حجم النص
بقلم الكاتب فالح حسون الدراجي بعد ستة وعشرين يوماً على القصف الوحشي الجوي السعودي على اليمن، توقفت «عاصفة الحزم» بعد أن فشلت هذه (العاصفة) فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها المعلنة والسرية. وقد تم ذلك بفضل الصمود الكبير والإعجازي للشعب اليمني البطل، رغم الخسائر المدنية الكبيرة في صفوفه من اطفال ونساء وشيوخ، اضافة الى تدمير البنية التحتية المتواضعة أصلاً بسبب فقر اليمن، وضعف اقتصاده... وإذ تحاول السعودية اليوم تبرير فشلها بذرائع واهية ومضحكة، دون أدنى اعتراف بالحقائق العلمية التاريخية، ودون أن تضع في بالها هامشاً حتى لو كان صغيراً لقدرات وامكانات الشعوب المتسلحة بالحق، والمؤمنة بقضيتها الوطنية المصيرية، قضية الدفاع عن الأرض والعرض والحرية والدين والشرف والاستقلال مهما كانت التضحيات المطلوبة، فإنها- أي السعودية- لا تريد أن تقر بأن السبب الحقيقي في فشل عدوانها يكمن في صمود الشعب اليمني، الذي أسقط كل الآمال المنتظرة من القصف الجوي الهمجي، الذي وصل أحياناً الى أكثر من مائة غارة جوية يومية، فدفع السعوديين وحلفاءهم الى حل واحد، حل يجبرهم على إيقاف العدوان، والتوجه الى حلول أخرى – إن وجدت - طبعاً بعد أن تتم فبركة أسباب ومبررات، تعلن في بيان عسكري سعودي مرتبك، ينهي عمليات (عاصفة الحزم)!!. وهناك أسباب مكملة برأيي لعامل الصمود اليمني، منها أن السعودية أدركت بعد ستة وعشرين يوماً من العدوان انها معزولة تماماً عن القاعدة الشعبية العربية وعن حكومات العالم العربي أيضاً وان الخسائر المدنية في صفوف الشعب اليمني بلغت رقماً كبيراً وخطيراً سيسبب لها مشاكل دولية وعربية وإنسانية لا تحمد عقباها، وإن التظاهرات ستنفجر حتماً في شوارع العالم العربي والاسلامي، مما سيجعل حكومة آل سعود في موضع لا تريده لنفسها، ولا تتمناه.. لا سيما في مثل هذه الأيام الصعبة، حيث تنكشف خفايا التمويل السعودي للإرهاب يوماً بعد يوم.. حتى صار الإعلام الغربي يتحدث عنها بصراحة.. ومما لاشك فيه أن الشعب اليمني يكتب الآن مستقبلاً مشرقاً مجيداً. فصموده ونجاحه سيؤديان الى تغييرات كبرى في خريطة الخليج العربي، ويقيناً أن تعامل هذا الخليج سيكون مختلفاً مع اليمن الجديدً. فالسعودية التي كانت تحاول الهيمنة على اليمن، والغاء دوره، ستضطر للتقرب اليه، ومحاولة احتوائه بطرق أخرى غير طرق العدوان المسلح.. وكل القراءات السياسية تشير الى إن عصر الهيمنة السعودية على اليمن قد أنتهى الى الأبد، وإن اليمن بعد «عاصفة الحزم» سيكون غير اليمن الذي كان قبل الحرب، إذ سيكون قوة كبرى لا يستهان بها في المنطقة، فـ 300 طائرة حربية تم تجهيزها من قبل السعودية لضرب اليمن ليل نهار لم تستطع ليّ ارادة اليمن واخضاعه للسياسة والعقيدة الوهابية المظلمة. وكي أكون مخلصاً وعادلاً في ما أنقله من وقائع ونتائج، وأحداث تخص موضوع الشعب اليمني وانتصاره الفذ يتوجب عليَّ أن أشير لفحوى الخطاب التاريخي الذي القاه السيدحسن نصر الله في مهرجان «التضامن مع اليمن المظلوم»، الذي نظمه حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية قبل أسبوع تقريباً حيث أكد (السيد) في هذا الخطاب أن «عاصفة الحزم» ستفشل في تحقيق أهدافها، وإن جماعة أنصار الله «الحوثيين» «لم يستخدموا أوراقهم بعد»، مشككا بحصول أية عمليّة برية. وهنا أود أن أعلق على ذلك بسؤال واضح: هو كيف أدرك السيد نصر الله أن العملية البرية لن تحصل مطلقاً، بينما كان الإعلام النفطي يصرخ ليل نهار بأن العمليات العسكرية لن تتوقف حتى يتم سحق الحوثيين سحقاً تاماً، أضافة الى تصريحات الناطق العسكري السعودي التي كان يؤكد فيها كل يوم أن التحالف السعودي العربي لن يتوقف عن عملياته الجوية قبل تحقيق كامل أهدافه..!! هذا من جهة ومن جهة أخرى أود أن أشير أيضاً الى تأكيد (السيد) على أن العملية البرية لن تحصل في اليمن، وقد برر ذلك بعدم استطاعة وإستعداد السعوديين الغزاة على مواجهة اليمنيين الأبطال وجهاً لوجه. لقد كنت أرى وأسمع خطاب السيد نصر الله وهو يتحدث عن مستقبل الحرب السعودية على اليمن، وكأني أرى فيلماً سينمائياً من أفلام حرب النجوم، او أفلام الخيال العلمي، التي تضع المشاهدين في وقائع المستقبل بكل تفاصيله. والمدهش أن كل ما رأيته في (ذلك الفيلم) قد تحقق بعد أقل من اسبوع.. فمثلاً قال السيد في ذلك الخطاب أن العدوان السعودي سينتهي قريباً بالفشل التام، ولن يحقق أهدافها العدوانية، وإن العملية البرية لن تحصل، وقد تم كل ذلك فعلاً. كما قال السيد أن الشعب اليمني سيخرج منها قوياً، ومعافىً، وإن قادتها سيزدادون قوة ومجداً وهيبة، وها هو الأمر يحصل تماما كما قاله السيد في ذلك الخطاب. فهل كان حسن نصر الله عالماً بما سيحدث، وكيف علم بذلك..؟ ومن أوحى له بهذه النتائج؟ أم أنه توقع، ام تنبؤ، أم هي قراءة علمية ميدانية لما سيحصل، أم أن لتجربته الصمودية في معاركه المشابهة مع إسرائيل قد أوصلته الى هذه القناعات والاستنتاجات الحتمية! من طرفي، فقد أنهيت الأمر، واتخذت قراري الذي سأعتمد فيه خطابات السيد حسن نصر الله كثوابت ووقائع مستقبلية لامجال لدحضها او التشكيك بها، فضلا عن كونها دروسا أخلاقية وطنية وتحليلية تغني عن كل ما يأتي به غيره.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- مواجهة الخطر قبل وصوله
- مستقبل البترول في ظل الظروف الراهنة