات شعبية شوارعية تتلخص اغلبها بـ(اطالب، وارحل) وبجرة قلم كما يقولون فان السيد العبادي يخوض معركة الاصلاح في محيط سياسي معقد وصعب ويواجه تحديات كبيرة من الشركاء والقوى المتنفذة في العملية السياسية ومع هذا فالعبادي ماض في تنفيذ حزم إصلاحاته وتحديد سقوف زمنية لتنفيذها تراوحت بين شهر الى ستة اشهر كحد اقصى والكثير منها تحقق فعلا، والعملية تحتاج الى وقت وتانٍ لا كما يعبر «كبسة زر» فالسيد العبادي وبحسب مصادر مطلعة يعمل بستراتيجية ذات مسارين، الاول ملاحقة الفاسدين من مسؤولين كبار الى ادنى، والمسار الثاني محاسبة جميع الفاسدين في مفاصل الدولة من كافة المستويات وتطبق الخطة من خلال مراجعة جميع حالات الفساد واتخاذ قرارات قضائية بشأنها والتعاون بين مختلف الجهات الرقابية والموظفين والمواطنين للكشف عن حالات التلاعب والتزوير والفساد الإداري والمالي. الحراك الجماهيري المُطالب بالإصلاح بُدئ بمطالبات عديدة ومتنوعة كتوفير الخدمات لاسيما المطالبة بتحسين واقع ملف الكهرباء وتحسين الواقع المعيشي للمواطنين وتطورت الى مطالبات كثيرة ومتنوعة مابين التشريعية والتنفيذية والقضائية والإدارية نزولا الى الواقع المحلي في المحافظات واليات عمل مجالس الحكومات المحلية فيها والتي تعتبر امتدادا طبيعيا لعمل واليات الحكومة المركزية وما يشوبها من فساد، ومن الطبيعي ايضا ان تصطدم الحزم الإصلاحية بالكثير من الكوابح والمعرقلات والجدران العالية من الرفض والممانعة وعدم القبول او التسويف وربما اللامبالاة او تقبل واقع الحال اذاما اعتبرنا ان الإصلاحات هي بمثابة واقع حال لامحيص عنه ولايوجد هنالك من خيار اخر للجميع (مرجعية وحكومة وشعبا) وليس ثمة مخرج من المأزق الذي وجدت الطبقة السياسية نفسها فيه الا بالقبول والإذعان لرأي المرجعية ومطالب الشارع وتنفيذ القرارات التي تضمنتها حزم العبادي الإصلاحية تنفيذا حرفيا بعد ان انطلق الماراثون الاصلاحي لإعادة العراق على السكة الصحيحة ومازالت تلك الحزم تتوالي وتتواتر بهذا الاتجاه الى ان تتحقق اهدافها . المطالب الشعبية التي دعمتها المرجعية، كانت مطالب شاملة وعفوية ولم تتحزب او يدخل المال السياسي او الاحزاب في تنظيمها وتوجيهها ولكن يؤخذ عليها انها لم تتاطر بأطر قانونية لعفويتها كونها كانت صرخة مدوية ضد الفساد بكل أشكاله وممارساته فقد تركزت حول النتائج والشخوص ولم يتم التركيز فيها على الآليات والتشريعات التي سببت مظاهر الفساد الذي تمأسس وتقونن واستحال الى ممارسات وتقاليد وثوابت وظيفية وحكومية راسخة أفقدت الطبقة السياسية مصداقيتها امام الرأي العام ورجل الشارع. معركة الإصلاح دارت رحاها في محاور عديدة منها ادارية ومالية وتنظيمية مع استمرار مبدأ الشراكة في السلطة التنفيذية بعد الترشيق وعدم التهميش لاي مكون او جهة لان الاصلاحات لم تستهدف احدا، اسفرت تلك المعركة عن الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وترشيق الكابينة الحكومية الى 22 وزارة بدلا من 33 باعتماد البعد المهني في هذا التقليص ومراعاة الترشيد في التخصيصات والنفقات، وتخفيض اعداد الحمايات الشخصية للمسؤولين والرئاسات وغيرهم وإلغاء أفواج الحمايات الخاصة التابعة الى الشخصيات وإعادتها الى وزارتي الدفاع والداخلية وإعادة تخصيصات مكاتب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء الملغاة الى الخزينة العامة للدولة،وتوجيه هيئة النزاهة برفع اسماء المتهمين بقضايا تتعلق بسرقة المال العام والتجاوز على ممتلكات الدولة والشعب لإحالتهم الى القضاء وفتح الشوارع الرئيسة والفرعية المغلقة من قبل شخصيات وأحزاب ومتنفذين، وتشكيل لجان قانونية مختصة لمراجعة بيع وإيجار وتمليك عقارات الدولة في بغداد والمحافظات في المرحلة السابقة لأية جهة كانت، وإعادة الأموال التي تم الاستيلاء عليها خارج السياقات القانونية الى الدولة وإعداد خطة اقتصادية للسيطرة على الانخفاض الكبير بأسعار النفط والبدء بإصلاحات اقتصادية في العديد من الوزارات وفتح الاستثمار واخيرا تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث و إعفاء 123 وكيلاً ومديراً عاما فضلا عن تشكيل لجان لتنفيذ بنود الإصلاح منها تشكيل لجان عليا مختصة لتسهيل إجراءات التنفيذ اضافة الى تقييم اداء الوزراء والوزارات وتشكيل لجان لاعداد نظام رواتب جديد. الإصلاحات صيرورة لابد منها لتحقيق منهج العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين والهدر في المال العام وتقليل الهوة بين المسؤول والمواطن ويجب ان تنفذ وفق القانون والدستور ودون أي استثناء أو تمييز حزبي أو طائفي والاهم من كل ماتقدم هو اعادة الثقة الى الشارع العراقي بالعملية السياسية ورموزها وتطهير البلاد من الفساد ورموزه واجتثاث الآليات التي ساهمت باستشراء الفساد ومحاسبة الفاسدين اينما كانوا والى اية جهة ينتمون . كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- مبابي وفيني.. المعركة القادمة
- نهج الإصلاح في حياة الامام الكاظم ( عليه السلام)