حجم النص
بقلم :علي عبد الزهرة
خلق الانسان وفيه عدة غرائز منها البحث عن الحقيقة، فنحتَ الصخور ونبش القبور، بغية الوصول إلى مبتغاه، ولم ينفعه كل ذلك، حتى أيقن إن الوصول يجب أن يكون عبر التفكر لا غيره. فالحقيقة؛ هي مجموعة من المعطيات غير المشوشة أو المستقطعة، يتم تجميعها للوصول إلى صورة واضحة المعالم عما يريد معرفته الباحث عنها، لتحقيق غاية تنفع ذاته والعموم. وحين تتصدر عدة نظريات تدعي (الحقيقة)، فذلك يوجب علينا الغور في أسبار كل نظرية على حدة؛ حتى نصل إلى إجابة عن تساؤل: من صاحب الحق في الحقيقة؟.. وطالما كانت وما زالت (الحقيقة) واضحة كالشمس، بيد أن الآخرين يمررون الغيوم عليها لتغييبها، وتظليل الباحث عنها.. فمعرفة جزء من الحقيقة، لا يعني الحقيقة، أنما في بعض الاحيان يكون كذباً وافتراءً. الساحة السياسية مرتبكة، منذ بدء التحول الديمقراطي في البلاد، ومشوشة لدرجة عدم علم السياسيين بما يدور في أروقة المجتمع، وما دس فيه من سموم يراد من خلالها شل الجسد العراقي وتمزيق أشلاءه.. ولضيق المساحة سنتطرق إلى موضوعة "الملحدين الجدد"، الذين بدءوا ينتشرون بين صفوف المتثاقفين ليعمموا فكرتهم اللا منطقية، بعدما فشلوا في الوصول إلى حقيقة أن العالم يدار من قبل قوة وقدرة مطلقة لا يملكها سوى خالق العالم ذاته. الملحدون الجدد، جاءوا كذلك كرد فعل لهبوط نسبة "التدين" داخل الأوساط الثقافية في المجتمع بعد الكوارث والمآسي التي حصلت على يد المتأسلمين ولصقت بالدين، أولئك فقدوا بوصلة الحقيقة، فالتجئوا إلى اللا حقيقة ليصنعوا منها ما يؤمنون به رغم أنهم يعارضون "الإيمان"!.. قرأوا الدين من زاوية واحدة؛ زاوية التطرف التي نسبت إليه، فقرروا هجرانه إلى تطرف آخر بدل الغوص في مبادئه السامية التي تدعو إلى التسامح ونشر المحبة والوئام!!. الإلحاد، ظاهرة خطرة على بنية المجتمع – أيا كان هذا المجتمع شرقياً أم غربياً- لأنه غير مبني على قواعد محددة وكل شيء فيه مباح، وبالتالي التطرف في الإلحاد سيكون أبشع بكثير من التطرف الموجود لدى أولئك الذين يدعون التدين. ليس جديدا أن يكون سم الإلحاد قد دس من الخارج، لكن الأهم أننا لم نتبع قاعدة "الوقاية خير من العلاج"، والوقاية هنا توضيح الدين والديانة، والتفريق بين المسلم والمتأسلم، بين الجهاد والقتل.. حتى يتبين الحق من الباطل دون أن نترك مجالاً تحجب من خلاله الحقيقة بغيوم الخبث الدسيسة. وانتم أيها "الملحدون" كان عليكم أن تقرأوا ما قاله الكاتب الشهير تي. اس. إليوت: ( ليس من الحكمة انتهاك القواعد قبل أن تعرف كيفية الالتزام بها)، ومن الأجدر بكم ألا تكتفوا بقوله تعالى: (( لا تقربوا الصلاة))، بل أكمال الآية حتى: ((.. وانتم سكارى)).