ممارسة النقد في المجتمعات الديمقراطية من الثوابت الرئيسة التي لايجوز الاستغناء عنها والسعي الحثيث لترسيخها من خلال منظمات المجتمع المدني وغيرها ذات الصلة بالموضوع، ولاسيما النقد السياسي الذي يشمل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية والبرلمان السلطة التشريعية بالاضافة الى النقد الذاتي داخل المؤسسات الحزبية عند اية اخفاقة سياسية للايمان المطلق بان النقد يعتبر الدافع الرئيسي للعملية السياسية الى الامام، ويصحح المسيرة حال خروجها من مسارها المخطط لها، وليس المانع الذي يعرقل التقدم المنشود. اما المشهد العراقي وفي هذه المرحلة الحساسة التي تشهد الاستعدادات لاجراء الانتخابات التشريعية في 16 كانون الثاني 2010 كانت التوقعات ان لاتتخلف عن الركب في ترسيخ الديمقراطية والتاكيد على ممارسة النقد الموضوعي المستند على ادلة ووقائع ملموسة تحدد الخلل في الاداء التنفيذي او التشريعي او مسيرة الشخصيات السياسية من اجل التقويم والسير قدما نحو الامام لتجاوز الارث السابق، ولكن المؤسف ان هناك العديد من الجهات المتنفذة والشخصيات السياسية في الحكومة او البرلمان تبدي امتعاضها من ممارسة النقد دون ان تعرف حقيقة ان رصد الاخطاء وتصحيحها من المطالب الضروية لاصلاح اداء السلطة التنفيذية او الاداء السياسي بصورة عامة، ولكن من يرفض النقد في هذا المسار لايبحث سوى عن تحقيق مكاسب على حساب الاخرين ووصل الامر عند بعض السياسيين الى المطالبة علنا بعدم انتقاد الاخرين في هذه المرحلة التي تشهد الاستعداد للانتخابات لانه يؤدي حسب ارائهم الى خلق فجوة بين المرشحين للانتخابات والناخب ،وهناك من يريد التركيز على الايجابيات فقط دون ذكر السلبيات ومؤسسات يفترض ان تشجع على ترسيخ ممارسة النقد أبدت امتعاضها من النقد ومجلس النواب انموذجا ومثله الهيئات المستقلة الاخرى. هذا من جانب ومن جانب اخر من يبدي انتقاداته يتلقى سيلا من الاتهامات تصل في اغلب الاحيان الى وصفه بانه ضد العملية السياسية والديمقراطية في العراق الجديد، ولكن لابد من التاكيد في هذا المجال على النقد البناء الذي لايهدف الاساءة الشخصية لتحقيق مكاسب خاصة فحسب وإنما ذلك الذي يؤدي الى تقويم المسيرة لخدمة المجموع، وهناك من يريد ان ينتقد لاجل استهداف اشخاص او رموز ومن دون ان يكون لديه ما يستند عليه في انتقاده وهذا مرفوض من قبل الجميع ولابد من الوقوف ضده وكشف مآرب اصحابه علنا امام الراي العام. على من يخوض المعترك السياسي ان يضع النقد امامه في أية لحظة وان يتميز برحابة الصدر لتقبل النقد البناء وان يرى فيه الاتجاه الصحيح.
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- لماذا ترتفع درجات الحرارة في العراق؟
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة