- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عصر الأفلام الوثائقية وغياب الإعلام الإسلامي.
في عالم كعالمنا اليوم حيث أصبح للمال وللجهد وللوقت قيمة كبيرة، أصبح ما يوفر هذه المهمات الثلاث هو أيضاً ذو قيمة كبيرة، فابتكارات مثل السيارة أو جهاز الموبايل أو المكنسة الكهربائية هي بالطبع أدوات سهلت على بني البشر الكثير من الجهد والوقت لذا هي ذات أهمية في حياتنا.
كذلك الأمر عند الحديث عن العمل الإعلامي، ففي عالم متسارع الأحداث متعدد المواقف والاتجاهات، متضارب الآراء والأفكار، بات الفرد المتلقي يبحث عن الوسيلة الأسهل والأسرع لمعرفة الحقيقة والاطلاع على المعارف، فمن الصحف التي أصبحت تكلف المال والوقت، إلى الانترنت الذي بات متاهة ربما تبدأ ببحث عن حضارة المايا لتنتهي بتصفح مواقع السيارات، وأما الحديث عن الكتب والمكاتب فالبحث فيها عن المعرفة عادة ما يقترن بالملل.
هنا كان لا بد للعمل الإعلامي – من منطلق (إن الحاجة أم الاختراع) - أن يطور وسيلة إعلامية توفر الوقت والجهد والمال للفرد المتلقي أثناء بحثه تسد احتياجه وتشبع فضوله، وسيلة تستطيع تطويع المادة وجعلها أقل نخبوية وأكثر جماهيرية، فكانت الأفلام الوثائقية هي الأقدر على جمع معظم الميزات الجيدة من تلك الوسائل ، فهي تأخذ المشاهد إلى أعماق التاريخ أو في أحضان الطبيعة وبين زجاجات المختبرات العلمية، لتضع المشاهد أمام فكرة مركزة غنية بالمعلومات، شديدة التشويق سريعة الحركة تضمن بقاء المشاهد وتفكيره في إطار ذلك الموضوع حتى النهاية.
إن الفلم الوثائقي ما هو إلا تطبيق للنظرية القائلة أنه كلما زادت الحواس المشتركة للفرد المتلقي، كلما زاد تأثره، وبالتالي نجاح عملية توصيل المادة.
فمثلاً قد يقرأ الفرد الكتاب أو المجلة عن تاريخ بناء العتبة الحسينية، وقد يشاهد لهذا البناء صوراً في الانترنت، أو مقاطع فيديوية في التلفزيون، وقد يسمع من خبير معماري عن مميزات البناء وفق الطراز الإسلامي، ولكن.. يأتي الفيلم الوثائقي ليجمع جميع هذه العناصر السمعية والبصرية وبجميع مؤثراتها، ويوثقها في فيلم وثائقي.
فالفيلم الوثائقي هنا قام بتحويل تاريخ هذا البناء المدون والمكتوب إلى صورة مبثوثة، تمنحك كم هائل من المعلومات المتحركة في دقائق قليلة..
وهنا كان لابد للإعلام الديني الذي تعود المجيء \"متأخراً\" أن يلتفت إلى هذه صناعة الحديثة التي أصبحت واحدة من أهم أدوات صناعة الرأي في العالم الإعلامي، وان يوفر لها الميزانيات والكوادر والاهتمام المناسب.
حيدر مرتضى التكمجي