- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أنهم بحرينيون, و نحن سعوديون, لسنا سنّة و شيعة
أعظم خطأ وقع فيه القادة الأوربيون وقت تناحرهم هو اعتقادهم أن هناك عرقاً يجمع شعوب قارّتهم, و أن حضارتهم واحدة, و لم يفطنوا إلى التباين النفساني و الاجتماعي إلّا بعد أن سالت الدماء. رغم مرور قرون و عقود, لا زالت الحكومات أكثر الناس جهلاً بهذا التباين مع أن مصرَ و تونسَ مثالان حاضران.
شعبان عربيان, غالبية مسلمة, انفتاح اقتصادي اجتماعي اعلامي, حكومتان تحملان توجّها متشابها. مع ذلك أظهرت الثورتان فروقات جمّة, فالتغيّرات الاجتماعية و الاقتصادية خلال توالد الأجيال غيّرت ما نعتقد أنه موروث يجمع الشعوب. من هنا ينطلق سؤالي حول تدخّلنا في البحرين, و الحديث على أننا شعب واحد و ثقافة واحدة, و هذا ليس صحيحاً. يجب تقرير حقيقة واقعة في بادئ الأمر وهي أنهم بحرينيون, و نحن سعوديون, لسنا سنّة و شيعة. الحقيقة الثانية هي أن ملك البحرين صاحب الذات المصونة التي لا تُمس, كما ينص دستوره, هو المسؤول الأول و الأخير حسب الصلاحيات التي سخرها له الدستور:
فـ الملك يتولى السلطتين التشريعية و التنفيذية
و الملك يعيّن أعضاء مجلس الشورى و يعفيهم (مثلنا)
و الملك يعيّن رئيس مجلس الوزراء و الوزراء و يعفيهم.
و الملك هو القائد الأعلى لقوات الدفاع
طالما يعتقد أنه بخمس عقول ليتمتّع بهذه الصلاحيّات وحده, فليحتمل المسؤولية وحده.
فالمسؤوليّة لا تفوّض كما هو مقرر عند عقلاء السياسيين و الإداريين.
\"يداك أوكتا و فوك نفخ\"
الحقيقة الثالثة أن هذه المظاهرات لم تولد بين ليلة و ضحاها, بل كان هناك إرهاصات يعلمها من يتجوّل في الشأن البحريني و يرى مستوى معيشتهم. الحقيقة الرابعة أننا لسنا دولة عظمى, فلا يجب أن يتسرّب الوهم إلى أدمغتنا و نعتقد بأننا حماة العرب و نحن نعتمد على حليف عسكري ممكن أن يتخلّى في أي لحظة إذا ما دارت الرحى بين العرب و الفرس, مع التذكير أن الفرس يصنعون أسلحتهم بأنفسهم في الغالب.
باختصار:
ملك البحرين, الذي حوّل المنامة ,عاصمة تجارة لؤلؤة الخليج, إلى عاصمة تجارة دعارة الخليج هو المسؤول.
بقي أمر يتعلّق بـ دراويش بلادي الذين يعتقدون أن ذهاب جندنا إلى البحرين مثل ذهاب سعد بن ابي وقّاص إلى بلاد فارس.
الخارطة التاريخية و الإقليمية تثبت أن التحرّك العسكري و الاقتصادي يكون وفق موازنات رقمية, لا عقديّة, فلا تتمسكوا بالرابط الروحاني.
لا أعلم لماذا يرفع جنودنا إشارة النصر على جسر البحرين!
و لماذا عناوين المنتديات مقيتة على شاكلة
\"أسود السنة يطهرون البحرين!\"
نطهّرها من من؟ و لماذا نقود حروبَ غيرنا؟
إلى متى و القوى تستخدمُ أبناءَ وطني في حروب لا مصلحةَ لهم فيها.
استخدمتهم الولايات المتّحدة في أفغانستان ضد الروس.
و استخدمتهم ضد حزب البعث.
و استخدمتهم ضد إيران.
و استخدمهم علي عبد الله صالح -جزئياً- ضد الحوثيين.
و اليوم نُستخدم لتثبيت عرش ملك لا يريد أن يصلح.
و العجيب أن هؤلاء الدراويش مستعدون لأن يكونوا درعاً لأي محارب ما دام شاهرا سيفه في وجه الشيعة حتى لو كان هذا المحارب حامورابي الخمور و الربا, و الدعارة و الزنا, فهم يغفرون له كل ذلك. و هنا تختل بوصلة العدل و نصل إلى رتبة الحماقة, سنّة و شيعة, حين يحاول أحدنا قتل الآخر فيفشل, ثم يطلب منه أن لا يقتله!
من يقرأ خطابات أمير البحرين الراحل عيسى الخليفة, يعلم أنه قد رسمَ خطوطاً عريضة لابنه كي يسير عليها,و سهّل له الوصول إلى الغاية, لكن الابن لم يفهم ولا يريد أن يفهم.
إما ما يحدث من تدخلات و نزاعات, فالبحرينيون الذين طردوا مبشّري الدول العظمى أمثال صامويل زويمر بدايات القرن التاسع عشر, قادرون على طرد غيرهم.
و طبيعة الشعب البحريني المسالم, التي أغرت البحريطانيين على جعلها مركز قيادة, هي السائدة إذا ما أحسن الملك التصرّف. ما دعاني لكتابة هذا هو أن هذه الصراعات أشغلتنا كثيراً عن قضايا التنمية, و كان يُمكن ممارسة بعض الضغوطات بعيداً عن الخيار العسكري. نحن في حاجة إلى آلة سلمية نحترز بها عن النزاع, لا آلة عسكرية نقتدر بها على الشيعة أو غيرهم, و هذه الآلة في السابق كانت الإصلاح, و اليوم هي الإصلاح و تغيير الوجوه.هل يقبل أحدنا برؤي جندي بحريني على أرض المملكة بحجّة حماية الحكومة من الشعب أو الشعب من الحكومة!