حجم النص
بقلم:عبدالرضا الساعدي هل يحتاج المواطن العربي اليوم أن يعرف عن التفاصيل السرية التي لا يعرفها حتى اللحظة، في اتفاقية تم التوقيع عليها في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن، والتي تعرف ب (اتفاقية كامب ديفيد) ؟ لا أظن ذلك، لأننا دفعنا ضرائب هذه الاتفاقية وكل الاتفاقيات المشبوهة، المعلنة وغير المعلنة، مع الكيان الصهيوني وحليفه الأول أمريكا، على يد الزعماء العرب المتخاذلين المتواطئين والمشتركين بجرائمهم ضد شعوبنا المغلوبة على أمرها، وما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم. واليوم تُستكمل الحلقات المتبقية من هذه الاتفاقية الأمريكية الإسرائيلية، ولكن بطاقم سياسي خليجي مفضوح النوايا والأهداف ضد شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها وتطلعاتها. تجيء هذه القمة (قمة كامب ديفيد)، ونحن نعيش المآسي تلو المآسي، وسببها الأول والرئيس هذه الدول التي تجمعت في منتجع (كامب ديفيد) للتآمر مرة أخرى على المنطقة العربية والإسلامية لمصلحة إسرائيل وحلفائها،أولا وأخيرا، فهنا مأساة في بلاد الرافدين وهناك مأساة في بلاد الشام،تحديدا في سوريا، وأخرى في اليمن السعيد _ كما كان يسمى قديما _، وفي البحرين أيضا، كل هذه المآسي وغيرها في المنطقة أنتجتها عقليات وأيديولوجيات ومخططات خبيثة مشتركة متفقة في النوايا والأهداف والمصالح، وكلها تصب في طريق ضرب مصالح الشعب العربي والإسلامي، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة من أجل عيون إسرائيل ورضاها عنهم. كامب ديفيد أخرى، لا يحتاج المواطن العربي معرفة تفاصيل أسرارها أيضا، لأن اللاعبين معروفون وأهدافهم مكشوفة أكثر من ذي قبل، وأولها تقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، بدوافع سياسية معروفة أيضا ؛ أساسها تمزيق وحدة الأمة وتهشيم القيم وهيمنة مفاهيم الهزيمة والتشرذم والسقوط، ومحاربة كل الدول والقوى الخيرة المقاومة والمناوئة لهذه الأهداف، وهي شروط مهمة لبقاء هذه الأنظمة العميلة في عروشها، لأنها تأسست وفقا لهذه الأهداف بعيدة المدى التي كان يخطط لها العقل الاستعماري الإمبريالي منذ البدء. وكعادة الإعلام المأجور والمضلل لهذه الدول، حاول ويحاول أن يذر الرماد في العيون لكي يغطي على تمرير هذه القمة بطرق تبدو معها الدول الخليجية وكأنها صاحبة موقف حازم وقوي ومبادئ من أجل مصلحة الأمة ودرء المخاطر عنها، بينما في الحقيقة لا عدو أمامها سوى أعداء إسرائيل وأعداء الإرهاب، لأنها دول راعية للإرهاب أولا، ومتقاربة في الغايات والوسائل مع أعداء شعبنا الأبي، ولهذا جاءت لكامب ديفيد لكي تطبخ طبخة أخرى باتجاه إحراق وتقسيم المنطقة في المرحلة القادمة، وإنعاش الإرهاب وتعزيز الوجود الأمريكي الإسرائيلي حتى تحقيق أحد أحلام إسرائيل الكبرى (من النيل إلى الفرات)!.. وهذا ما ستواجهه شعوبنا المتحررة الواعية الشجاعة التي تمنع هذه المخططات بالتضحيات والدماء وتلقن الإرهاب يوميا دروسا في الإباء والتصدي، درءا لرياح السموم الخليجية الصهيونية.