- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
علي عليه السلام: تأسيس المنهج ومنهج التأسيس
حجم النص
بقلم: إيمان شمس الدين كان علي عليه السلام واضحا في صناعة وعي الجمهور، فحينما أتاه رجل من المسلمين في حرب الجمل في حيرة من أمره يسأله أي جبهة هي على حق: جبهة علي أم عائشة؟ فبالرغم من أن الأمير عليه السلام هو الحق بإقرار النبي صلى الله عليه وآله الذي قال الحق مع علي يدور أينما دار، إلا أن عليا لعلمه بابتعاد المسلمين عن عصر التشريع، وتراكم الانحراف في الوعي العام تراكما كميا وكيفيا، أجابه إجابة تأسيسية - بالرغم من ان الظرف كان ظرف حرب وعسكر ويحتاج فيها إلى كل عنصر وفرد- فكانت الإجابة تدلل واقعا على المنهج الاصلاحي وآليات صناعة الوعي في عقول الجماهير، للأخذ بهم إلى جادة الحق وتحقيق الهدف الرسالي، فقال له: اعرف الحق تعرف أهله، حيث نستشف منهجا في كيفية تعاطي القيادة مع المحيط: - استنهاض العقول في البحث عن المبدأ الحق لا عن الاشخاص، وتظهير وعي المحيط بتطوير قدراته العقلية والبحثية. - محاولة التخلص من القبليات العصبية كافة كي يتجه العقل بشكل موضوعي باحثا عن الحق لا عن القبيلة والمذهب. - الحاجة للاتباع الواعي لا الارتباط الحراري، فقوله اعرف ولم يقل اعلم يدلل على أن المطلوب هو معرفة الحق واعية، أي ليس فقط العلم به بل سلوك طريقه ومنهجه والالتزام بجادته على طول الخط الرسالي. - رغم أن الظرف التي طرح بها السؤال هي ظرف حرب، إلا أن أمير المؤمنين عليه السلام قدم أنموذجاً للقيادة المنضبطة بجادة الحق والقيادة الموضوعية غير الشخصانية القادرة على تأسيس استراتيجيات للفعل ومناهج للتفكير وليس انفعالات آنية غير مدروسة تحت ضغط الظروف المحيطة. قدم الإمام علي نموذجا للرجل الرسالي، بل ربى محيطه القريب في الدائرة الصغيرة من أصحابه على السلوك الرسالي في علاقتهم به وعلاقتهم فيما بينهم، وهو تأسيس لبناء أمة رسالية تبتعد عن كل العصبيات في تعاطيها مع أهداف الاسلام العليا، وتبتعد عن الجزئيات التي تعيق مسيرتها في تحقيق أهدافها وأسماها على الاطلاق إزاحة كل أنواع الاستبداد والعبودية لغير الله، وربط الإنسان بمحور هو الله، وهو الهدف الذي يحقق الحقيقة الإنسانية وجوهرها في العدالة والكرامة. فالارتباط بالأمير عليه السلام إذا كان ارتباطا عنوانه الطاقة الحرارية فإنه سيرتبط بالشخص لا بالنهج، وهو ما سيتضح عند هبوب الفتن العاتية حيث سيسقط هذا الارتباط وستتحول الاهداف الرسالية الى اهداف مذهبية ذاتية ضيقة. أما الارتباط الواعي بعلي عليه السلام فهو ارتباط بشخصه كمثل أعلى وبنهجه كمنهج يحمل اهدافا رسالية عالمية لا يمكنها في الملمات والفتن أن تنحرف أو تسقط حتى لو ضحينا بأنفسنا ولو قتلنا.
أقرأ ايضاً
- التسرب من التعليم
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2