حجم النص
بقلم :عباس عبد الرزاق الصباغ
بكل نشوة وعنفوان وتحدٍ كان البائع يرفع عقيرته ويصيح نعال أردني ..نعال اردني "مستورد خصيصا للاسواق العراقية .. نعال اردني درجة اولى ..لحكَـ ياولد البضاعة محدودة وقد فاز باللذات من اشترى نعالا اردنيا رمز الصناعة الاردنية "الفاخرة" والمعدة للتصدير بالعملة الصعبة وبراس "الزواج" النايمين للضحى والذين يتكدس شبابهم في المقاهي لشرب الاركَيلة والذين يتبارون في تقديم الولاء لشيخ عشيرة فيسبوك وقبيلة تويتر ويقدمون طاعتهم المطلقة للماسنجر والبلي ستيشن .. نعال اردني مستورد بالعملة الصعبة لان القوم قد استعصى عليهم ان يصنعوا النعال فاستوردوه من اقرب منفذ ولم يكلفوا انفسهم حتى بالبحث عن "مناشئ" عالمية ليستوردوا منها النعال ، لعل طريقة استيراد مواد البطاقة التموينية "الفاخرة" من "مناشئ" هي اقرب الى مكبات النفايات والبركة في وزارة التجارة التعبانة التي يعشش فيها الحرامية واللصوص كمثل الوزارات والمؤسسات العراقية الناهبة لقوت المكَاريد قد اوحت اليهم هذه الطريقة أي ان العراق يدفع عملة صعبة بالدولار ومن دم"قلب" الشعب ليستورد من الاردن "الشقيق" نعالا فاخرا ذا مواصفات عالمية وعندما تسال البائع عن السعر الغالي يجيب لانه نعال اردني يقولها بكل ثقة وخيلاء فهو نعال ذو مواصفات خاصة لايستطيع اقدم شعب بالعالم وصاحب اقدم حضارة في التاريخ ان يفك شيفرات صناعته ولهذا النعال ايها السادة عدة امتيازات وموصفات لايفهمها الا الراسخون في الاستيراد والتنابلة و"الخدجية" الذين يقضون اوقاتهم في الدومينو ويجاهدون في سبيل كروشهم وجيوبهم والذين يبيعون كلاواتهم على فقراء الشعب ومساكينه وايتامه الذين يبيتون بدون عشاء يلتحفون سماء الوطن ويتوسدون أديمه الممزق بالشظايا والمفخخات وتكبيرات "المجاهدين" "اللملوم" من كل زيج "ركَـعة" من شيشانيين وجزائريين ويمنيين وتونسيين وجدعان وسوريين وعراقيين وحتى صوماليين وغيرهم من الذين يرومون الغداء مع الرسول فياكلون "زقنبوت" في جهنم وبئس المصير بعد تفجير جيفهم ..
شعب يعيش على وهم وسراب كبير من طراز نعال اردني "مستورد" من جارنا الغربي وهو ليس بأحسن حالا من جارنا الشرقي او الشمالي او الجنوبي ومعهم جيراننا الاقربون والابعدون وبنو عمومتنا واخوالنا من اخوة يوسف وهم كما يصفهم المتنبي بالم وحسرة :
وسوى الروم خلف ظهرك روم
وينطبق عليهم المثل الشعبي العراقي (كوم احجار ولا هالجار) وقد تكون الحجارة اكثر نفعا وفائدة من قوم اتفقت كلمتهم على تدمير العراق وذبح شعبه كما اتفقت من قبل على قتل الحسين.
والاردن "هذا" دولة ولدت من رحم سايكس بيكو ومن خاصرة العراق ونشأت وترعرعت ونمت على مصائب وويلات الشرق الاوسط وبرزت كخضراء الدمن ولاسيما المصائب العراقية وخرابيط الانظمة المتعاقبة (نظام صدام انموذجا) وعنترياتهم "الوطنية" و"القومية" و"نضالاتهم" في سبيل تحرير فلسطين والدفاع عن البوابة الشرقية للامة العربية التي لم تكن امة يوما ما الا في الادبيات العفلقية الممسوخة عن خزعبلات الفكر القومي المتهرئ وطوطمات شذاذ الافاق والنكرات الذين انشؤوا احزابا وصنعوا دولا ومشايخ وممالك ببركة ابو ناجي والعم سام ولم يكن الكثير منها في ارشيف الشرق الاوسط شيئا مذكورا ومنها الاردن الذي يتباهى البائع العراقي المكَرود بانه يبيع نعالا من صناعته وهو (أي الاردن) القافز فوق أكتاف العراق والعابر فوق مجاله الحيوي وأهميته الجيبولوتيكية ويتحمل صدام الجزء الاكبر من هذه المهزلة التي لعبت الجغرافيا والتاريخ وصفاقة "الاشقاء" العرب ورعونة صدام حسين ونظامه البدوي في رسم ملامحها وهو الذي جعل الاردن المغمور جنة على حساب خرايب العراق واطلاله ودمار اهله وقد كان العراق ارضا للسواد أحاله صدام حسين الى بقرة حلوب وحديقة خلفية "للاشقاء" العرب الذين ردوا ذلك الجميل بان جعلوا من العراق حماما من الدم والدمار وذبحوا تلك البقرة الحلوب السمينة التي درت عليهم خيراتها لعقود طوال وبقي ابناؤها محرومين ومساكين ، و"هذا" الاردن يحتضن البعثية ومعهم "الرفيقة" رغد ابنة صدام" سطام" باللهجة الاردنية / الفلسطينية الممسوخة عن البدوية القابع في حفرته الوسخة وساخة امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وقذرة قذارة القائد الضرورة هذا الاردن يتباهى مواطنوه ونوابه بان صعلوكا مثل ابو مصعب الزرقاوي منهم .
وهنا السؤال يطرح نفسه وهو ان كنا نستورد النعال من الاردن بالعملة الصعبة ونتباهى في بيعه في اسواقنا الملغومة ببقايا حثالات الزرقاوي الاردني/الفلسطيني ماذا يتبقى للعراق كي يقدمه للانسانية وهو المتاخر عنها بمئات السنين، ومتى يصحو العراقيون من غفلتهم ويقومون من مراقدهم وسباتهم وهو الذي كانت بواخره في ميناء العقبة "تشغّل" العمال الاردنيين وتطعم جياعه، وعلى كل حال يصدِّر لنا الاردن نعالاته القومية العابرة للحدود افضل لنا من تصدير الاحزمة الناسفة والمطايا المفخخة من قبل "الاشقاء" الذين يتاخمون حدودنا ويعيشون على خيراتنا ويستغلون مصائبنا : مصائب قوم عند قوم فوائد . فهل توجد مصيبة اكبر من هذه أفتونا مأجورين.
إعلامي وكاتب مستقل
[email protected]