عندما نقرأ أو نسمع أو نشاهد ما يفعله الإرهابيون المتشددون في بلاد المسلمين سواء في باكستان أو أفغانستان أو اليمن أو العراق و.. و..، من نحر لرقاب المسلمين بالسكين الحادة، مع وضع المنحور في اتجاه القبلة والتسمية في البدء والتكبير عند الانتهاء.. أو تفجير الأسواق والمدارس والمستشفيات، ليتحول الأطفال والنساء والمسنون إلى أشلاء لا يمكن جمعها من اللحم الإسلامي المحرم.. نتعجب ونندهش ونذهل ونتساءل.. كيف أصبح هؤلاء الذين يدعون التدين والجهاد ويطلبون الشهادة على هذه الحال؟! كيف تحولوا إلى قتلة وجزارين وسافكي دماء المسلمين؟
الجواب: ان هؤلاء امتداد لمدرسة فكرية سياسية اتخدت الدين لها وسيلة وشعاراً وبنيت على العنف والدموية وسفك الدماء.
وسأضرب لكم مثالين تاريخيين عن هذه المدرسة العنيفة، أحدهما من تاريخ الكويت، والآخر قبل ذلك التاريخ في منطقة أخرى، وكيف تكون ردة الفعل على العنف، والدخول في دوامة الفعل ورد الفعل الدموي.
المثال الأول: الرحالة اليماني أحمد محمد الشرماني الذي درس بالأزهر الشريف وخلال زيارته للكويت في يناير 1948م، ذكر في كتابه «الجناح المحلق في سماء المشرق» الجزء الثاني، التالي: «تقع هذه المدينة – الكويت – في وسط سور أثري عظيم، وله حديث عجيب وعهد غريب وإليك ملخصه: فقد بناه أحد أمراء الكويت السابقين بتضامن مع سكان الكويت منذ مئة وخمسين عاماً تقريباً، ليكون خط الدفاع الأخير عن المدينة التي استهدفت أكثر من مرة من هجمات متوالية، يقوم بها الطوراق من قبائل نجد، وهي قبائل متمردة يطلق عليها الإخوان، والباعث لهم على هذا العمل الوحشي اعتقادهم السائد كفر من سواهم من المسلمين، وعلى ذلك يستبيحون أموالهم ودماءهم وأعراضهم بهذه الذريعة الوهمية، فيعملون بالسلب والنهب وسفك الدماء، فلم يكن يجدي معهم حرب لا يحترمون أصولها وقوانينها حتى ليحكى من وحشيتهم الضارية أن أحدهم بعد أن يقتل القتيل يأخذ دمه ويلطخ به وجهه تشفياً بما صنع ولو كان المقتول ابناً للقاتل».
- رحالة يماني في الكويت / لمعده أ.د. عبدالله يوسف الغنيم :
ص31-32.
المثال الثاني: يقول جون غلوب باشا في كتابه «War in Desert»: «في صباح أحد أيام نيسان 1801م، ظهرت قوة سلفية تقدر بحوالي عشرة آلاف رجل، على ظهور ستة آلاف جمل، في بساتين النخيل التي تحيط بمدينة كربلاء المقدسة، اقتحمت بهجوم كاسح بوابة المدينة، وفر الأهالي، الذين لا يعلمون شيئاً، هنا وهناك في ذعر تام، بينما قبض السلفيون وذبحوا كل من يلقاهم، ثم اقتحموا الجامع الكبير الذي يضم ضريح الشهيد الحسين حفيد النبي حيث يشاع أن هناك ثروة كبيرة مكدسة من عطايا المؤمنين من عدة قرون، وعمل البدو، المعارضون للممارسات الدينية التقليدية، كل ما في استطاعتهم لتخريب البناء الفخم والآجر الملون المتلالئ والقبة المذهبة، استغرقت مأساة نهب كربلاء برمتها ثماني ساعات فقط، وفي مساء اليوم نفسه انسحب الغزاة وتلاشوا مرة أخرى في عمق الصحراء يسوقون أمامهم مئتي جمل محمل بالكنوز، ويذكر أن خمسة آلاف شخص – فيهم الأطفال والنساء والشيوخ - قد تم ذبحهم بوحشية».
«وفي عام 1802م، أي بعد عام من نهب كربلاء، غزا السلفيون الحجاز واستولوا على الطائف، حيث ذبحوا الأهالي قاطبة، وفي مارس 1803م، احتلوا مدينة مكة نفسها».
وإحدى ردات الفعل على كل هذا العنف وهذه الوحشية ماحدث: «في 4 تشرين الثاني – 1803م – كان عبدالعزيز بن سعود يؤم المصلين في جامع الدرعية، عندما طعن بخنجر في ظهره ومات فوراً، كان القاتل رجلاً فارسياً ذبح أبناؤه الثلاثة من قبل السلفيين في عملية نهب كربلاء قبل سنتين ونصف، رحل والدهم بطريقة ما إلى الدرعية وأعلن اعتناقه للمذهب الوهابي، عمل في العاصمة أكثر من سنة منتظراً الفرصة لأخذ ثأر أطفاله، وقد قبض عليه واحرق حياً ثم ضرب عنقه، قد يأخذ السلفيون ثأرهم من الفارسي التعس، إلا أنهم من النادر أن يدينوا لا أخلاقية فعلته، وإجمالاً فإن المذابح أصبحت حجر الزاوية في نهجهم».
- حرب الصحراء / لجون غلوب باشا: ص 41-42
هذه نتيجة التشدد وتكفير المسلمين وتشريكهم وإباحة أموالهم وأعراضهم ودمائهم.. دورة دموية شيطانية جهنمية تحرق الأخضر واليابس، وتدمر الأوطان والشعوب... وللأسف المؤلم، أن ما سبق ذكره أصبح مدارس فكرية دينية، تعلم المسلمين ذبح اخوانهم المسلمين على الطريقة الإسلامية
صحيفة الدار الكويتية الالكترونية
أقرأ ايضاً
- الزيارة المرتقبة للقادة العرب وحال المدارس العراقية
- تدريس جرائم البعث في المدارس العراقية
- دوام المدارس بين خلية الازمة وزيارة الاربعين