التورية مفردة بلاغية اعتمدها كثيرا العرب قبل وبعد الاسلام وكانت تستخدم لجعل المتلقي يفهم ظاهر الكلام ويحاول المتكلم ان يواري على قصده الحقيقي والحكايات على هذه المفردة كثيرة جدا منها مثلا عندما وشي باحد اتباع اهل البيت عليهم السلام عند المتوكل بانه يلعن الخليفة الاول فاستدعاه الخليفة وطلب منه التوضيح فقال اليس الخليفة الاول احد الخلفاء الراشدين قيل نعم قال اللهم العن كل من يلعن احد الخلفاء الراشدين ، وهنا اطمأن الخليفة وبرأ ساحته ، والحقيقة انه قصد اللهم العن كل من يلعن احد الخلفاء الراشدين هو علي عليه السلام .
التلميح اليوم هو الاسلوب المستخدم من قبل رجال السلطة والغاية من هذا الاسلوب هو الايحاء الى ما يدور في ذهن المتكلم والمتلقي من غير ذكر القصد الصريح لان في ذلك ادانة للمتكلم وهنا التلميح هو التهديد المبطن وقد يستخدم التلميح وفق اسلوب بلاغي اخر الا وهو المدح بقصد الذم او الذم بقصد المدح وهنا يكون دور الضليع في السياسة وخفاياها بحيث انه يستطيع ان يفهم الى ماذا يوحي المتكلم عندما يتكلم بعبارات لا تظهر للوهلة الاولى المقصود منها .
هذا الاسلوب هو الاشبه بالنفاق بحيث انه لو علم معنى التلميح وكان الرد قاس فانه سرعان ما ينكر القصد الذي فهم المتلقي وهنا يستطيع الانكار لعدم وجود دليل على القصد .
اليوم في العراق تارة يزدحم الجو السياسي بالتلميحات من غير البوح بالمطلوب وتارة اخرى يزدحم بالتورية وهذان الاسلوبان هما للهروب من المقصود اذا كان رد الفعل عنيف عليه ، وكثيرة هي الامثلة عندما يتخبط سياسي عراقي ما في كلامه وعندما يرى الانتقادات لتصريحه فانه يظهر من على وسائل الاعلام ويقول ان كلامه فهم خطأ .
وهذان الاسلوبان هما المستخدمان من قبل وسائل الاعلام اليوم لغرض التمويه للمتلقي انها مستقلة في نقلها الخبر يساعدها على ذلك اللغة العربية وخصوصا عندما يستخدم المبني للمجهول على سبيل المثال اغتيل استاذ في القانون والسياسة في منطقة كذا ويذكر انه كان ينتقد الكتلة السياسية الفلانية وهذا تلميح بشكل قبيح .
التورية هي حقيقة شقيقة التقية واستخدامها هو للهروب من مازق اما التلميح غالبا ما يستخدمه السياسي للايحاء بمازق ولا ننكر ان للتلميح استخدامات ايجابية في اقل الاحيان اما على العموم فانه سلبي وخصوصا عندما يستخدمه السياسي .
اخر رواية لطيفة عن التورية طلب الحجاج من احد محبي امير المؤمنين ان يلعن امير المؤمنين فصعد المنبر وقال ان الحجاج طلب مني ان العن امير المؤمنين فالعنوه ، فلعنوه فصاح الحجاج عليه انزل ولا تريني وجهك لانه علم بالقصد ولا يستطيع ان يبوح به .