- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مع الامام الصادق في ذكرى استشهاده
حجم النص
بقلم:رائد العتابي. ان للشريعة حماة وقادة وذادة على عواتقهم تقع مسؤلية حماية الدين من البدع والاباطيل والانحرافلقد خلقهم الله تعالى ليحفظوه سليما لتتسلمه الاجيال اللاحقة وتوصله كاملا الى الناس ولم تجد في التاريخ امناء على الدين مثل اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لانهم لا ينطقون الا عن الفهم الصحيح للدين والسنة النبوية المطهرة انهم روح الدين والقران وانوار الهدى من الضلال لم يعلّمهم احدٌ ولم ياخذوا من احد انما هو علم يستلهمه من ابيه ثم يودعه ابنه وهكذا قولهم روى ابونا عن جدنا عن جبرئيل عن اللهفاي سلسلة ذهبية هذه التي يروون عنها بابي هم وامي . في الخامس والعشرين من شوال لسنة 148 هجرية فجعت الامة باستشهاد واحد من ائمة اهل البيت عليهم السلام لقد كان امامنا الصادق مجددا للدين ومحاميا عنه من البدع والضلال والزندقة والمذاهب التي ظهرت في ذلك الوقت والتي انشبت اظفارها في جسد الامة الاسلامية لتضعفه وتزيف محتواه لولا وقوفه الصادق وصلابته في الدفاع عن الدين وكشفه عن الوجوه القبيحة التي حاولت تشويه الاسلامفهماركان البلاد وابواب الايمان وامناء الرحمن فهو عليه السلام بحق مجدد الدين وباني المذهب ولله دَرّ الشاعر اذ يقول: انت ياجعفر فوق المدح والمدح عناء * انما الاشراف ارض ولهم انت سماء جاز حد المدح من قد ولدته الانبياء فانتحت الامة واتجهت نحو اتخاذ ما تهوى السياسة والملوك من مذاهب في التعامل مع الدين ولم تتجه الشيعة نحو سياسة الملوك والامراء وما يهوى السلاطين بل اتجهت نحو الدين الاصيل الذي ينبع من القران والسنة المحمدية المطهرة بعيدا عن السياسات المنحرفة والاهواء الضالة قادها الى ذلك ائمتها متجسدا ذلك بصادق اهل البيت الامام جعفر الصادق واخذ زمام القيادة وبلور المذهب وأتُخِذَ من اسمه المقدس عنوانا الى هذا المذهب وكفى به فخرا ان يسمى بهذا الاسم المطهر وسار بالناس بالاتجاه الصحيح وركوب سفينة النجاة في وسط بحر لجي من الفتن والمذاهب والبدع والاراء من قبل اناس لا يَسمونَ الى الامام الصادق علما ولا تقوى ولا حسبا ولا نسبا فتحملوا عليهم السلام بابي وامي العذاب والقتل والسم والنفي فقتل من قتل وسبي من سبي واقصي من اقصي وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبةوتحمل شيعتهم ومحبوهم العذاب واوقع الظالمون فيهم السيف وقتلوهم وقطعوا ايديهم وارجلهم وسملوا اعينهم وصبوا عليهم البناء في الاسطوانات لانهم يحبون هذا العبد الصالح علي بن ابي طالب اسد الله الغالب . كان الامام جعفر بن محمد الصادق المقدم في ميدان الدفاع عن الدين بالعلم والمعرفة والحديث اذ تصدى لفضح كل المتطفلين والذين يدعون العلم ظلما وزوراً لياكلوا باسم الدين ويعتاشوا عليه فكشف عن اولئك من خلال النقاش والمحاججة والمناظرات والاسئلة التى وقفوا امامها عاجزين لخلو جعبتهم من العلم. لقد تعددت ادوار الائمة وكان الهدف واحدا وهو الحفاظ على الدين فمنهم من دافع عنه بالسيف ومنهم بالدعاء ومنهم بالعلم والمعرفة لتثبيت الخطوط العريضة لهفخافت السياسة المنحرفة من التفاف الناس حول الامام الصادق فاستدعته الى بغداد لتتمكن من السيطرة عليه ليكون تحت بصرها وهمت بقتله مرات فبقي الامام بين ظلم السلطة وتكاسل الامة في معرفة امام زمانها والدفاع عنه والوقوف بجانبه في محنته . وهكذا هم الظلمة الذين يتخلون عن القيم والمثل والاخلاق من اجل دنيا هزيلة فهي لا تتورع ولا تتوقف في قتل حتى الاولياء والصالحين من الامة من اجل هذه اللماظة لو يفهمونها لولا دفع الله عنه ذلك ليكون ذخرا للدين وحاميا للشريعة.لقد حرمتنا السياسة العوجاء العمياء من امثال هؤلاء القمم الفطاحل من علمهم واخلاقهم وفهمهم الصحيح للدين والقرانيذكر الكراجكي في كنز الفوائد ان ابا حنيفة اكل طعاما مع الامام الصادق عليه السلام فلما رفع الصادق يده من اكله قال: الحمد لله رب العالمين اللهم هذا منك ومن رسولك فقال ابو حنيفة يا ابا عبد الله اجعلت مع الله شريكا ؟ فقال له ويلك ، فان الله يقول في كتابه:(وما نقموا الا ان اغناهم الله ورسوله من فضله) (التوبة: 74) ويقول في موضع اخر : (ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) (التوبة: 59) فقال ابو حنيفة : والله ، لكأني ما قراتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما الا في هذا الوقت. لقد كان عليه السلام استاذ جابر بن حيان ابو الكيمياء كما يلقب وكان الامام عليه السلام عالما بالفلك والفيزياء والرياضيات هذا العالم الكبير الذي علمه من الله تعالى كان عالما موسوعيا عميقا بكل معنى الكلمة فلو امهله القدر وثنيت له الوسادة واستفادت الامة من علومه لكانت في غير هذا الوضع والمستوى. وبقيت السياسة السوداء تكيد لمثل هؤلاء الاولياء لتوقع بهم وتحرم الامة من انوارهم لتعيش في ظلام الجهل والتخبط ولتكون سهلة الانقياد بيد السلطة المنحرفة بعد الائمة الاطهار ان من اساليب الطغاة عندما يريدون ان يسيطروا على الامة ويستخفوا بها يعمدوا الى اطفاء انوار الهداية بقتل علمائها والواعين منها والعقول المفكرة لتقتنص الامة وتقتلها. سيدي يا ابا موسى ان هدموا قبرك من على الارض فانهم لا يهدموا قبرك الذي في قلبي ووجودي وكياني ان مشكلة اعدائكم انهم كلما ازدادوا وتوغلوا في عداوتكم ازداد حبكم في القلوب فكانهم يبنون ولا يهدمون لا يتمكن هؤلاء من اطفاء جذوة الحب التي في وجودنا لكم فاي فاجعة حلت بالامة عند استشهادك واي مصيبة عظمى المّت بها عند فقدك السلام على الدعاة الى الله والادلاء على مرضات الله والمستقرين في امر الله والتامين في محبة الله ورحمة الله وبركاته. ورحم الله السيد محسن الامين (قدس سره) وهو يرثي الامام عليه السلام: تبكي العيون بدمعها المتورد * حزنا لثاوٍ في بقيع الغرقد تبكي العيون دما لفقد مبَّرزٍ * من آل أحمدَ مثله لم يُفقد اي النواظر لا تفيض دموعها * حزنا لمأتم جعفر بن محمد.