وسط المحاضرات الدينية وبين الخطباء الأجلاء وذكر يا حسين ومصاب العترة المحمدية ومجالس العلماء وسجلات كربلاء شاع أسم الشيخ عبد الرضا الصافي العالم الجليل والخطيب الحسيني الذي أشغف القلوب وأدمع المقل، على عاشوراء كربلاء بصوته الحنين وعرض اللوعة بصدىً أكثر وقعا وألما وشجوا.
وخطيبنا المرحوم هو الشيخ عبد الرضا ابن الشيخ علي بن محمد بن حسين الصافي المولود في مدينة كربلاء المقدسة في شهر شعبان الأغر سنة 1351 هجرية الموافق 1932م، فنشأ وترعرع في كنف عائلة عرفت بالدين والعلمية واشتغلت بخدمة الإمام الحسين (عليه السلام)، فوالده كان خادما للعتبتين الحسينية والعباسية المقدستين آنذاك، وكان يصحبه معه الى دروس العلم، وكان يحرص على تعليمه وتواجده وسط بيئة العلماء فكان من ذلك سببا للمكانة العلمية المشهودة التي وصل إليها إذ كان طويل الباع في العلوم الدينية والأدبية، واسع الاطلاع في التاريخ واللغة والحكمة، كما تفوّق في الفقه والأصول والحديث..
وعن حياته أخبرنا نجله الشيخ محمود الصافي إن "والده كان دؤوبا على زيارة مواليه الأئمة الأطهار (عليهم السلام) مكثر الدعاء لإتباع أهل البيت (عليهم السلام) ومستمر المناجاة لربه، ومثالا أخذت به العديد من العلماء والخطباء كفضيلة الشيخ الراحل قارئ المقتل الشيخ عبد الزهراء الكعبي (رحمه الله)"..
وأضاف إن "الشيخ الصافي تتلمذ في مدينة كربلاء المقدسة على نخبة من علماء أفذاذ منهم (الشيخ محمد علي سيبويه والشيخ يوسف الخراساني، والسيد محسن الجلالي والشيخ محمد الشاهرودي وغيرهم)، أما في مدينة النجف الاشرف فقد حضر دروس علماء كبار منهم السيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي، ولعلميته الكبيرة أجاز له عدد من العلماء منهم الشيخ محمد علي سيبويه والشيخ يوسف الخراساني والسيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي بالتصدي للأمور الحسبية والاستفتاء عنهم في كربلاء".
وعن علميته قال الإعلامي والباحث التاريخي تيسير سعيد الأسدي "من صفاته العلمية التي امتاز وعُرف بها الورع والصلاح والزهد والعبادة وحُسن الخلق والتواضع، وسلامة الذات وطهارة النفس، وهذا ما جعله قريب من الناس إذ كان يعيش آلامهم ومشاكلهم".
وأكد الأسدي إن "الشيخ الصافي عمل مدرسا في حوزة كربلاء المقدسة، حيث درس الفقه والأصول في مدارسها الدينية كمدرسة الخطيب الدينية والمدرسة الحسنية ومدرسة البقعة والمدرسة الهندية الكبرى، إضافة الى إمامته للمصلين في حرم ابي الفضل العباس (عليه السلام) ثم بعدها أمَّ المصلين في جامع العلقمي المعروف في كربلاء بعد إن منع من قبل أزلام النظام المقبور من الصلاة جماعة في العتبة العباسية المطهرة".
وتابع الأسدي "لم يكتف النظام البائد عند هذا الحد فراح يحاربه لترك صلاة الجماعة لكنه كان يرى فيها القوة والوحدة لرص صفوف الجماهير ضد النظام المقبور، ليؤم المصلين أخيرا في جامع الحاج صالح عوز حتى استشهاده"..
وعن مؤلفاته قال نجله، إنه "ألف العديد من الكتب والمؤلفات المهمة التي كانت مرجعاً من مراجع البحث والتدريس حتى يومنا هذا منها: بلاغة الإمام الحسن (عليه السلام)، (الإسلام مع الطب الحديث)، (الأخلاق النفسية)، (الثار في أحوال المختار)، (المعاد أو غاية سير الإنسان) ، (كشكول الصافي أو حقيبة الجواهر)، (المأساة العظمى في عالم الخلود) و(ديوان شعر)".
من هذا يتبين إن للشيخ الشهيد باعا طويلا في الشعر والأدب، فله ديوان شعر بجزءين ضم قصائد في رثاء أهل البيت ( عليهم السلام) ومدحهم، كما له قصائد وطنية، غير انه برع في غرض شعري خاص ألا وهو التاريخ الشعري بحسب الباحث التاريخي تيسير الأسدي..
بعد صراع طويل ضد الباطل استشهد الشيخ عبد الرضا الصافي على يد أزلام النظام المقبور في آخر شهر ذي القعدة الحرام سنة 1409هـ الموافق 2/7/1989م، ودفن في جامع الحاج صالح عوز في كربلاء الذي تم تهديمه من قبل أزلام النظام البائد، وقبره اليوم في منطقة بين الحرمين الشريفين من جهة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)).
وقد أرخ ذكرى استشهاده الشاعر المؤرخ تيسير الاسدي قائلا:
عبد الرضا الصافي قضى ......لجنة الخلد مضى
اهـــنأ ابـــا مــــحــمــــد ..... في قرب ابن المرتضى
في الصالحين النجبا...... ارخ (اضف عبد الرضا)
ومن الجدير بالذكر إن من أبنائه (الشيخ أحمد الصافي) مسؤول مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) في العتبة الحسينية المطهرة وكذلك الشيخ محمود الصافي رجل دين الأستاذ حميد الصافي منتسب الشؤون الثقافية في العتبة العباسية المطهرة بالاضافة الى الشهدين محمد الصافي ومحمد علي الصافي الذين استشهدا ابان الانتفاضة الشعبانية عام 1991
تقرير: حسين النعمة
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- بينهم عروس تستعد ليوم زفافها :قصف وحشي في بعلبك يخلف (19) شهيدا منهم (14) طفلا وأمرأة