لا شك إن الارتقاء بالواقع العلمي والثقافي والخدمي لأمة ما؛ يعتمد على أسس ومفاهيم لابد من إيجادها وتحقيقها ليكون ذلك الارتقاء، ومنها النهوض بالواقع التربوي والتعليمي، لأنه يشكّل نقطة الانطلاقة نحو المستقبل ونافذة نطلّ منها على واقع المجتمعات الأخرى وما توصلوا إليه من المفاهيم الجديدة والمعلوماتية الحديثة، لنعكسه على تجربتنا العلمية والنفسية ولنحقق ما نطمح أن نكون عليه في السنين القادمة.
ونحن في العراق وبعدما تعثر الأداء في العملية التربوية التعليمية بسبب الظروف الأمنية وغيرها، لابد من الوقوف على أهم المشكلات والأسباب التي جعلت مستوى التعليم بهذا الوضع المتردّي والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، فالإهمال الكبير من قبل الطالب وذويه ومن قبل المدرسة أيضاً؛ وخاصة بعد الظروف التي مرّ بها البلد من الحروب والوحشية المتوغلة بين صفوف أبنائها والظروف المعيشية، إضافة إلى الانفتاح اللاشرعي واللامبرر على وسائل الإتصال والمرئيات، كلها ساعدت على تقاعس الطالب عن إتمام دراسته، وراح يبحث عن أي شيء خارج العلم والتعليم يقضي فيه وقته اليومي، ومثال على ذلك التدنّي الكبير في الواقع التعليمي للطلبة من الصفوف المنتهية وخاصة مرحلة السادس الإعدادي وحالة الرسوب الكبيرة في الامتحانات النهائية، وعدم تحديد مصير كل واحد منهم وما سيؤول عليه في المستقبل، وهذا ما تمّت مناقشته من قبل الندوة التي أقامها مركز البحوث والدراسات التربوية في وزارة التربية وبالتعاون مع جامعة كربلاء بعنوان (الندوة العلمية المخصصة لمناقشة أسباب الرسوب في الصف السادس العلمي لمحافظات الفرات الأوسط) والمقدّمة من قبل الباحث (عزيز كاظم) أستاذ المناهج وطرق التدريس في كلية التربية ـ جامعة كربلاء مع فريق بحث من الأساتذة والخبراء، وذلك في صباح يوم الثلاثاء الموافق 21-4-2009م على قاعة الرئاسة في الجامعة.
وتضمن البحث المقدّم طرح أسباب رسوب الطلبة في الامتحان النهائي للصف السادس العلمي للعام الدراسي 2007-2008 في محافظات الفرات الأوسط والتعرف عليها من وجهة نظر الطلبة والمدرسين، وحضر الندوة الدكتور (زيد الخيون) مستشار رئيس الوزراء والسادة المدراء العامين لتربية محافظات الفرات الأوسط وهي كل من كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وبابل والديوانية إضافة إلى رئيس جامعة كربلاء الدكتور (حسن عودة الغانمي) وعدد من عمداء وأساتذة جامعة كربلاء وجامعات أخرى. ومندوب موقع نون الإخباري
وافتتح الندوة الدكتور (حسين عبد الأمير) مدير عام مركز البحوث والدراسات التربوية في وزارة التربية بكلمة قال فيها، نلتقي هذا اليوم في رحاب جامعة كربلاء وفي هذه الندوة المباركة لنتدارس واحدة من المشاكل التي تواجه النظام التربوي في العراق ألا وهي مشكلة الرسوب، وكما تعلمون أنها مشكلة مزمنة نعاني منها وهي تستنزف منا الجهد والوقت والمال والإمكانيات الأخرى، ولعل حال التدني في نتائج السنة الماضية كانت لإقامة هذه الدراسة.
وتابع، إن لهذه المشكلة مسببات أخرى بعضها يتعلق بالطالب ذاته والآخر بأسرته، وكما أن البيئة المدرسية بما تعنيه من منهج وطريقة تدريس وكفاءة المعلم أو المدرس وعناصر أخرى، كلها أسباب تقف أمام هذه المشكلة بنسب متفاوتة، وقد بذلت وزارة التربية جهوداً كبيرة للحد من ظاهرة الرسوب وأدخلت الكثير من التغييرات والتحسينات، على الواقع التربوي وما هذه الندوة التي نقيمها إلا وتدخل ضمن الإجراءات التي تقيمها الوزارة للحدّ من هذه الظاهرة،وأضاف، إن دراسة المشكلة بالوجه الأمثل والصحيح هي السبيل للتعرّف على حجم المشكلة ومسبباتها ثم وضع الحلول الناجحة لها وهذا ما نعوّل عليه في الندوة.
وتبعه الدكتور (حسن الغانمي) رئيس جامعة كربلاء بكلمة بيّن فيها، كما عودتكم جامعة كربلاء في نهضتها لبناء المجتمع ومن أولوياتها الجيل القادم إلى أحضان هذه المؤسسة وهم خريجو الدراسة الإعدادية الذين نتابعهم كونهم أبناء المستقبل وللمسؤولية الوطنية التي تنتظرهم، وتعمل الجامعة على تخريج الأساتذة الأكفاء الذين يرفدون المؤسسة التربوية ويتسمون بالقدرة على التحدث الذي ينتظرهم في المجال التربوي، وتابع إن الارتقاء بآليات ارتفاع معدلات النجاح هي مسؤولية اجتماعية عامة فضلاً عن كونها من مسؤولية المؤسسات التي تتبنى هذه العملية كهدف نهائي لنشاطها وتتناغم هذه المسؤوليات وتتفاعل فيما بينها وهذا هو حجر الأساس في التفوق.
وقد ابتدأت مناقشة البحث بكلمة ألقاها الأستاذ الباحث عزيز كاظم تحدث فيها عن البحث الذي قدّم بالتعاون مع الفريق البحث من جامعة كربلاء؛ إلى مركز البحوث والدراسات في وزارة التربية ليتم مناقشته.
وتابع، ان البحث المناقش لا يخص محافظات الفرات الأوسط فحسب وإنما جميع المحافظات العراقية، وشكّلت هذه الندوة لإثارة هذه المشكلة من رسوب عدد كبير من طلبة السادس العلمي لمحافظات الفرات الأوسط اضافة إلى محافظات العراق الأخرى، وكانت لأسباب منها كثرة العطل الرسمية والانقطاع عن الدوام، واعتماد الطلبة على الملازم التجارية، أضافة إلى ظاهرة التدريس الخصوصي وتقاعس بعض المدرّسين في أداء واجبهم العلمي والمهني.
وأضاف، علينا الآن معالجة هذه الأسباب المتعددة والتفكير بسبل أكثر مرونة للنهوض بالمستوى العلمي لطلبتنا وبذلك النهوض بالواقع التربوي في المستقبل.
أما الدكتور جواد مهدي مدير التعليم العام في محافظة كربلاء قال، لابد من العمل على تطوير الواقع التربوي في العراق، مبيناً أن من الأسباب التي أدت إلى رسوب طلبتنا في الامتحانات النهائية هي كثرة العطل الرسمية ومنها يوم السبت وكذلك العطل في بعض المناسبات الدينية، إضافة إلى تشجّع الطالب على الدروس الخصوصية وعدم متابعته للتدريس في المدرسة.
وتابع، اقترح على السادة المسؤولين في وزارة التربية إقامة دورات تقوية للمدرسين وأخرى تأهيلية لمدة ثلاث أشهر للطلبة خلال العطلة الصيفية وبأجور بسيطة.
أما الدكتورة الباحثة رفعت السوداني من معهد تطوير اللغة العربية في بغداد قالت، ان ظاهرة الرسوب منتشرة في كل محافظات العراق، والسبب يعود للظروف الأمنية التي مرّ بها البلد وعدم تأهيل الطالب منذ بداية المراحل الدراسية، إضافة إلى عدم الاهتمام والمتابعة لعملية التعلّم والتعليم من قبل الأسرة.
وتابعت رفعت السوداني، على وزارة التربية الالتفات إلى الطلبة المتخرجين من كلية الآداب، ولماذا يتم تجاهلهم من حيث التعيين ويقع الاختيار فقط على خريجي كلية التربية حصراً ويعينوا في المدارس؛ لسبب واحد وهو لوجود مناهج طرق التدريس في كلية التربية وعدم وجودها في كلية الآداب؛ فهل هذا سبب مقنع وصحيح؟، بالرغم من توفر الكفاءة العلمية عند خريجي هذه الكلية.
علي حسين الجبوري
أقرأ ايضاً
- ظهور إصابة طفيفة في بساتين كربلاء بحشرة سوسة النخيل الحمراء
- تعرف على حالة الطقس في كربلاء المقدسة
- كربلاء تعمل على تخصيص مواقع جديدة لمعامل الاسفلت