حجم النص
بقلم: رائد العتابي. لا يختلف اثنان على ان الدين هو الخلق وانه جاء من اجل حياة ارفع واكرم ولا يحب ان يرى البشرية ملوثة بالاخطاء والمعاصي ومخالفة الرب وعصيانه.بالغ الدين في التحذير منها لانها تمنع الانسان من العيش الكريم والسمو ونكران الذات اذ أن كل اثم هوضربة موجة الى بناء الانسان الديني الذي هو الاهم عند الله تعالى فكل نوع من المعاصي هو تبديد وتشتيت لرصيده الايماني اذا لم يتداركه بسد الثغرة واصلاح الخلل وعدم العود اليهفان للمعصية اثرا وضعيا على صاحبها كان يحرم من العلم او الرزق او العبادة قال الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم: (اتقوا الذنوب فانها ممحقة للخيرات ان العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه.)1وقال عليه الصلاة والسلام:(من قارف ذنبا فارقه عقل لا يرجع اليه ابدا.)2 وقال اميرالمؤمنين عليه السلام:(احذروا الذنوب فان العبد ليذنب فيحبس الرزق)3 ان هذه النتائج هي تنبيه وعقوبة (تذكيرية) للعاصي. الجسم الذي يرزح تحت ضربات المرض المتلاحقة يضعف وينتهي اذا لم يتخلص منه ومقاومة الذنب كمقاومة المرض فاذا استسلمت اليه قتلك وهكذا هوايمان الانسان اذا كان فريسة الاخطاء والاثام. إن التهاون بالمعاصي صغيرها وكبيرها يؤدي الى تاكل الدين كما ياكل الصدا الحديد ولا نستهين بصغائر الذنوب ومحقراتها ونراها قليلة وهي في الحقيقة رصيد ابليس عند الانسان وموضع رضاه فانه يفرح بوجودها لانه ضَمنَ صيده السهل للانسان العاصي لوجود الاوليات قال ابو عبد الله الصادق عليه السلام(اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر قلت وما المحقرات قال: الرجل يذنب الذنب فيقول:طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك)4 فان من الخطر ان يقول الانسان ان ذنوبي قليلة ولا شئ علي لانها تتجمع وتتراكم وتقع وقتها الكارثة. ان الخطا الصادر من الانسان هوكالصدع في جدار بنائه الديني يكبر ويتوسع حتى يسقط البناء اذا لم يسرع في سده وترميمه بالتوبة والندمكالفتق يتوسع على الراتق اذا لم يبادرويرتقه بسرعة.ان المخالفات التي يقترفها الانسان هي عراقيل في طريق الوصول الى الله عز وجل وهي العصي التي تمنع الدواليب من الحركة والسير والتقدم ان تراكمات الذنوب لدى الانسان تفصله عن الحياة الحقيقية ولكثرة اقترافها فانها تعجل باجله قال الامام الصادق عليه السلام: (من يموت بالذنوب اكثر ممن يموت بالاجال)5 الخطيئة الصادرة من العبد هي طعنة في جسم الايمان مؤثرة اذا لم يتم معالجتها فانهاتجر الى خطايا اكثر كالجرح اذا لم يعالج يستتبع اضرارا اخرى ومشاكل للجسم فالذنوب تبعد الانسان عن ربه وكلما توغل فيها ازداد بعداً. الذنب هو نزول من سلم الرقي كما الطاعة صعود وتالق. الذنب سم على الايمان والروح هناك ذنوب اكثر فتكا من غيرها كالضربات التي هي اشد من غيرها فعلى سبيل المثال لا الحصر ان ذنب الغيبة اشد فتكا حتى من ذنب الزنا- والعياذ بالله – قال الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم: (فان الغيبة اشد من الزنا)6 كالجراثيم بعضها اقوى واشرس على الجسم من بعض. من منا لا يحب ان لا يخطا في امتحاناته المدرسية والعملية ليحصل على درجات عالية تؤهله للصعود في الحياةومن منا يحب الخطا في الحياة الدنيا بما انها امتحان كبير للفوز بدرجات عالية في الحياة الاخرة عند مليك مقتدرنعم في الذنب حلاوة ولكن لذة الفوز والانتصار عليه احلى والذ ولم لم يكن فيه حلاوة لما اقترب اليه الناس لذلك نرى الكثيرين من الناس ما استطاعوامقاومة اغراء الذنوب وسقطوا فيهاوتحملوا التبعات الكثيرة والخطيرة ان ترك الذنب شديد على النفس لانها واقعته وقاربته ولكن المجاهدة لها ثمن وهو الجنة قال علي عليه السلام:(ترك الذنب شديد واشد منه ترك الجنة)7 مقارفة الذنب تعتبر تحطيم تدريجي لسورالايمان الذي بناه الانسان الى ان ياتي عليه كله فيكون مكشوفا للعدو ليطمع فيه ويهجم عليه. الذنب خيانةٌ لمملكة الروح وقوتها وعنفوانها فتنفتح الابواب والثغرات للاعداء لاحتلالها وتركيعها واذلالها فيكون الانسان عندها في دار حصن ذليل. الجنة ثمنها غال لا يدرك الا بالابتعاد عن الخطا والمعصية والصبر عنه.بيت الروح كلما حصنته من المعاصي اكثر كنت امنا اكثر.ان من اخطر الامورهو تهوين الذنب واستصغاره وبهذا يكون اسهل ارتكابا ومقارفة وهذا هو الجهل المطبق الذي عند الناسقال امير المؤمنين عليه السلام:(تهوين الذنب اعظم من ركوب الذنب)8 عندها ترتكب معصية مضاعفة هونت الذنب ثم ارتكبته.ان الحياة وقت ممنوح من الله للانسان وقد وقته الوقاتون وحسبه الحاسبون فلننظر كيف نقضيه هل بتراكم المعاصي ام بتنظيف الذات ان حياة الانسان سلته فليملئها بالحسنات والعمل الصالح ليقدم شيئا عند ملاقاة ربه لا بالذنوب والاثام لتكن اعمالنا تتكلم بدل السنتنا ولتتوفرعندنا عزمة من عزمات الرجال ونستغل هذا الشهر الشريف للابتعاد عن المعصية والاقتراب من الطاعة لنتخلى عنها في السر والعلن والخلوة والاختلاط فان الله شاهدنا وناظرنا قال علي عليه السلام:(اتقوا معاصي الله في الخلوات فان الشاهد هو الحاكم)9 ان الحياة بوابة تنفتح من طرف واحدفاذا خرجت منها لا تستطيع ان تعود فلننظر ماذا قدمنا قبل ان نخرج منها بلا رجعة لنبني الصدق والاخلاص مع الله تعالى في شهر التسامح والعفو ونستفيد من فيوضاته تعالى في هذا الشهر الفضيل وان لا نهدم ما بنينا لكي لا نكون كحمقاء مكة التي نقضت غزلها وحلته وبعثرته بعد احكام وابرام وتعب وجهد انكاثا وانقاضا. 1 بحار الانوار 2 المحجة البيضاء 3 الخصال 4 الكافي للكليني 5 امالي الطوسي 6 وسائل الشيعة 7 غرر الحكم 8 غرر الحكم 9 نهج البلاغة. رائد العتابي. e-mail [email protected]
أقرأ ايضاً
- لتحيا ذاكرة السمكة
- بعد اصطياد سمكة الفساد سهى خليل .. الشعب ينتظر رفع الحصانة عن الحوت مثنى السامرائي
- أهل مكة أدرى بشعابها