أكد المفتش ألآثاري عامر عبد الرزاق الزبيدي مدير آثار ذي قار بأن "اغلب دول الجوار ودول العالم سرقت الآثار العراقية ،وانه لا توجد همّة دبلوماسية لاستعادتها"، مشيراً الى "وجود(37000) ألف قطعة أثرية مختلفة الإحجام والأنواع في متحف بنسلفانيا في أمريكا، بالاضافة للكثير من الآثار العراقية المسروقة في المتحف البريطاني والعائدة لمدينة أور الأثرية".
ويتربع العراق على اكبر عدد من المواقع الأثرية والتي تتجاوز الـ(20.000) ألف موقع اثري اذ تحتل محافظة ذي قار الحصة الأكبر لتصل عدد المواقع الأثرية فيها الى (1200) موقع اثري موزعة بكافة أنحاء المحافظة وبأعمار وعصور تاريخية مختلفة تعود الى ما قبل التاريخ، حيث أثبتت البعثة الفرنسية ان (تل ألعويلي) يُعَد من اقدم المواقع الاثرية في وسط وجنوب العراق والذي وجد فيه قطع حجرية وهياكل عظمية تعود الى 6000 عام قبل الميلاد.
كما وتضم ً مدينة الناصرية الحقبة السومرية والاكدية وتؤرخ ضمن مواقعها العصور القديمة كالعصر البابلي ومروراً بالفترات الفرثية والاخمينية والساسانية، وفيها أيضا أهم المواقع والمدن الأثرية كمدينة اور ومدينة اريدو ومدينة اوما ومدينة لارسا ولكش والكثير من المدن الأثرية، و في محافظة ذي قار اقدم المدن المتحضرة في العالم وهي مدينة اريدو.
وعن تعدد هذه الحضارات والحقب الزمنية التي انتشرت في محافظة ذي قار وكيفية أدارتها واستثمارها بالشكل الذي يليق بهذه العصور وما قدمته الحكومة العراقية للآثار من خلال التمويل والية الحفاظ عليها واسترداد ما نهب من العراق قبل وبعد التغيير الذي حصل في عام 2003. فقد كان للأحرار هذا اللقاء مع مدير أثار ذي قار المفتش ألآثاري (عامر عبد الرزاق الزبيدي).
* العراق يضم المئات من المواقع الأثرية هل جميعها محمية ومنقبة ومكتشفة؟
مدير الآثار- هناك 1200 موقع اثري وعدد الحراس لا يتجاوز المائة حارس، وان المشكلة تكمن في عدم وجود الإستراتيجية لدى الحكومات العراقية وهذا منذ الأزل والى يومنا هذا،إضافة الى عدم وجود الهمّم و ألاستراتيجيه و الخطط المهمة لهذه المواقع للحفاظ عليها، كما ولدينا أكثر من 1000 موقع بدون حراسة ،فقد تعرضت كل المواقع الاثرية للسرقة بعد سقوط النظام السابق حيث لا يوجد موقع لم يتعرض للنهب او السرقة".
*هل عمليات سرقة المواقع الاثرية مستمرة الى يومنا هذا؟
مدير الآثار- عمليات السرقة مستمرة الى الأن في بعض المناطق النائية والرخوة امنياً والبعيدة عن المدينة والمركز فهناك كنوز وجواهر سرقت والاخرى معرضة للسرقة لعدم وجود من يحميها".
* الا يمكن الاستفادة من العشائر والقبائل العراقية في توفير الحماية والدعم للمواقع الاثرية ولو بدعم يسير؟
مدير الآثار- نحن نتمنى ان نستفيد من ذلك فضلاً عن دور رجال الدين؛ خصوصاً ونحن الان في عصر الصورة التلفزيونية وان هناك فتوى للمرجع السيد علي الحسيني السيستاني بحرمة سرقة الاثار، وان يكون هناك تركيز على هذه الفتوى من الخطباء ومنابر الجمعة وان يتم عرضها على الشاشات التلفزيونية لغرض منع التلاعب بهذه المواقع المهمة".
*كم هو عدد المواقع المنقبة وما هو حال السياحة الأثرية في مدينة الناصرية ؟
مدير الآثار- ان عدد المواقع الأثرية المنقبة لا تتجاوزالـ 12 موقع ،وان مدينة أور التي ملأت قطعها متاحف الدنيا لا يتجاوز التنقيب فيها نسبةالـ( 5% )! وان الواقع السياحي في هذه المواقع هو واقع مرير جداً، فقد زار مدينة اور خلال شهر اذار 15000 سائح من العراق وخارجه كون الجماهير تتلهف ان تزور هذه المدينة التي هي موطن نبي الله إبراهيم الخليل (عليه السلام)".
* ماذا عن استعداداتكم لموسم الحجيج المسيحي وزيارة بابا الفاتيكان لمدينة الناصرية ؟
مدير الآثار- لنا علم بهذه الزيارة حيث خصص مجلس محافظة ذي قار مليار دينار عراقي وشكلنا بعض اللجان لتأهيل متحف الناصرية وتاهيل مدينة اور الاثرية قدر الامكان وبالمستطاع، لان مجيء البابا ليس مجيء شخص فقط بل ستكون هناك عملية حج مسيحي لمدينة أور الاثرية".
*يعد متحف الناصرية ثاني اكبر متحف بالعراق ولكنه مهمل لماذا ذلك؟.. ومن يتحمل هذا الإهمال؟
مدير الآثار- نعم يعد متحف الناصرية ثاني اكبر متحف بالعراق وقد انجزته شركة برتغالية عام 1969م وكان مملوء بالقطع الاثرية ولكن للأسف جميعها قد اخذت في احداث عام 1991 الى بغداد وتم وضعها في المتحف العراقي كأمانات ولم ترجع الى هذه اللحظة، ونحن طالبتاهم لغرض اعادتها، وان الهيئة العامة للاثار لديها الاستعداد ولكن الى الان لم يتم تجهيز متحف الناصرية بالإجراءات الامنية من كاميرات مراقبة واجهزة انذار وحصانة للمتحف وربما سيعاد قسم من هذه الآثار الى متحف الناصرية".
*كيف هي التخصيصات المالية المقدمة لكم من الحكومة المركزية او المحلية لتلبية احتياجاتكم؟
مدير الآثار- منذ عام 2003 والى هذه الفترة القريبة لم يتم تخصيص أي مبلغ مالي الى اثار ذي قار، ولكن هذا العام خصص مليار دينار عراقي وهي تخصيصات خجولة جداً وليست بالطموح ولا تلبي رغبتنا او رغبة شعب بهذه الحضارة هذا بالرغم من اقُرار قانون وزارة السياحة والاثار والتي اصبحت وزارة مستقلة".
*هل لديكم معلومات عن حجم الاثار المسروقة من مدينة الناصرية في دول الجوار؟
مدير الآثار- طبعاً اغلب دول الجوار ودول العالم سرقت الاثار العراقية ولكنا نفتقر لوجود همّة دبلوماسية لاستعادتها للاسف الشديد، فهناك 37000 قطعة سُرقت من مدينة اور موجودة في متحف بنسلفانيا في امريكا، كما ويضم المتحف البريطاني الكثير من الاثار العراقية العائدة لمدينة اور خاصة بعد ان نقبوا في عشرينيات القرن الماضي، بالاضافة الى المتاحف العالمية الاخرى وحتى في الدول العربية ،حيث وصلتنا معلومات انه ومن خلال سرقة الاثار العراقية تم تشُكِيل متحفين في العالم واحد في تل ابيب والاخر في بكين، فقد طالبت رسمياً باستعادة هذه القطع للعراق".
* مسؤولية من أنجاح هذا الطلب هل هي وزارة السياحة ام وزارة الثقافة؟
مدير الآثار- أنا لا اعلم ، فقد طالبت وزارة الخارجية وطالبت البرلمان ومنذ اكثر من ثلاثة اشهر ولكن للاسف، فهناك من عاتبني ووبخني لانهم يعتبرونني قد جرحت كيان شعور دولة صديقة وهي امريكا وبعد عام 2003 سُرقت المواقع من قبل لصوص ومافيات عالمية وعلى مرأى ومسمع الكل وحتى القوات الأمريكية".
*يقال انه يمكنكم ان تنشئوا في كل مدينة متحف أو أكثر؟
مدير الآثار- نعم هذا صحيح نستطيع ان ننشئ اكبر متحف في العالم، هذا اذا نظرنا الى متحف اللوفر الذي يوفر اكثر من 20% من اقتصاد فرنسا، ونحن نستطيع ان ننشئ ماهو اكبر من متحف اللوفر وذلك عبر شيء اسمه صناعة السياحة فهناك 126 دولة في العالم تعتمد في اقتصادها على السياحة، ولكننا مع الأسف نجد ان 97% من موارد العراق تعتمد على النفط ،مع وجود هذه المواقع الاثرية والسياحية الكبرى والعظمى، وانه لو استغلت المواقع الاثرية في محافظة ذي قار استغلال حقيقي لاصبحت لدينا مدن سياحية عديدة لعاش العراق بأكمله منها وبدون الحاجة إلى قطرة واحدة من البترول".
* اذا لم يكن هناك أموال وحرص للحفاظ على الاثار واستخراجها واستكشافها، فهناك طاقات بشرية موجودة لدى وزارتي الدفاع والداخلية لحماية هذه المواقع؟
مدير الآثار- نحن بحاجة الى من هو غيور على حضارته وآثاره، إضافة إلى اهتمام ووقفة في حالة حدوث سرِقة من متاحف العراق ان تُنكّس الأعلام وبحاجة اذا سرقت قطعة اثرية ان يُعطّل البرلمان وان يكون هناك حِداد ، وبالفترة الاخيرة قامت قيادة شرطة ذي قار بتسيير الدوريات وانشاء مديرية خاصة اسمها (دوريات حماية الاثار) ولكن بعدد قليل لا يتجاوز 50 عنصر وبثلاثة سيارات فقط".
*كمدير اثار تناشد وباستمرار المعنيين لغرض حماية الاثار واعادة المسروقات منها من تناشد هذه المرة؟
مدير الآثار- هذه المرة أناشد المرجعية الدينية بتفعيل فتوى تحرم وتجرّم سرقة وتخريب الآثار ووجوب اعادة الاثار المسروقة الى أماكنها الحقيقية، كما واناشد المرجعية الدينية بالضغط على الحكومة العراقية والبرلمان العراقي لغرض الاهتمام بالمواقع الاثرية بتوفير الدعم المادي لها وتفعيل هذا الدور كونه الاقتصاد البديل وان يكون له دور فعال يستفيد منه العراق".
* ماذا عن السياسيين؟
مدير الآثار- اتمنى ان يكونوا جادين وان يعرفوا معنى حضارة وادي الرافدين فمنذُ عام 2010 نطالب والى الان ولكن ما من اذن سمعت ولا عين رأت .!
حاوره: صفاء السعدي
وكالة نون خاص