بات من الواضح والمؤكد أن حب الإمام الحسين (عليه السلام) رغم كل القوى والأحزاب والسلطات والجهات التي حاولت وستبقى تحاول بكل الوسائل والطرق والأيديولوجيات طمسه أو محوه يسير وفق وتائر متصاعدة على مر الأحقاب والأزمان في نفوس كل من عرف الإمام الحسين (عليه السلام) بالفطرة أو من خلال الدراسة والبحث ،فترى في كل سنة تتزايد هذه الأعداد إلى كربلاء المقدسة لزيارة الأضرحة المقدسة فيها بقدرة تقف وراءها عوامل لا يستطيع تفسيرها المنطق والعقل في بعض الأحيان وإلا فما الداعي مثلا إلى قطع مئات الكيلومترات مشيا على الأقدام من اجل الوصول إلى كربلاء المقدسة وزيارة العتبات المطهرة فيها دون مبالاة بحر الصيف وبرودة الشتاء وتربص الأعداء لهم من أزلام الطاغية المقبور سابقا وسلفه الإرهابيين في وقتنا الحاضر.
وقد نبذ المحبون كل هذه الأمور وراء ظهورهم وأصبحوا لا يرون إلا حقيقة ساطعة سطوع الشمس رابعة النهار ألا وهي حب الإمام الحسين (عليه السلام)..
ومع ازدياد أعداد الوافدين إلى كربلاء المقدسة مؤخرا بعد استتباب الأوضاع الأمنية التي ساهمت إلى حد كبير باستقطاب المحبين من كل فج وصوب، فإن الأمر الذي كان لابد منه هو وضع خطط بناءة وكفيلة لاستقبال هذه الحشود الغفيرة، لذلك كانت إدارة العتبة الحسينية المقدسة سباقة في هذا المضمار إذ أنها وبعد كل زيارة مليونية تعقد الجلسات لتدارس المسائل التي ساهمت في نجاح الزيارة لتطويرها وكشف النقاط السلبية لمعالجتها وبأسرع وقت، لذلك ترى بوضوح ورغم الرقعة الجغرافية الصغيرة للحرم المطهر إلا أن الزائرين طالما يشيدون بحجم الخدمات المقدمة لهم من الأقسام والشعب كافة التي حرصت إدارة العتبة الحسينية المطهرة على تطويرها وبما يتلاءم والخدمات التي تقدمها إلى الزائرين ...
من بين تلك الشعب التي نالت قسطا كبيرا من الاهتمام من لدن إدارة العتبة الحسينية المقدسة هي شعبة المفقودات التي يتضح من خلال اسمها مدى أهميتها وأهمية وجودها داخل الصحن الشريف بالنسبة إلى الزائرين خصوصا خلال الزيارات المليونية وتوافد أعداد غفيرة من الزائرين بينهم النساء والأطفال وكبار السن ومن دول العالم كافة، والتي عبر بعضهم من خلال لقاءات متفرقة اجراها معهم موقع نون الخبري عن امتنانهم للخدمات الجليلة المقدمة لهم من شعب وأقسام العتبة الحسينية كافة وخصوصا شعبة المفقودات التي هي بصدد هذا التحقيق..
زوار سيد الشهداء (عليه السلام) يشيدون بالخدمات المقدمة في العتبة الحسينية المقدسة
كانت أولى حواراتنا مع الزائر حميد محسن مشكور من أهالي مدينة الحلة الذي أكد: أن عمل هذه الشعبة هو عمل جليل وكبير ولا يسعني أن أقول غير الشكر من هذه البوادر، حيث أنني فقدت محفظة فيها مستمسكاتي الخاصة ونقودا قبل ثلاثة أشهر ووجدتها بفضل جهود منتسبي العتبة وهذه الشعبة.
أما الزائر سامي محمد الحسيني من دولة البحرين فقد عبر عن امتنانه للجهود الاستثنائية التي قدمت له من قبل منتسبي هذه الشعبة بعد أن وجد ضالته فيها المتمثلة بجواز سفره الخاص فضلا عن مبلغ كبير من المال وبالعملة الصعبة.
وأكد الزائر منير مودة محمد من مدينة بغداد: أن مدينة كربلاء المقدسة تنفرد في كل شيء واللسان يعجز عن الشكر والثناء لهذه السواعد الطيبة التي لا تتوانى في خدمة زوار الحسين (عليه السلام) ، مقترحا توسيع هذه الخدمة المقدمة في شعبة المفقودات من خلال التنسيق مع مديريات الجنسية في المحافظات حتى يكون هناك تسهيل أكثر لصاحب الحاجة.
خدمة متواصلة أثناء الزيارات المليونية
بعد هذه اللقاءات العاجلة والمتفرقة كان لا بد لنا من تسليط الضوء على عمل شعبة المفقودات وإعانة الزائرين تفصيلا فأجرينا هذا اللقاء بمسؤول الشعبة عقيل صالح فقال: توجد في الشعبة مفقودات عينية مثِل المبالغ النقدية والذهب والمستمسكات الشخصية بالإضافة إلى بعض الألبسة، كما توجد أحياناً بعض الأحجار الكريمة، بالنسبة إلى الذهب فانه ومنذ عام 2003 قمنا بتوثيق وتسجيل المصوغات المفقودة في سجلات وعلى الحاسبة، على أن هذا الأمر لا ينطبق على المصوغات فقط بل على كل المفقودات التي يمكن تمييز نوعياتها وأسمائها فتدرج في سجلات خاصة ولا نقوم بإتلافها عسى أن تكون هنالك مراجعة من قبل أصحابها يوما ما.
وحول دور الشعبة خلال الزيارات المليونية، أجاب صالح: بالنسبة إلى شعبة المفقودات فعملها مستمر ويكون بشكل مكثف في الزيارات المليونية، وهناك تطور في مجال عملنا خاصة في الآونة الأخيرة حيث تكون هنالك سجلات إضافية يتم فيها تقييد المفقودات وحسب الأحرف الأبجدية، كما تم توفير خدمة الاتصال مع شعبة المفقودات العائدة لما بين الحرمين الشريفين وكذلك العائدة للعتبة العباسية المقدسة.
هذا من جانب أما من الجانب الآخر فهناك جهود استثنائية تقدم من قبل منتسبي الشعبة حيث يتحول دوامهم من 3 وجبات إلى وجبتين وبمعدل 12 ساعة يوميا، وتكون الشعبة حينها على أهبة الاستعداد لاستلام وتسليم المفقودات أو الأمانات.
تقديم معونات مالية للزائرين الذين فقدوا نقودهم أثناء الزيارة
وبعد أن علمنا أن الشعبة تقوم بتقديم معونات مالية للذين فقدوا أموالهم أثناء الزيارة تساءلنا حول الضوابط الخاصة بتقديمها، فقال مسؤول الشعبة: إن الزائر يأتي إلى الشعبة وهو في حيرة بعد أن فقد ما يحمل معه من نقود أو مستمسكات وفقد ما يُمكـّنه على الأقل من الرجوع إلى أهله، ونحن بدورنا لا نمده بالمال فقط بل نصحبه إلى المضيف ليأكل الطعام ومن ثم نقوم بضيافته وعلى أكمل وجه لبث الراحة والطمأنينة في داخلهِ ثم نُعطيه مبلغاً كاملاً يمكنهُ من خلالهِ أن يعود إلى داره، أما بالنسبة إلى الضوابط فإنها لا تتعدى عن تسجيل أسمه ومحل إقامته ونحنُ بدورنا لا نعمل سوى إن نحسسه أن هذه الأموال للحسين (عليه السلام) وليست لأحد، لإدخال الطمأنينة في نفسهِ كما نحاول أن نختصر الأسئلة خوفاً على مس كرامته بسوء..
وفيما يخص الإجراءات التي تقوم بها الشعبة إزاء المفقودات والأمانات الموجودة لديها إذا مر عليها أكثر من سنة، أوضح صالح: بالنسبة إلى الذهب كما قلت سابقاً فنسجل مواصفاته بالنقوش الموجودة فيه كما يسجل بتاريخ إيجاده لكنهُ يبقى موجودا لدينا لا نتصرف فيه وهذا ما نحن فيه منذ عام 2003 ولهذا الحين، حيث توجد كميات من الذهب لا زلنا نحتفظ بها عسى أن يظهر لها صاحب، وهذا الأمر هو الذي قاد بالضرورة إلى اختيار منتسبيها - حالها كحال بقية الأقسام في العتبة- على أساس الأمانة والثقة والتزكية نظرا لوجود هذه الأموال والمصوغات، أما باقي المفقودات فيوجد لدينا في كل رأس سنة جرد إزاء تسجيل وتوثيق نوعية الأمانة والمفقودات بالتاريخ والمواصفات، ونقوم بالتصدق بها على العوائل الفقيرة وإذا سئل عنها فيما بعد نطابق المعلومات مع السجل، ونقوم بإعطائها لصاحبها، أما النقود يتم تسجيلها بالفئة النقدية وكمية المبلغ وبالنسبة إلى الملابس فقد صرح لنا ممثل المرجعية الدينية العليا والأمين العام للعتبة المطهرة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي بإعطائها إلى المكاتب ليقوم المكتب بدوره بإعطائها إلى العوائل الفقيرة المسجلة لديه.
تنسيق تام بين شعب المفقودات في العتبات المقدسة ومنطقة مابين الحرمين لتسهيل إرجاع الحاجيات إلى أصحابها
وبما ان هناك عدة شعب للمفقودات إحداها في العتبة الحسينية المطهرة ومثيلاتها في منطقة ما بين الحرمين وفي العتبة العباسية المطهرة فإنه لا من وجود تنسيق وتعاون بين شعبة المفقودات وتلك الشعب وكذلك الشعب والأقسام الباقية في العتبة المطهرة يجيبنا مسؤولها عن ذلك قائلا: نعم، هناك تنسيق بيننا وبين أقسام الخدمية الخارجية و حفظ النظام وشعبة الزينبيات وقسم الخدمية الداخلية وشعبة النظافة حيث يقوم المنتسب بتسليم الأمانة على وجه السرعة إلى الشعبة لعل صاحبها يراجع الشعبة عندما يفقدها.
أما بالنسبة لتنسيق الشعبة مع شعب المفقودات في منطقة ما بين الحرمين وكذلك في الروضة العباسية المقدسة فانه مستمر ويوجد اتصال بيننا عن المفقودات التي يتم تسجيلها في جميع هذه الشُعب حتى يكون هنالك إعلام بالمفقودات بعدة أماكن، فالشخص الذي يكون قد فقد حاجياته في شعبة مفقودات ما بين الحرمين ويأتي مستفسرا عنها في العتبة الحسينية المطهرة فإننا نقوم بالاتصال مع الشعبتين المذكورتين وإعطاء مواصفات المفقود وعندها نرشده إلى ضالته ان كانت موجودة في إحدى تلك الشعب.
وللعاملين في الشعبة أدوارهم الخاصة
وللخوض أكثر في صميم عمل الشعبة حاورنا أحد منتسبيها وهو رائد أحمد الذي وجهنا له عدة أسئلة توخينا من خلالها توضيح بعض الأمور، وكان السؤال الأول يتعلق بمدى إمكانية الاتصال مع أصحاب المستمسكات المفقودة من قبل الشعبة؟ فأجاب: إن الاتصال قد يكون صعبا لأن المفقودات لا يوجد فيها رقم هاتف أو عنوان غالبا، ولكن فيما إذا كان المفقود عبارة عن جهاز موبايل فيتم الاتصال بصاحبه عن طريق أسم شخص موجود في لائحة الموبايل بعدها يأتي لاستلامه.
* وهل هناك صعوبة أو معاناة توجد في سياق عمل الشعبة؟
- المعاناة موجودة لكن نحن لا نسميها معاناة؛ لأن فيها خدمة للإمام الحسين (عليه السلام) وزواره، ففي زيارة الأربعين كانت تأتينا يومياً ستة أكياس كبيرة من المفقودات نقوم بتحويلها إلى مكان أخر، وكذلك هناك صعوبة أخرى هي توزيع الغبار للتبرك والشفاء، ونحن نعمل ضمن التوجيهات الحكيمة والوصايا التي أشار علينا بها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، كما أننا في خدمة زوار الحسين ولا نتكاسل أبدا عن تقديم الخدمة لأي من زواره.
وأضاف: هناك بعض المعاناة في نوعية قماش فالألبسة مثل العباءة النسائية واليشماغات التي يتم جمعها في أكياس كبيرة ونتيجة خبرتنا القليلة في نوعية القماش لهذا النوع من اللباس (اليشماغ أو العباءة) فلا يتسنى لنا تسليمه عند مراجعة صاحبه إلا بصعوبة، والعمل المتبع حالياً هو أن نخرج للمرأة أو الرجل العباءة أو اليشماغ وبمجرد أن يشير لحاجته نعطيها إياه مع أشكال ذمته..
وأشار إلى وجود صعوبات أخرى وخاصة مع الجنسيات الأجنبية من المراجعين فقال: بالنسبة إلى اللغة الفارسية يوجد لدينا بعض الأشخاص ممن يجيدون هذه اللغة أما بقية اللغات مثل الهندية والباكستانية فعندما يتكلم الانكليزية نستطيع أن نفهم ما هي حاجته والذي لا يتكلم سوى لغتهُ فإننا نتعامل معه بلغة الإشارة لتحقيق عن ضالته فيقوم برسمها أو الإشارة إليها.
وفي الختام لابد من ذكر حقيقة مؤكدة ان منتسبي الشعبة حالهم كزملائهم في بقية الأقسام والشعب التابعة للعتبة الحسينية المطهرة قد جعلوا نصب أعينهم هدفا واحدا هو حب الإمام الحسين (عليه السلام) فوثقوه بصورة عملية أطرت بخدمة زواره...
علاء السلامي
حسين النعمة
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- شاهد عيان: جيش الكيان الاسرا..ئيلي قصف الانسان والحيوان والشجر والحجر