حجم النص
أجمع عدد كبير من أساتذة التاريخ والآثار في مصر مؤخرا على أن صلاح الدين الأيوبى مؤسس الدولة الأيوبية في مصر، حرق كتب الفاطميين، وتحديداً مكتبة دار الحكمة التى كانت تحوى عشرات الوثائق والمخطوطات الهامة التى كان من شأنها أن تؤرخ بشكل أفضل لتاريخهم، ونجح فى أن يمحى هذا التاريخ تماما من أذهان المصريين.ء
جاء ذلك فى الندوة التى عقدتها لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، على جلستين شارك فى الأولى منها الدكتور محمود مرسى أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، والدكتورة زبيدة عطا الله أستاذة العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة حلوان، والدكتور محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامى بكلية الآداب بجامعة عين شمس وأدارها الدكتور حسنين ربيع.ء
أكد ربيع فى بداية الندوة على أن أكثر حقبة تعرضت للظلم فى التاريخ المصرى هى فترة مصر الفاطمية، موضحاً أن سبب ذلك هو أن هذه الدولة عاشت كدولة شيعية، وبالتالى عندما كتب علماء السنة عن العصر الفاطمى، جاءت كتاباتهم محملة بروح الحقد نحوهم، وطعنوا فى أصولهم ونسبهم
وجاءت ورقة الدكتورة زبيدة عطا الله لتتناول التسامح الإسلامى عند الفاطميين، مشيرة فيها إلى أن خلفاء الدولة الفاطمية، أبدوا كماً كبيراً من التسامح مع أهل الذمة، ومنهم الأقباط واليهود، وأن الخليفة الفاطمى العزيز بالله تزوج من سيدة قبطية، وهى «ست الملك» وكان لها نفوذ كبير
وأضافت عطا الله: «أن العمال المسلمين ثاروا ضد الخليفة الفاطمى العزيز بالله، بعد أن فصلهم، من أجل تولية بعض العمال المسيحيين».. مضيفة: «أما الحاكم بأمر الله، فقد كان متناقضا فى الشخصية، حيث سب الصحابة، واضطهد المسيحيين، واليهود معاً».ء
واستعانت عطا الله فى ورقتها بوثائق سانت كاترين التى دللت بها على تسامح خلفاء الدولة الفاطمية، مؤكدة أن هؤلاء الخلفاء رفعوا الأعباء الضريبية على رهبان دير سانت كاترين، وأوصوا بحمايتهم، وكف الأذى عنهم
فيما تناول الدكتور محمود إسماعيل فى بحثه الفكر الإسلامى فى مصر الفاطمية، مقومات الازدهار، وعوامل الإنهيار، وافتتح كلمته بالإشارة إلى أن مصر لم تعرف عصراً فى ازدهاره مثل العصر الفاطمى، مؤكداً على أنه يواجه تشويهات من الساسة قبل المؤرخين، ومؤكداً أن أهل السنة هم الذين بدأوا فى تكفير الفاطميين، وهم الذين صنعوا الهوجة التى سار عليها الجميع فى مهاجمتهم، ودافع إسماعيل عن بعض الأعمال التى تميز الاحتفالات الشيعية مثل الضرب بالسيوف، وخلافه، مؤكداً على أن هذه العادات من الفلكور الفاطمى
وقال إسماعيل: «إن بعض المخطوطات لم تزل موجودة فى اليمن, والبحرين، والهند».. مؤكداً على أن إنتشار الدعوة الإسلامية فى هذه البلدان كان على يد الفاطميين فى مصر، فحركة الإستشراق فى الغرب، تقدر الفكر الإسماعيلى الذى نشرته هذه الدولة، بينما نحن لم نزل نصف هذا الفكر بالشيعى الكافر.
وأكد إسماعيل على أن صلاح الدين الأيوبى أكثر من اضطهد الفاطميين عندما قضى على دولتهم، من أجل دولته الوليدة، مضيفاً: «أنه أحرق أعظم مكتبة أنشأها الفاطميون وهى مكتبة دار الحكمة التى كانت تضم الكثير من المخطوطات الدالة على فترتهم، وكان من شأن هذه المخطوطات أن تعرفنا أكثر بعصرهم»
فيما عرض الدكتور محمود مرسى عددا من الأعمال الأثرية التى ترجع للعصر الفاطمى, مدللاً على مشاهد عديدة من الحياة الاجتماعية والفنية والاقتصادية، وقال مرسى: «إن الفاطميين انصهروا فى بوتقة مصر، وبرعوا فى استحداث العديد من الأمور الحضارية، فى ذلك العصر فى مصر».. مؤكداً على أن الفاطميين لم يهدفوا فقط للسيطرة على مصر، بل على سائر العالم الإسلامى، وموضحاً أن الفنون الفاطمية أبرزت معظم طوائف الشعب، والذى تم تقسيمه من قبل بعض المؤرخين إلى 7 طبقات
وأضاف مرسى:«أن الأمراء فى البيت الفاطمى كانوا يشاركون الشعب في الاحتفالات».. مؤكدا على أن الإئمة الفاطميين أيضاً كانوا يعتنون برحلات الصيد، حيث تكرر رسم الأسد فى مناظر الدولة الفاطمية، وآثارها
وأوضح مرسى أن اهتمام الفاطميين بالسباع وتربيتها كان أحد ركائز الفكر الإسماعيلى الذى هو أساس المذهب الفاطمى، حيث رمزوا لاغتيال على بن أبى طالب بالأسد الذى يقوم الصياد بطعنه
أحمد راسم النفيس: صلاح الدين الأيوبى دمر مصر
ومن جهته أكد المفكر أحمد راسم النفيس أن صلاح الدين الأيوبى دمر مصر كلها ولم يقم بتدمير تاريخ الفاطميين والشيعة فقط، حيث إن تدميره لمكتبة دار الحكمة والتى كانت تحوى أكثر من 2 مليون كتاب وبيعه لكتب الفاطميين بالبخس يعد بمثابة جريمة حضارية فى حق المصريين جميعاً
وأوضح النفيس أن صلاح الدين كان يريد محو تاريخ من سبقوه، حيث قام كذلك بهدم أهرامات الجيزة، والتى كان عددها 18 هرما بجوار الأهرامات الثلاثة الموجودة حالياً والتى لم يتمكن من هدمها، مضيفاً أن صلاح الدين قام بتسريح الجيش المصرى والإبقاء على فرق الحرس الجمهورى الخاص به
وفجر النفيس مفاجأة جديدة بقوله: «إن دولة إسرائيل تأسست على يد صلاح الدين، حيث إن الاستيطان اليهودى بدأ فى فلسطين على يد صلاح الدين».. مشيراً إلى أنه لم يكن هناك أى يهودى على أرض فلسطين قبل الاحتلال الصليبى للقدس
وتابع النفيس: «إن صلاح الدين كان مرتزقاً تابعاً للسلاجقة الأتراك الذين حكموا بغداد، وكانت قبائلهم قائمة على السلب والنهب».. مضيفاً أن المقريزى قال إن صلاح الدين هو الذى قام بتحويل الفلاح المصرى إلى «عبد قرار» أى لا يملك بيع أو شراء نفسه
من جانبه قال محمد الدرينى : «إن صلاح الدين تعمد أن يحدث نوعاً من التجهيل للمذهب الشيعى لدى الشعب المصرى، حيث هاجم هذا المذهب بشتى الطرق، وحرق كتب الفاطميين وطاردهم فى مصر حتى هرب عدد كبير منهم إلى خارج البلاد، حيث هربت مجموعة من الشيعة للهند وأطلقوا على أنفسهم طائفة البهرة».
وأضاف قائلأ: «صلاح الدين ظل يطارد الأشراف فى مصر حتى انتقلوا إلى أعلى الصعيد، وشهدت مصر بعد حقبة صلاح الدين تجهيلاً واضحاً لتاريخ الشيعة والفاطميين ولا يزال المصريون يجنون ثماره حتى اليوم».. مستعيناً بالمقولة الشهيرة بأن «من لم يقرأ التاريخ محكوماً عليه أن يعيشه مرة ثانية
المصدر: صحيفة اليوم السابع المصرية
أقرأ ايضاً
- التلوث يخنق أجواء بغداد.. شارع فلسطين الأعلى والدورة الأقل
- في جلسته المرقمة (38).. مجلس كربلاء: اجراءات عاجلة لتدارك مشكلة الوقود وتعيين (5771) موظف عقد
- العراق آمن.. العامري من نينوى: مستعدون لأي طارئ