- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أين العراق من منعطفات الصراع في المنطقة ؟!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي تعيش المنطقة عموماً والعراق خصوصاً حالة من الفوران البركاني خاصة بعد ظهور ما يسمى بداية الربيع العربي الذي كان ربيعاً قاسياً ببرده، حيث تغيرت توجهاته ليكون شتاءً قارساً يمزق الاوصال، إذ سقطت الدول العربية الواحدة تلو الاخرى تحت شعار " التغيير " الذي لم يعرف الجهة الذي تبنته سوى انها ثورة عربية شعبية لتغيير الحكام الظلمة، والتساؤل هنا أين كانت هذه الشعوب قبل هذا الوقت، وهي تعيس سنوات طويلة تحت سطوة الحاكم الظالم. بدأت من العراق وسقوط نظام البعث الذي كان مثالاً حياً في التسلط والديكتاتورية وقتل الشعب العراقي، وتلاوة بعده سقوط الاصنام واحداً تلو الآخر لتبدأ المنطقة مرحلة جديدة خصوصاً بعد ظهور جبهة النصرة في وسوريا وفيما بعد عصابات داعش في الشام والعراق، الامر الذي أدخل العراق في حرب تغيير منطقة الشرق الاوسط على أسس جديدة تحددها القوى على الارض. بعد عام 2003 عاش العراق حرب التصلب في المواقف مع الجيران، الامر الذي أخسره المواقف الاقليمية والدولية، وفي بعض الاحيان وصل الحال الى نتائج كارثية من سقوط الموصل والتي تعد ثاني اكبر مدينة في العراق وما تلاها من سقوط مدن العراق الاخرى، والذي يحاول استخدام طاقته من اجل مسك زمام الامور، ولكن دون جدوى، فعصابات داعش تعادل قوة الدول مجتمعة، والا أي تحالف دولي لا يمكنه القضاء على عصابات ارهابية ؟! الملاحظ على خارطة العراق نجد ان القاسم والفيصل بين دولتين كبيرتين ومتنافستين في الشرق الاوسط، الا وهي ايران من الشرق والتي يمتلك العراق حدود تقدر (1458 كم) والسعودية من الجنوب الغرب بحدوداً تقدر (814كم) والذي يبدو فيه العراق مقدر له ان يعيش مختنقاً بين الخصمين، وان يعمل جاهداً من أن أجل ايجاد توازن طبيعي بين الطرفين، كما يسعى ان لا يحسب على طرف دون طرف، فالشيعة في العراق الذي يبلغ تعدادهم وبحسب احصاءات الامم المتحدة أكثر من 65% من سكان العراق، والسنة العرب الذين يمتلكون 20% من نسبة سكانه، وإيجاد التوازن السياسي والاجتماعي بين هذه المكونات. التنافس بين السعودية وإيران ارتفعت وتيرته بعد في الاونة الأخيرة خصوصاً بعد احداث اليمن والاتهامات المتبادلة بالتدخل بالشأن اليمني سواءً من السعودية او ايران، والدعم الايراني للعراق في حربه ضد داعش، الامر الذي جعل الاحتقان والتوتر يزداد بين طرفي الصراع، مع سعي كل طرف منهما للحصول على مكاسب سياسية او على الارض تزيد من نفوذه في المنطقة، خصوصاً سعي ايران تصفية ملفها النووي والانتهاء من عزلتها الدولية المفروضة عليها منذ سنين، في مقابل ذلك تحاول السعودية فرض سياستها على المنطقة، وزيادة زخمها خصوصاً في مناطق الصراع (سوريا – العراق – اليمن – لبنان) مما يجعل حدة الصراع تزداد وتلقي بظلالها على العراق تحديداً. الموقف العراقي في داخل البيت العربي لم يكن مؤثراً يوماً اطلاقاً، وعندما نلاحظ موقفه من الازمة اليمنية وُصف من بعض الدول العربية انه "تغريد خارج السرب "، خصوصاً مع عدم وجود نوايا حقيقة من أصلاح الوضع السياسي والاجتماعي الداخلي في البلاد، الامر الذي يجعل موقفه ضعيفاً امام مواقف الحرب التي اعلنها العرب على اليمن، وإيجاد موقف عراقي قوي من مجمل القضايا العربية والأزمات التي تمر بها المنطقة. لو كان العراق اصلح بناءه الداخلي وأسس لدولة حديثة، ذات مؤسسات دستورية خلال الاثني عشر عاماً الماضية لكان اليوم من اقوى المواقف العربية، بل اكثر من ذلك كان باستطاعته ان يغير المعادلة القائمة في المنطقة، وبروز لاعب شرس اسمه العراق، ولكن النوايا الخبيثة من الدول الاقليمية في بقاء بلداً ضعيف تنخب به الطائفية والصراع القومي جعل منه كالمقعد ينتظر اعلان موته سريراً. أعتقد ان العراق محور الصراع في المنطقة، وهو بوصلة التحكم فيها، فيجب أن يكون هناك تغييراً داخلياً، وظهور نخبة سياسية جديدة تحمل راية التغيير، وتعمل على بناء دولة قوية قادرة على النهوض بالواقع الهزيل للبلاد، وتكون مصداً لأي اجندات من هنا او هناك تحاول تمزيق البلاد والعباد وبموقف علني واضح من جميع الاطراف.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي