حجم النص
قلت لها ذات يوم يا حبيبتي ، سأسحب عنك الثقة وقلت لبائع البطيخ ، سأسحب عنك الثقة ، فكلما اشتريت بطيخة وجدت أنها فطيرة وليست حمراء كما أتمنى ، وكلما توسلت اليه أن يبيع لي واحدة حلوة وحمراء لكي أترحم على والديه في المساء ، وجدته يفكر في الربح ولا شغل له ، بأمه وأبيه ، فالبطيخ أهم لديه من والديه ووالدي والديه..
قلت لبائع الفاكهة أعطني مشمشاً حلواً وعنباً أسودا لا حموضة فيه ، وأعطني (ميوه) متكاملة الأوصاف ، فأعطأني ما أثأر شفقة أهلي حين عدت إليهم . قررت أن أسحب الثقة عن الفاكهة كلها،وأترك البائع فهو عديم الجدوى ولا يقوى على الإلتزام بما وعدني به من مشمش وعنب وكوجه وبطيخ ،ومنذ أن سحب الصيف وبالإجماع الثقة عن الربيع والشتاء ودخل بقوة ليفاجئنا بالفواكه تغزو الأسواق وبأسعار تنافسية صرنا لانثق بأحد حتى وصلنا بمحاولات سحب الثقة عن الحكومة .
منذ العام 2003 والى الآن فإن أصناف الفاكهة المستوردة لا تتوفر على مذاق يثير الرغبة لدى المشتري خاصة وإن العراقيين يتكلمون عن ملوحة الأرض عندنا والتي تتخلل مادة الفاكهة بأنواعها. وفي الغرب وأمريكا بالذات تتوفر كميات هائلة من الفاكهة المستوردة والمنتجة محلياً ، لكن مواطنينا في الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة يشكون من إختلاف الطعم ويسمونها (فاهية) لا تغريهم ، ولذلك يتمنون زيارة البلاد في أي فرصة قد تسنح ليشتروا منها ما لذ وطاب ثم يهربوا عائدين الى بلاد المهجر فالعيش هنا لا يطاق رغم توفر الخيرات إذ لا خير في بلد يكثر فيها النفاق والظلم والتعصب المذهبي والعشائرية المقيتة والجهل الراتب ، والفساد ، والصراع السياسي من أجل مكاسب دنيوية حقيرة . مسكينة ( آية سيف) العراقية التي تعيش في ميشغان الأمريكية ، ففي آخر زيارة لها الى العراق لرؤية الأهل ، كانت تخرج كل يوم الى منطقة العشار في البصرة وتشتري فواكه بعشرين دولاراً لتستمتع بطعمها الذي فارقته لسنين وهي تشتاق إلى ذلك الطعم الآن وترجو الفرصة لتعود وتقضي بعض الوقت مع الأحبة ومع الفواكه.
هي ربما لا تعلم أننا سحبنا الثقة عن الفواكه . فمع دخول المستورد لم نعد نميز بين الفاكهة المحلية والأجنبية المستوردة والثقة سحبت عن جميع أصناف الفاكهة.
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي