حجم النص
بقلم:صادق غانم الأسدي تبنى الأوطان وتعمَر وتزدهر بأبنائها من خلال الدفاع المستميت عنها بوجه أي هجمة شرسة , فالوطن ألام الثانية الذي يوحدنا ويجمعنا تحت ظله وكما قيل الوطن تميته الدموع وتحيه الدماء , والوطن هو عبارة عن شعب وارض ودستور يتقاسم فيه الجميع ويحفظ لنا الحقوق على أن نكون متساوون في كل شيء , فهو مثلما تنعم بربوع استقرارهِ وتتمتع بالحرية والكرامة تحت مظلته الكبيرة ,عليك أن تسترد له لباس العز والعافية كدين يضل في عنقك وان تظفر جدايله من أجل أن تشرق الشمس في كل زاوية منه, وأن تسعى ليلا ًونهارا دون كلل أوأعياء أو تعب من اجل الارتقاء الى سمو ومصاف الدول التي سبقتنا في البناء والتطور , يقول الأديب الراحل جبران خليل جبران تبنى الأوطان على كاهل ثلاث فلاح يطعمه وجندي يحميه ومعلم يربيه, مع الاعتزاز بباقي المهن فالمسؤولية تضامنية ومشتركة حينما يحدق الخطر على وطن تذوب فيه كل المسميات والأصناف ,فقد قرأنا عن ا إمبراطورية اليابان وكيف تم تدميرها من قبل السلاح الجوي الأمريكي في الحرب العالمية الثانية بعد ألقاء قنبلتين ذريتين أودت بحياة عشرات الالأف خلال دقائق ,وتصور العالم أن هذه الدولة ستنتهي وستبقى تعاني جراحات وألم الحرب ولا يمكن أن تعيد بناء حضارتها لمئات السنين , وبفضل التوعية الوطنية والعمل على إنقاذ اليابان والاهتمام بالبراعم والطلبة وترسيخ معاني أواصر المحبة والعمل من اجل اليابان أصبحت خلال فترة قصيرة من أقوى الدول الاقتصادية وسيطرت على كل الأسواق العالمية بخبراتها ,فالجميع يعملون من اجل الوطن ويدافعون عنه في كل محفل رياضي واقتصادي وطويت صفحة الماضي بما فيها الم الحرب وحفزت تجربة اليابان ونموها وازدهارها على الكثير من الشعوب , ولا يختلف الأمر لما جرى أيضا على ألمانيا وكيفية دخول الحلفاء وتقسيمها ومستوى الدمار الذي حل بها , ولكن استطاع الشعب خلال سنين أن يعيد الى ألمانيا أمجادها وسمعتها , فالشعوب هي من تتولى البناء وتحافظ على الإرث ولا تحتاج في نهضتها الى من يرشدها من الخارج وهنالك دولا كثيرة سارت على غرار تلك الدولتين , أما بخصوص بلدنا العراق الذي تعرض الى أشرس حملة تدمير وتخريب في البنى التحتية والبنى الاجتماعية منذ أكثر من 40 عاما لازال يعاني صعوبة جدا في النهوض وتصحيح مساره وإظهار الوطن بحلية جديدة تسودها معالم الجوانب الحضارية والارتقاء بالمستوى الفكري وزيادة الوعي لدى أبناء الشعب , حيث يعاني الشعب وباستمرار من أزمات سياسية تتحول الى أعمال عنف بين فترة وأخرى تذهب خلالها ضحايا ليس لها أي ذنب اقترفته وبذلك تعطلت روحية حب الوطن لدى الكثير من أفراد المجتمع , فقرروا المغادرة من الوطن تاركين ممتلكاتهم من اجل النجاة بأنفسهم , ما أريد قوله أن بعض الذين هاجروا العراق وسافروا الى دول عربية او أجنبية لم يكونوا من الذين تعرضوا الى الاضطهاد أو الى التهديد , فهم مهاجرين برغبتهم بعد أن باعوا جميع ممتلكاتهم وهنالك الكثير من الناس ساروا على هذه الطريقة , وبالأخص في زمن النظام المقبور فقد خرج الكثير من الشباب الذين ارتكبوا سرقات واختلاس بالأموال العامة التي هي لم تكن للمقبور صدام حسين , وعاشوا حياة الترف والبذخ في الوقت الذي عانى الموظف والمدرس والطالب أشد الحياة قسوة والتي تفتقر الى ابسط مقومات الراحة ولا تخلوا من المراقبة والمطاردة من قبل الأجهزة القمعية , فقد أكل الشعب أصنافا غريبة وعجيبة سوى كانت محلية أو أجنبية وعلى أثرها انتشرت إمراض كثيرة , وبعد التغير ورحيل النظام ألصدامي , جاء الكثير من أبناء شعبنا يهتفون وطني وطني نحن ظلمنا نحن هجرنا وقد بانت عليهم علامات الترف والتخمة , فحين تسألهم يقلون نحن عشنا في ديار الغربة اشد قساوة وظلم , ثم من جانب أخر تجدهم يصفون البلدان الذين عاشوا بها أنها بلدان الحق والخير ولا يظلمك أحدا عندهم لان القانون فوق الجميع , فالكلام متناقض وفيه من البهتان , ومع ذلك فقد حصل الكثير منهم على مناصب سيادية وتعويضات مالية وأعيدوا الى الوظائف , في الوقت الذي بقى حال العراقيون داخل الوطن يعانون أمرين الأول النظرة السائدة التي تقول كل من بقى فهو عميل أو وكيل للأمن والثانية لايثق بالتعامل والاعتماد على كل من كان داخل القطر أن يوليك منصب لتشاركه في بناء الوطن , وقد تكررت مغادرة الناس الى خارج الوطن أثناء أعمال العنف الطائفية في عام 2005 و2006 , فقد هرب الكثير من العراقيين الى دول الجوار ومع الأسف الشديد يظهرون في الفضائيات المغرضة ينالون من العراق ويصفونه بأوصاف طائفية وينعلونه أمام كل شعوب العالم ويتكلمون على من بقى , وبعد الاستقرار عادوا مرة ثانية معززين مكرمين وقد عوضتهم الحكومة مبالغ نقدية , بالتأكيد هذا الكلام لا يشمل الجميع ولكن على العموم هنالك من استغل هذا الظرف ونفذ مآربه للحصول على بعض الامتيازات ضاربا بعرض الحائط المواطن وحب الوطن , مهما اشتدت الرياح الصفراء فسيبقى العراق هو مناراُ ً وبيت الى كل مخلص غيور , الأوطان تعتمد على سواعد أبنائها ,حينما تزور المراجع العظام في مدينة النجف الاشرف , أول ما يتكلم به المرجع يقول لك (عليك بالعراق) فالعراق أمانه في أعناق من أكل وشرب وترٌب فيه فالدفاع عليه واجب مقدس لا نتركه في وقت الشدة ونعود اليه أيام الرخاء , فان الله على كل شيء حسيب.
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الشماتة بحزب الله أقسى من العدوان الصهيوني