حجم النص
بقلم: عباس البغدادي طالب السيد أحمد الصافي ممثل المرجعية العليا، في خطبة الجمعة اليوم 15 آب؛ "بتجنب رفع أية صور أو أعلام في القطعات العسكرية، مشددا على ضرورة ان يكون العلم العراقي هي الراية التي ترفع". يمكن اعتبار هذا المطلب خطوة أخرى متقدمة في تحصين فتوى الجهاد الكفائي الصادرة عن المرجعية العليا، اذ سبقتها خطوات عديدة، منها ضرورة الامتثال لتعليمات الجهات المختصة في تنظيم عمليات الحشد الشعبي، وألا تحيد حملات التطوع عن مسار الجهد الحكومي الرسمي. وكان السيد الصافي واضحاً في المطلب، لما للموضوع من أهمية في هذا الظرف الحساس، ومعلوم للجميع بأن الخطبة السياسية لممثل المرجعية لا تتطرق سوى للأمور الحيوية والهامة والتي تستدعي الاهتمام، وجاء التطرق الى العَلَم العراقي كواحد منها، اذ يوّجه الى ضرورة وضع حدّ لكل من يعطي الحق لنفسه بأن يتصرف و(يجتهد) كيفما اتفق في مثل هذه الظروف! يعتبر علم الدولة الرسمي رمزاً وطنياً تفتخر به بلدان العالم في كل الظروف، ويشتد التمسك برمزيته في الظروف غير الطبيعية، وتندرج الحروب ضمن هذه الظروف، وفي حربنا الملتهبة ضد الإرهاب التكفيري اليوم، يستدعي الأمر التمسك (بشدة) بأي رمز يعضّد وحدتنا الوطنية ووحدة الصف، ويعتبر العلم العراقي أهم هذه الرموز وأشدها وضوحاً، خصوصاً وان الهجمة الإرهابية تستهدف تلك الوحدة الوطنية، وتجاهر بتفتيت الصفوف وتقطيع أوصال الوطن، ومن هنا تكون الحاجة ماسة الى التأكيد على أهمية هذا الرمز، وضرورة التمسك به، والابتعاد عن كل ما يضعّفه او يحوّله الى قطعة قماش فاقدة لرمزيتها. لا يمكن بحال تفسير فتوى الجهاد الكفائي بأنها (مباركة) وغطاء لجعل ساحة المعركة ميداناً لرفع رايات المجاميع والتشكيلات والفئات التي تلًبي نداء المرجعية العليا، أو انها فرصة للظهور واستثمار الظروف، وإذا كان هذا الفهم قد راود البعض، فهو فهم قاصر ولا يرتقي الى أهمية وواقع الفتوى، ولا يتماشى مع الحيثيات التي عجّلت بإعلانها، ويؤسّس الى استسهال نقل التباينات والاختلافات من الشارع السياسي العام الى صفوف المقارعين للعدوان الارهابي، والمضحين بإيثار حسيني، فنقع جميعاً في محذور تصديع وحدة الصف، ومن ثم ننزلق –لا سمح الله- الى التشرذم والفئوية في ساحة حرب لا تحتمل هذا الانزلاق، ولا تعطي فرصة للمحاباة والمجاملات، اذا ما كانت التصرفات غير مسؤولة –مع حسن الظن بمن مارسها-! فلو كان الخيار بين ترك الجميع يرفع الرايات والصور والبرامج والمنشورات التي يرتئيها في ساحة مقارعة العدوان، وبين تحصين هذه الساحة من التكتل والتشرذم والتشتت، بالطبع لن يحيد عاقل عن الأخذ بالخيار الثاني، والتحذير من الخيار الأول، مثلما اختزل هذا الفهم والتبني كلام ممثل المرجعية الذي تقدم ذكره. لقد تسابق أعداء العراق والمتربصون بعافيته عقب إصدار المرجعية العليا لفتوى الجهاد الكفائي، الى تصويب نيران حقدهم ومكائدهم باتجاه الفتوى، ووصمها بأنها فتوى طائفية، وعزفت الماكينة الإعلامية الاميركية ومعها الغربية على ذات الوتر، وزادت بأن الفتوى (تمهّد الى تسليح المدنيين)! وبالطبع كان نصيب تلك المزاعم التهافت والازدراء بفعل الوعي الشعبي، وما تبع الفتوى المباركة من توجيهات واضحة، منها ضرورة تنظيم حملات الحشد الشعبي عبر القنوات الرسمية، وأن يكون التنسيق قائماً مع السلطات المختصة، كما أكدت التوجيهات على ضرورة رعاية القوانين، وصون اللحمة الوطنية. ومن الطبيعي أن لا يمثل (تعدد الرايات) في ميادين المواجهة القتالية ضد الإرهاب صوناً لتلك اللحمة. لقد أظهر الشعب العراقي فيما مضى تبرماً وشجباً لتجاهل رمزية العلم العراقي في الاقليم، مثل رفع علم الإقليم معه، او بدلاً عنه في أغلب المواقع والأنشطة الرسمية هناك، ولن يكون ملائماً اليوم (تطبيع) حالة تعدد الأعلام والرايات في ميادين المواجهة العسكرية التي تأتمر بأوامر القوات المسلحة العراقية، وما هو مستنكر في الاقليم ينبغي أن يكون كذلك في العراق برمته. مرة أخرى تثبت مؤسسة المرجعية العليا حضورها الفاعل ومواكبتها الحثيثة للأحداث ومجريات الأمور، وبأنها الضامن الحقيقي لوحدة العراقيين بكل أطيافهم، وواعية لكل ما يمكن أن يصّدع تلك الوحدة. حفِظ الله العراق.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- تفاوت العقوبة بين من يمارس القمار ومن يتولى إدارة صالاته في التشريع العراقي