حجم النص
ناشد ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 19 من جمادى الآخرة 1433هـ الموافق 11-5-2012 م المعنيين لمعالجة المشاكل التي يعاني منها البلد لاسيما مشكلة عدم توفير فرص العمل التي يعاني منها أغلب الشباب.
وأضاف سماحته إن تربية الابن والبنت من قبل الوالدين يحدوها الأمل وعندما يصل هذا الابن ويكبر لا شك إن نظرات الأب والأم معه إلى أن يكبر ثم يبدأ عطائه ثم بعد ذلك يرفع الابن عن كاهل الأبوين ما يقدر عليه وهو الوضع المادي ويخفف عن عبئهم، ولكن المشكلة تكمن في توفير فرص للعمل في منظومتنا الإدارية والاقتصادية غير واضحة.
وتابع السيد الصافي إن البلد فيه من الطاقات الكثيرة جداً لكنها معطلة عن العمل وكثير من الشهادات تضطر أن تعمل أعمال لا تتناسب مع دراستها للتخلص من الفراغ من جهة ولكي تحصل على قوتها من جهة أخرى، وحالة البطالة وعدم توفير فرص العمل موجودة في بعض الدول لكن عندنا مع ظروف البلد حقيقة تحتاج إلى نهضة قوية.
وخاطب المعنيين بقوله: إذا لم تكن هناك خطة واضحة للمشاريع الزراعية والصناعية والإسكانية والتنموية لكي يجد أبناؤنا أنفسهم في هذه المشاريع حتى يخدموا البلد بمقدار ما يتناسب مع عطائهم، فإننا سنبقى نراوح مكاننا بل إن الفراغ مسألة سيئة ويفتح باب لمشاكل يكون الشباب في غنى عنها.
ولفت إن بعض الأمراض بدأت تزحف رويداً رويداً إلى المجتمع وأرجع جزءا من هذه الأمراض إلى حالة الفراغ وعدم وجود أي عمل، وأكد إن العمل يشعر الإنسان بنفسه وبطاقته وبحيويته وبأنه عنصر ناجح وفعال في المجتمع.
وقال في هذا الصدد إن الإنسان وبطبيعة الأوضاع إذا شغل وقتاً كافياً في الوظيفة يُحال إلى التعاقد، ثم يأتي جيل آخر يحل محله وهذه هي دورة الحياة، يجب أن نحترم المتقاعد ونوفر له المقدار اللازم، فالمتقاعدون بذلوا أعمارهم في سبيل البلد وهذا البذل يحتاج إلى تكريم، ولكي تستمر الحياة ولكي نثبت إننا نحب البلد لابد من وجود دماء جديدة وهذه الدماء فيها قدرة وقابلية على أن تبدأ.
وأبدى أسفه إن الكثير من مشاريع الاستثمار متلكئة وعندما تسأل عن السبب يقال لوجود مشاكل بين الوزارة الفلانية والوزارة الأخرى والاستثمار وتبقى هذه المشكلة لفترة طويلة، ولا يعلم الإخوة إن المسألة قد تحتاج إلى قرار والى إمضاء وقد تحتاج إلى جلسة من أهل الشأن في نصف ساعة يمكن أن تحل المشاكل وان هذه الجلسة ممكن أن تحل مشكلة آلاف الناس الذين يجلسون بلا عمل.
وقال سماحته إن عدم وجود فرص عمل يسبب حالة من حالات الإرباك والفوضى وعدم الشعور بأهمية الشهادات، وخاطب الإخوة الذين يحددون شروطاً معينة بقوله: أرجو أن يلتفتوا ويأخذوا القرار من واقع البلد لا أن يأخذوا القرار من قضية عائمة قد يكون انطباقها على الأرض من أصعب الأشياء.
وأشار إلى إن هؤلاء أبنائنا وشبابنا .. نستأنس عندما نرى هذا الشاب فيه طاقة وحيوية ويريد أن يخدم البلد لكن المشكلة انه يصطدم بالروتين والعلاقات والوساطات وكذا وكذا ومسائل كثيرة وطويلة.. المشكلة تحتاج إلى استيعاب ويجب على الدولة أن تخطط وتتفق على إن قدرة البلد لمدة خمس سنوات أن تستوعب اكبر قدر ممكن من الخريجين سواء كان في قطاع الدولة أو القطاع الخاص أو الاستثمار أو الجهات الأخرى.. فالخريجون يتطلعون إلى ذلك وعسى أن نسمع ونرى من الإخوة المسؤولين ما يجعل الإخوة يطمئنون لذلك.
وفي سياق آخر من خطبته تناول سماحة السيد الصافي مسألة المناهج الدراسية وقال إنها بحاجة إلى أمور من بينها تهيئة الطفل الناشئ على أن يحترم وطنه، يعني لابد من وجود مادة تجعل هذا الإنسان يعتز ببلده ، وبالنتيجة لابد أن يتعلم ومن الصغر إن قضية المال الحرام لا يحق له أن يمد يده إليها، يجب أن يتعلم إن هذا البلد يحتاج كل طاقة من طاقاته الممكنة ويجب أن يعلم ويفهم إن هذا البلد يحترمه.. هذه المسألة عندما نبنيها في الطفل ونصعد بها إلى المتوسطة والإعدادية والجامعة لاشك هذه الروح ستصهر في هذا الشاب وتجعله يحب وطنه بشكل حقيقي.
وعقب سماحته بيد إن هذا التوجيه التربوي لا يوجد في المناهج، والطفل بالنتيجة يمر على تاريخ فيه مشاكل كثيرة لكن ما يتعلق بحبه لبلده وحبه أبناء جلدته فإنه يحتاج إلى تربية والتربية لو يبذلها كل الأطراف والطوائف فالفائدة ستكون لهم إضافة لذلك نحن بحاجة لشيء آخر وهو شخصيات تؤمن بذلك وهذا لعله هو الأصعب، عندما تكون هناك شخصية تؤمن بأن البلد يحتاج إلى اهتمام والى جهد والى محبة وان نزرع احترام الوقت واحترام البلد والممتلكات العامة في ابنائنا، فإننا بخير وما عداه فإننا لا نخرج من مشكلة حتى نقع بأتعس منها.
وكشف إن الفقيه قد يفتي على إن المال الحرام هو حرام لكن هذا قد يكون للمتدين ! وغير المتدين قد لا يكترث بذلك، والنتيجة إن غير المتدين كيف يتربى ؟! نحتاج إلى تربية والى إدراك ، يجب أن يعرف هذا الفتى عندما يكبر إن مجرد قضية المس بالمال العام فإنه عار! فلنثقف أنفسنا على إن المرتشي منبوذ لأنه يسرق المال العام .. طبعاً المسؤول يجب أن يكون واقعياً وصادقاً في التثقيف والمدرس يجب أن يكون كذلك والهيئة التدريسية عندما تجعل الطالب يعيش هذه الأجواء قطعاً الفائدة ستكون للجميع .. مشيرا إلى إننا بحاجة إلى تثقيف في هذا الجانب ومشاكل التثقيف كثيرة .. وهناك مجموعة من الحالات الاجتماعية تؤثر علينا جميعاً ولابد أن يكون لها ردع جماعي وردع عام.
وعن حقيقة مؤسسات الدولة أكد سماحة السيد الصافي إنها تحتاج إلى حالة من حالات التواصل في جعل هذه المؤسسة هي الأفضل وهذا حق له، هناك حالة من حالات اللامبالاة والتسيب وعدم الاهتمام والذي انعكس بشكل واضح على بعض الموظفين في جميع قطاعات الدولة مع التفاوت في النسبة فهناك حالة من عدم الاهتمام في الوقت والتطوير لان الموظف لا يشعر إن عمله ذو قيمة ! لان المسؤول بعيد عنه ولا يشجعه ولا يبارك به والمكافآت لا تمنح وفق ما يقدم من عمل وإنما تمنح بسبب العلاقات، هذا كله يؤثر سلباً على عطاء الموظف.
وقال سماحته إننا نحتاج إلى معنويات وشحنات والى حالة من حالات بث روح العمل والمواصلة والإدارة الجيدة في مؤسسات الدولة.. وتساءل ما الذي يمنع لو أعلنت أي مؤسسة من يأتي بطريقة جديدة له مكافأة كذا ! أو براءة اختراع له كذا وهكذا ..
وناشد المسؤولين بقوله: اخرجوا الان خارج العراق ستجدون كفاءات عراقية واغلبها عندها براءة اختراع ويعيشون بكل احترام وتقدير في تلك الدول، ودعا الاستفادة من تلك الكوادر وتفعيل آلية الثواب والعقاب ليأخذ كل ذي حق حقه، وشدد إنه في الوقت الذي نكافئ يجب أن نحاسب المفسد، ولكن يجب أن نكرم الإنسان الصادق وهذه روح المنافسة عندما تكون يشعر الموظف بحالة من حالات الارتياح ويحب وظيفته.
وفي الختام طالب سماحة السيد الصافي بتوخي المهنية والمصداقية والإخلاص في العمل معتقدا إن هذه المسألة ليس لها علاقة بالكردي ولا السني ولا الشيعي ولا التركماني ولا المسيحي .. بل إن مؤسسات الدولة تحتاج إلى بث روح العمل فيها .. هل هذا أمر صعب ؟! ننتظر الإجابة في القادم من الأيام إن شاء الله تعالى.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- السفير اللبناني: نتعاون مع الاجهزة الامنية العراقية في معرفة من يدخل العراق من اللبنانيين
- العراق والسعودية يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري وتعزيز العلاقات الثنائية
- اليوم.. انطلاق الانتخابات الرئاسية الأميركية