هنالك نعم تتمتع بها مدن تتمناها مدن اخرى وهنالك مدن خالية من النعم عرفت كيف تخلق النعم والتطور في الحياة من الامور التي يحث عليها الدين الاسلامي لان الله عز وجل يحب ان يرى اثار نعمه على عبده وعندما راوا الامام الصادق عليه السلام بملبس حسن استكثروا عليه ذلك لان جده امير المؤمنين عليه السلام ما كان يلبس هكذا ملابس فاجابهم لكل امام زمانه وبالرغم من ذلك كان الامام الصادق عليه السلام يلبس ملابس خشنة تحت ملابسه الظاهرة .
لا اريد ان اقارن بين دبي وكربلاء ولكن الكلام سيكون حصرا بكربلاء المقدسة .
المعروف لدى العالم هنالك متطلبات للتطور تحتم علينا القيام بمشاريع تخدم المجتمع وكل مشروع لابد له من مقومات منها مادية ومنها معنوية فالمادية الارض والاموال والايدي العاملة والمعنوية الحاجة لخدمات هذا المشروع والخبرة وخدمة اخرى تعد الاساس في هذا التطور المنشود ساتطرق اليها في نهاية المقال، هذا في الظروف الطبيعية وعندما تكون هنالك ظروف قاصمة لخطوات التطور فيكون العذر مقبول للقائمين على المدينة ومن هذه الظروف هو الارهاب وانعدام الامن .
لنعود الى كربلاء المقدسة ولله الحمد عاشت كربلاء استقرارا امنيا افضل من كل محافظات العراق بل وحتى التفجيرات التي حدثت في كربلاء المقدسة هي بقدر التفجيرات التي حدثت في كردستان وعموما لولا الامان في كربلاء لما قصدها الملايين من الزائرين من خارج العراق .
اما مقومات التطور فالارض التي تحتاج الى مشاريع خدمية متوفرة في كربلاء وفائض عن الحاجة فكل شبر في كربلاء بحاجة الى مشروع ، والاموال فقد خصصت الحكومة المركزية اموال كافية لكربلاء بل حتى ان التخصيصات الممنوحة لها لم يتم صرفها بالكامل وصرف البعض منها في مجالات لم تاتي بثمارها ، اذن الاموال الازمة للمشاريع متوفرة .
واما الحديث عن الايدي العاملة في كربلاء فالستوتات والعربات تشهد كم هي حجم الطاقات المهدورة يوميا والتي يتمتع بها شباب كربلاء تحت راية البطالة المقنعة ( الستوتة والعربانة والبائع المتجول ) .
اما المستلزمات المعنوية فالحاجة الى مشاريع خدمية واقتصادية لكربلاء ما لا يستطيع انكارها حتى الجاهل فلا النظافة بالمستوى المطلوب ولا العمران يشفي غليل النفس ولا تسر الناظرين .
واما الخبرة والجهود المطلوبة لذلك فانها متوفرة من داخل العراق وخارجه ولو تجولنا في المدينة فاننا نجد عمارات وفنادق اهلية مبنية بطراز رائع يدل دلالة واضحة على توفر هكذا خبرات في اعمار المدينة واستحداث مشاريع خدمية تخدم المدينة .
هنالك ميزات تمتاز بها أي مدينة يقصدها الزائر فمنها من يقصدها حتى يستفاد منها لتوفر فرص عمل ومصادر طاقة فيها ، وهناك من يقصدها ليخدمها وينمي الحركة الاقتصادية فيها ، كربلاء المقدسة من النوع الثاني فان كربلاء تحتضن حرمين مقدسين يقصدهما الاخيار من شتى اصقاع الارض فلماذا لا نستغل هذه الميزة بالشكل الصحيح لاظهار ثقافة الاسلام اولا والتطور ثانيا والاستفادة المادية ثالثا ؟
كل هذه الجهود متعلقة بجهد معنوي ضروري للنهوض بالمدينة واذا ما فقد هذا الامتياز المعنوي فكل الامتيازات المادية والمعنوية لا تنفع ولا يمكن لها ان تنهض بالمدينة ، هذا الامتياز هو النزاهة والغيرة والايمان بالهدف المنشود من اجل كربلاء تقربا الى الله عز وجل بعيدا عن الربح المادي الذي يكون هدفا ثانويا .