- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هوس (ما بعد الحَداثة) هل يجب ثقافيا؟
يصنف الهوس على أنه اضطراب عقلي (ذهني) يتميز بالنشاط الزائد والمرح والغرابة، ويكون الفرد مليئاً بالحيوية، ولا يكاد ينتهي من شيء أو عمل حتى يبدأ في الأخر، وقد تتميز أفكاره بأنها غير منتظمة فهو ينتقل من فكرة إلى فكرة بسرعة دون أي داع، وتتميز لغته بالإغراق في تفاصيل ليس لها أهمية أحيانا، وقد تظهر بعض الأعراض الثانوية مثل القلق والشك واضطراب الوعي في ساعات أخر.
أما الحداثة فهي مفهوم مستورد عن الغرب، حيث وجد هناك ضمن ظروف وفترة معينة؛ وبحسب هذا المفهوم ما يهمنا نحن هو شكل الحداثة العربية وما الذي وصلت إليه؟ وهل يتعيَّن على المجتمعات العربية إذا أرادت أنْ تتحدث، بأنْ تتخلى عن ثقافتها الخاصة، وتتبنى عناصر الثقافة الغربية الجوهرية؟ وهل تعني الحداثة العربية التغريب والابتعاد عن تراثنا والاعتماد على تراث مستورد؟ أم ترتقي لتطوير ذات التراث والثقافة العربية الإسلامية؟، وسؤالنا كيف يمكن للعالم العربي الذي يعيش وسط ترسانة من المنظومات التقليدية أن يتجنب المخاض الخاطئ وبالتالي يحمي نفسه من الوصول لحالة الفصام الثقافي؟
يبين الفلاسفة والسوسيولوجيون الغربيون (علماء الاجتماع)، أن \"مصطلح ما بعد الحداثة لا يشير إلى مرحلة بل إلى تحول فكري في فهم تطور الحداثة، وهو مصطلح يدل على لحظة ثانية ضمن الحداثة، بمعنى تخلي الحداثة عن أساطيرها المتمثلة في العقل والنزعة الإرادية أو النزعة الإنسانية (لا بالمعنى الأخلاقي)\"، أما ما يهمنا من تعريف الحداثة هو، إن \"التقدم الخطي التصاعدي المُطرد، وتحقق مُثُل الوفرة والخير والعدل والمساواة...، التي ألصقت بالحداثة الظافرة في انطلاقتها الحماسية، هو المعنى الشمولي للحداثة والموسوم بتطوير الهوية الثقافية، وليست تخليا عنها وتفريطا في مُثلها الكبرى\"، وهو ذاته ما نحتاجه في بيئاتنا العربية، دون أي هوس آخر.