نظام التوزيع العام يشهد تدهوراً واضحاً منذ سقوط بغداد بسبب انعدام الأمن وسوء الإدارة وانتشار الفساد.
بغداد ـ أفاد وزير التجارة العراقي عبد الفلاح السوداني ان كميات الحصص الغذائية التي يتم توزيعها مجاناً على الأسر العراقية ستشهد المزيد من الاقتطاعات اعتباراً من بداية عام 2008، حيث ستنخفض الحصة الواحدة من 10 مواد غذائية إلى 5 فقط، وذلك بسبب غياب الدعم المالي من الحكومة.
وكان نظام توزيع الحصص الغذائية، المعروف بنظام التوزيع العام، قد بدأ عام 1995 في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء الذي وضعته الأمم المتحدة في إعقاب الاجتياح العراقي للكويت قبل 17 عاماً.
غير أن هذا النظام أخذ يشهد تدهوراً واضحاً منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003 بسبب انعدام الأمن وسوء الإدارة وانتشار الفساد.
وفي هذا السياق، قال السوداني للبرلمان \"بما أن الدعم المالي الحكومي لن يكون متوفراً خلال العام المقبل، فإننا سنضطر إلى خفض المواد المشمولة بنظام الحصص الغذائية من 10 إلى 5 مواد. كما أن كميات المواد المتبقية لن تكون بنفس كميات هذه السنة أو السنة الماضية...نحن بحاجة من 5 إلى 6 مليار دولار خلال عام 2008 بدلاً من 3.1 مليار دولار المخصصة لنظام الحصص الغذائية حتى نتمكن من مواجهة الارتفاع الكبير في أسعار هذه المواد في الأسواق العالمية، وكذلك ارتفاع تكاليف الشحن والنقل على المستوى الدولي والداخلي\".
وقد ألقى السوداني اللوم على ظاهرة انتشار الفساد ونقص اليد العاملة في وزارته، موضحاً أنهما من الأسباب التي أدت إلى قصور نظام الحصص الغذائية على النطاق القومي وتدني جودة المواد المشمولة في هذه الحصص والتأخير في توزيعها.
وأوضح أن عدد الموظفين المسؤولين عن هذا النظام في وزارته لا يتعدى 30 ألف موظف وهم يديرون حصصاً غذائية لثلاثين مليون شخص.
وطالب السوداني البرلمان والحكومة بالتفكير في استبدال النظام الحالي بنظام أكثر فعالية، حيث قال \"سنطلق خطة جديدة في العام المقبل، إذ سنقوم بالتحقق من الدخل المالي للسكان وبناءً عليه سنقرر إما عدم إدراج ذوي الدخل العالي في عملية التوزيع أو الاكتفاء بتزويدهم ببعض المواد فقط\".
ووفقاً للخطة الجديدة، ستشمل المواد التي سيتم توزيعها الأرز (3 كلغ لكل شخص)، والسكر (2 كلغ/شخص)، وزيت الطبخ (1.25 كلغ أو ليتر/شخص)، الدقيق (9 كلغ/شخص) وحليب الكبار (250 غراماً/شخص).
أما المواد التي سيتم حذفها فتتمثل في: الشاي (200 غرام/الشخص)، والبقوليات (250 غراماً/شخص)، وحليب الأطفال (1.8 كلغ/طفل)، والصابون (250 غراماً/الشخص)، ومواد النظافة (500 غرام/شخص)، ومعجون الطماطم (500 غرام/شخص).
ووفقاً لوزارة التجارة، استفاد حوالي 80 بالمائة من العراقيين من نظام التوزيع خلال حكم صدام حسين، وشكلت السلة الغذائية المصدر الوحيد لاحتياجات حوالي 60 بالمائة من الناس.
ولكن محمد فلاح إبراهيم، الخبير في الأمن الغذائي في مديرية الصحة بالعراق، أفاد أن اقتطاع مواد معينة من نظام الحصص الغذائية سيؤدي إلى انتشار المجاعة في العديد من أنحاء العراق.
ويرى إبراهيم أنه \"يجب دراسة هذه الأمور بعناية فائقة، خصوصاً فيما يتعلق بوقف توزيع حليب الأطفال، لأن ذلك سيعرض العديد من الأسر الفقيرة، وعلى رأسها الأسر النازحة، للخطر\".
وأضاف أنه \"يجب أن تكون هناك خطة مكمِّلة لضمان وصول المساعدات المالية للأسر الفقيرة التي ستتأثر بالنظام الجديد للحصص الغذائية، وإلا قد يموت العديد من العراقيين جوعاً\".
أما سهام إبراهيم، وهي سيدة تبلغ من العمر 55 عاماً وأم لثمانية أطفال، فقد فضلت إطعام العدس التي حصلت عليه ضمن الحصص الغذائية لدجاجاتها إيماناً منها أن نوعيته رديئة جداً.
وعبرت عن استيائها قائلة \"لقد كان حلمنا أن نحصل على حصص غذائية جيدة النوعية بحيث تصلح فعلاً للاستهلاك الآدمي\".
وأضافت سهام التي يتراوح عمر طفلين من أطفالها بين سنتين وخمس سنوات \"اذهب إلى الوكيل كل شهر لاستلام حصتي الغذائية، ولكني فوجئت هذه المرة عندما لاحظت أن الحصة تفتقر إلى مادتين أو ثلاثة مواد بما فيها حليب الأطفال، الذي لم نستلمه خلال الأشهر الثلاثة الماضية\".
وقالت إلى أن أسرتها أصبحت الآن مجبرة على شراء بعض احتياجاتها الغذائية من السوق بتكلفة تصل إلى حوالي 150 دولاراً في الشهر.
ميدل ايست اونلاين
أقرأ ايضاً
- استقرار أسعار الدولار في العراق
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا