- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البرلمان العراقي مركز صراع حزبي وليس قوة توحد العراقيين
دار الجدل كثيرا داخل البرلمان العراقي حول موضوع استضافة الوزراء الفاسدين والمهملين واستجوابهم من قبل النواب، ذلك لأن المجلس منقسم الى العديد من الفئات الحزبية. وكل فئة تتمسك بدعم وزيرها الفاسد أو المهمل وترفض استجوابه، وبالمقابل تهدد باستجواب الوزير الفلاني المحسوب على هذه الفئة أو تلك اذا تم استجواب وزيرها.
كما أن الحكومة هددت البرلمان بأنها ستفتح ملفات الفساد للنواب المتحمسين للاستجواب، وهذا يعني ان الطرفين، الحكومة والبرلمان، (أولاد قرية كلمن يعرف أخيّه) يعترفان بفسادهما.
ودار الجدل كثيرا حول قوانين تشريعية يصل عددها الى أكثر من 40 قانونا ظلت مركونة على الرف من دون أن يقدم البرلمان على اقرارها، ومنها ما يتعلق بقضايا حيوية تتعلق باستقرار العراق سياسيا واقتصاديا ودفع المشاكل العالقة الى سبيل الحل، ولكن تم ترحيلها الى البرلمان القادم لعدم وجود توافق برلماني حولها. والسبب هو ان الفئات الحزبية المتربصة بعضها لبعض في البرلمان كل واحدة لها رأي مختلف عن الأخرى بهذا القانون أو ذاك والجميع مختلف حول كل شيء.
ومثل هذه الأمور كثيرة ويومية. فما ان يطرح موضوع على البرلمان حتى تسارع (الفئوية) والمذهبية والحزبية المهيمنة على ثقافة البرلمان الى الاختلاف حوله حتى يستعصي التفاهم والاتفاق عليه فيتم تأجيله الى البرلمان القادم لكي يستريح الجميع من (دوخة الرأس). لهذا باتت القضايا المؤجلة أكثر مما يتوقعه المرء، وكأن البرلمان القادم سيكون وريثا لجميع مخلفات السابق.
وخير مثال نستقيه من ماضي السنوات الأربع لهذا البرلمان هو بقاؤه ما يقارب السنة غير متفق على انتخاب رئيس يحل محل الرئيس المستقيل.
وحسب رأي المواطنين فإن التشريع الوحيد الذي حاز على المناقشة من دون اختلاف والقبول السريع بالاجماع من هذا البرلمان هو قانون مخصصات ومكافآت النواب ونظام السفرات والانتداب للخارج.
وحسب رأي الكثير من المتابعين للشأن السياسي العراقي فإن البرلمان الذي يطالب الحكومة العراقية باعطائه دورا رقابيا نشيطا وينتقدها لأنها تعطل دوره ولا تلبي مطالبه، هو أيضا مثل الحكومة يقوم بتعطيل دورها ومنابزتها وتبادل الحملات الاعلامية معها بحيث لا تخلو وسيلة اعلام يومية من مبارزة سياسية بين نواب البرلمان والحكومة تذكرنا بأيام المعارضة في لندن.
قد يرى البعض أن الخلافات بين البرلمان والحكومة أمر طبيعي وظاهرة مرئية في الأوضاع السياسية العربية والدولية. غير أن الأمر بالنسبة للعراق بات لا يحتمل في بلد يحتاج الى قوة توحده والى عزيمة تسرع في اعادة بنائه وتعميره بعد كل هذا الخراب ودولة تستقر على قاعدة سياسية قوية وليست على نخبة سياسية متناحرة، كل يركض لنفسه ولحزبه.
ظاهرة عجز البرلمان عن اخراج العراق من محنته هي واحدة من الظواهر الكثيرة التي تجعل العالم ييأس من اصلاح أمر العراق ما لم تحصل معجزة أخرى تشبه معجزة اسقاط النظام الدكتاتوري السابق.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- الحصانة البرلمانية